التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 02:16 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا تخالف الجزائر الإجماع العربي؟

تبتعد الجزائر عن السياق العربي ونمط المواقف السياسية المتناغمة فيما يخص العلاقات مع دول الجوار أو مع الأزمات السياسية في البلدان العربية.


وبرز الخلاف الجزائري تجاه كثير من القضايا العربية، خصوصا حول ليبيا وسوريا، واليوم نشاهد ردة فعل جزائرية رافضة لعملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين في اليمن.


وجاء الرفض الجزائري، على التدخل العسكري في اليمن صراحة، على لسان وزير خارجيتها، رمضان لعمامرة، مطالبة بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.


ورأى مراقبون أن الجزائر لديها انشغالات داخلية تغنيها عن أي تدخل في شؤون بلاد مجاورة، حيث إنها تتبع سياسة "اللاموقف" لدرء أي غضب داخلي تجاه السياسات الجزائرية.


في وقت يؤكد فيه آخرين أن التجربة الجزائرية في مرحلة العشرية السوداء والنص الدستوري، يمنعان الجيش الجزائري من الانغماس في أي تجارب خارجية.



نص دستوري
الأكاديمي الجزائري، إسماعيل معراف، يؤكد لـ "دوت مصر"، أن الموقف الجزائري بالنسبة للتدخل العسكري في كثير من القضايا، أو التحالفات العربية، داخل اليمن أو ليبيا، مرتبط أولا بأن الجزائر كانت بعيدة نوعا ما عن المجالين العربي والأفريقي، ودبلوماسيتها غائبة ومنشغلة في قضايا داخلية، منها مسألة مكافحة الإرهاب واستعادة والأمن والسلم الداخلي".


ويتابع معراف، "إن الجيش الجزائري حسب النص الدستوري ذو عقيدة دافاعية لا يمكن له أن يخرج عن الحدود ويتدخل في شؤون دولة ذات سيادة وعضو في الجامعة العربية والمجتمع الدولي، فهذا ما يبرر به المسؤولين الجزائريين سياسي التراخي هذه".


ويوضح معراف "الوضع في الجزائر منكفئ على ذاته، وهناك الكثير من القضايا الداخلية التي لها وزن، وتؤثر على القرار السياسي في الجزائر، وناهيك عن ذلك، فإن السلطة في الجزائر غير شرعية، وهي ما زالت تبحث عن شرعية ومشروعية، لا سيما أن هرم السلطة منذ 5 سنوات مريض ولا يمكن أن يقوم بأداء مهامه".



العلبة السوداء
ويشير معراف إلى أن أصحاب القرار أو ما أسماه "العلبة السوداء"، "منشغلون بترتيب سيناريوهات مقبلة، تتعلق بمن سيخلف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حيث إن هناك جناحين في المؤسسة الرئاسية، جناح يريد أن يمرر لشقيق الرئيس ومستشاره سعيد بوتفليقة، ليكون في السلطة، وجناح آخر يريد تولي مدير الديوان ورئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، السلطة".


ويربط معراف بين السياسة الجزائرية والعلاقات الدولية التي تملكها "الجزائر الآن لديها علاقات وترتيبات مختلفة مع دول عالمية وعواصم كثيرة، وأتكلم عن فرنسا بالخصوص، التي تجمعها مع السلطة الجزائرية علاقات قوية واستراتيجية، هذه العلاقة تجعل النظام الجزائري بعيدا عن المنطقة العربية وانشغالاتها، إضافة إلى ذلك أن النظام  لا يريد أن ينغمس في أي توجه يثير الرأي العام الجزائري، فهو غاضب جدا من السلطة فيما يخص الكثير من القضايا الداخلية، وهناك احتجاجات على مستوى البلد، مما يوشي بأن النظام يستعمل سياسة  اللاموقف حتى لا يبدو أمام الرأي العام بأنه متخاذل، إلا أن هناك تصور مستقل يجب قراءته من خلال التصريح الأخير لنائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد بن حلي، حول الموقف الجزائري من اليمن، حيث أكد بأن الجزائر ما تقدمه على وسائل الإعلام شيء وداخل الكواليس شيء آخر".



القمة العربية
أستاذة العلوم السياسية في جامعة الرباط المغربية، إكرام عدناني، تقول لـ"دوت مصر"، "عدم مشاركة الجزائر في عاصفة الحزم، تثير العديد من التساؤلات، خاصة وأن الجزائر تملك ترسانة عسكرية قوية، وهي أحد أكبر الجيوش العربية".


وتضيف إكرامي، "الجزائر سبق وأعلنت بشكل صريح عن عدم موافقتها على التدخل العسكري في اليمن والدعوة لإيجاد حل سلمي، وهو ما يفسر أيضا عدم مشاركتها في القمة العربية المنعقدة بشأن هذا الموضوع".



العلاقات مع طهران
وتتابع "الجزائر تريد الحفاظ على علاقتها مع إيران التي يؤكد الجميع وقوفها وراء الحوثيين باليمن، خاصة وأن لا تهديد للجزائر من المد الايراني بالمنطقة العربية، كما أن الدستور الجزائري ايضا يقيد مشاركة الجزائر في أية عمليات خارج حدوده، ولطالما انتهجت الجزائر والمغرب سياسة عدم الانخراط في لتحالفات العربية ضد دولة معينة".


الأستاذ في كلية العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أحمد يوسف، قال لـ "دوت مصر"، "بعد الجزائر عن القضايا العربية والاهتمام بها بسبب الفارق الجغرفية بين الجزائر ومنطقة الأحداث العربية، إضافة إلى ذلك أن الحكومة قريبة من السياسة الفرنسية، وتسير وفقها، إضافة إلى ذلك، إن الدستور الجزائري يمنع الجيش من التحرك خارج البلاد في قضايا غير معنية بها، حيث أن الجزائر مر بتجربة مريرة في حرب التحرير من فرنسا، حيث قدمت أكثر من مليون شهيد، وهو أمر لا تريد الجزائر تكراره، إضافة إلى العشرية السوداء التي قتل فيها عشرات الآلاف من الجزائريين".