التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 01:12 ص , بتوقيت القاهرة

من هو "شيخ الصحفيين" وصاحب أول عضوية في نقابتهم؟

لم يدر بخلد الشاب حافظ محمود وهو يخطو خطواته الأولى في عالم الصحافة، أن التاريخ سيخلد اسمه، وأنه سيكون صاحب بطاقة العضوية رقم "1" بنقابة الصحفيين التي استمر النضال لتأسيسها قرابة الستين عاما، حتى خرجت للنور في مثل هذا اليوم منذ 74 عاما.


ترأس حافظ محمود تحرير جريدة "الصرخة" وكان أصغر رئيس تحرير في مصر، إلا أنه لم ينل لقب أصغر رئيس تحرير فقط، ولكنه نال أيضا لقب أطول من تولى رئاسة التحرير في مصر، إذ استمر "محمود" لمدة 24 عاما رئيسا لتحرير 6 صحف مختلفة، منها جريدة "الصرخة" و"السياسة الأسبوعية" و"السياسة اليومية" ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة "القاهرة المسائية"، ورئيس تحرير جريدة "الجمهورية"، ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة "الصحافة الشهرية".


كان حافظ محمود أحد مؤسسي مشروع "القرش" وكان يهدف إلى جمع تبرعات بمعدل قرش من كل موظف لإنشاء مصنع طرابيش، حتى لا يتم التعامل مع المصانع التي تديرها بريطانيا.


وأصدر محمود صحيفة "الصرخة" وعمره لا يتجاوز 25 عاما، وحينما صار الدكتور محمد حسين هيكل وزيراً للثقافة، قرر أن يتنازل عن رئاسه تحرير صحيفة "السياسة" إلى تلميذه حافظ محمود.


وفي فترة الأربعينيات، تقابل حافظ محمود مع ضابط بالجيش تم فصله ولمس في أسلوب كلامه حسا أدبيا، فاقترح عليه أن يمارس الكتابة الصحفية.. فكان هذا الضابط هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات.


لعب حافظ محمود، دوراً أساسيا في تأسيس نقابة الصحفيين، في صباح 31 مارس 1941 ، وكانت مكافأته أن عُين عضوا في مجلس النقابة في المجلس المؤقت لها لحين انتخاب نقيبا للنقابة الوليدة.


 حينما تأسست النقابة، بدء صراع من نوع آخر داخل النقابة نفسها، إذ أراد أصحاب الصحف السيطرة علي ميزانية ومجلس إدارة النقابة ومنصب النقيب أيضا، وتجلى الأمر بوضوح في أول جلسه للمجلس المؤقت الذي تولى إدارة النقابة، لحين إجراء الانتخابات، فقد تم اختيار كل من حافظ محمود ومصطفى أمين كممثلين للصحفيين الشبان.


وانقسم الصحفيون إلى مصريين والشوام الذين سيطروا على الصحافة المصرية منذ سبعينيات القرن التاسع عشر، ووقف حافظ محمود ضد سيطرة "الشوام" على مجلس النقابة، وخاض حربا شرسة لترشيح محمود أبو الفتح صاحب ورئيس تحرير جريدة "المصري" لمنصب نقيب الصحفيين، كما هاجم  تقديم جبرائيل تقلا أوراق ترشحه لمنصب النقيب، وبالفعل تراجع تقلا باشا، وأصبح محمود أبو الفتح بالتزكية أول نقيب للصحفيين، أما حافظ محمود فقد تم انتخابه كأول وكيل عام للنقابة والمحررين.


 ويومها كان حافظ محمود عند جبرائيل تقلا بمكتبه بالأهرام، فنظر الأخير إلى حافظ محمود شذرا وقال له: "اتفضل قوم من هنا وغادر المبني فوراً أحسن أقتلك" ثم تمتم في مرارة:" كيف يكون محمود أبو الفتح نقيبا للصحفيين وهو محرر عندي؟"، حسبما ذكر مصطفى أمين في سلسلته سنة أولى سجن، وخاض في الفترة من مارس حتى ديسمبر 1941 أول انقلاب في الصحافة المصرية لتخليصها من سيطرة الصحفيين "الشوام" وجعل مصائرها في يد الصحفيين المصريين.


وانُتخب حافظ محمود عضوا في مجلس النقابة 26 دورة متتالية، وهو رقم قياسي باعتراف اتحاد الصحفين العالمي، ولم يكن حافظ محمود مجرد عضو، بل تولى العديد من المناصب داخل المجلس، أولها حينما كان ممثل الصحفين الشباب 1941، وكيل عام النقابة لمدة 21 دورة انتخابية متتالية، وسكرتير عام النقابة لمدة 13 دورة متتالية ونقيب الصحفيين لمدة 4 دورات متتالية، وعضو مجلس النقاب لمدة 26 دورة متتالية.


وفي يوليو 1941 بدأت نقابة الصحفيين في إصدار بطاقات الهوية للصحفيين، وكان أول من تقدم بطلب البطاقة هو حافظ محمود، ليسجل التاريخ أنه كان العضو الأول في نقابة الصحفيين، وأن بطاقته الصحفية حملت رقما فريدا رقم "واحد" في خانه القيد.


لقب حافظ محمود بـ "شيخ الصحفيين" تخليدا لتاريخه الذي قضاه مدافعا عن المهنة، والذي امتد قرابة التسعين عاما، حتى خروج جثمانه من مسجد عمر مكرم في 26 ديسمبر 1996، في جنازة مهيبة، بدأها بعضوية أول مجلس لنقابة الصحفيين الذي تكون من 6 محررين و6 من ملاك الصحف، كان في مقدمتهم بشارة تقلا صاحب ومؤسس جريدة الأهرام التي كان يعمل بها.