حافظ محمود.. النقيب رقم "1" قائد أول انقلاب في الصحافة المصرية
لم يدر بخلد الشاب حافظ محمود، وهو يخطو خطواته الأولى في عالم الصحافة، أن التاريخ سيخلد اسمه، وأنه سيكون صاحب بطاقة العضوية رقم "1" بنقابة الصحفيين التي استمر النضال لتأسيسها قرابة الـ60 عاما، حتى خرجت للنور في مثل هذا اليوم منذ 74 عاما.
ترأس حافظ محمود تحرير جريدة "الصرخة"، وكان أصغر رئيس تحرير في مصر، المفارقة أنه لم ينل لقب أصغر رئيس تحرير فقط، ولكنه نال أيضا لقب أطول من تولى رئاسة التحرير في مصر، إذ استمر "محمود" لمدة 24 عاما في هذا المنصب، لكن لـ6 صحف مختلفة، "الصرخه والسياسة الأسبوعية والسياسة اليومية"، ثم رئيس مجلس إداره ورئيس تحرير جريدة "القاهرة المسائية"، ورئيس تحرير جريدة "الجمهورية"، ورئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير جريدة "الصحافة الشهرية".
وكان حافظ محمود، أحد مؤسسي مشروع "القرش"، وكان يهدف إلى جمع تبرعات بمعدل قرش من كل موظف لإنشاء مصنع طرابيش، حتى لا يتم التعامل مع المصانع التي تديرها بريطانيا.
وتولي رئاسة تحرير صحيفة "الصرخة"، وعمره لا يتجاوز 25 عاما، بفعد أن صار الدكتور محمد حسين هيكل وزيرا قرر أن يتنازل عن رئاسة تحرير صحيفة السياسة إلى تلميذه حافظ محمود.
وفي فترة الأربعينات تقابل حافظ محمود، مع ضابط بالجيش تم فصله ولمس في أسلوب كلامه حسا أدبيا فاقترح عليه أن يمارس الكتابة الصحفية، فكان هذا الضابط هو الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
تأسيس نقابة الصحفيين
ولعب حافظ محمود دورا أساسيا في تأسيس نقابة الصحفيين، في صباح 31 مارس 1941، وكانت مكافاة أن عُين عضوا في مجلس النقابة في المجلس المؤقت لها لحين انتخاب نقيبا للنقابة الوليدة.
وتأسست النقابة.. بدء صراع من نوع آخر داخلها هي نفسها، إذ أراد أصحاب الصحف السيطرة على ميزانية ومجلس إدارة النقابة ومنصب النقيب أيضا، وتجلى الأمر بوضوح في أول جلسة للمجلس المؤقت الذي تولى إداره النقابة لحين إجراء الانتخابات فقد تم اختيار كلا من حافظ محمود ومصطفى أمين، كممثلين للصحفيين الشبان.
وانقسم الصحفيون إلى مصريين وشوام الذين سيطروا على الصحافة المصرية منذ سبعينات القرن التاسع عشر، ووقف حافظ محمود ضد سيطرة "الشوام" على مجلس النقابة، وخاض حربا شرسة لترشيح محمود أبوالفتح صاحب ورئيس تحرير جريدة المصري، لمنصب نقيب الصحفيين، ومهاجما تقديم جبرائيل تقلا، أوراق ترشحه لمنصب النقيب، وبالفعل تراجع تقلا باشا، وأصبح محمود أبوالفتح بالتزكية أول نقيب للصحفيين، أما حافظ محمود فقد تم انتخابه كأول وكيل عام للنقابة والمحررين.
كان حافظ محمود، يومها عند جبرائيل تقلا، بمكتبه بالأهرام، فنظر الأخير إلى حافظ محمود شذرا وقال له: "اتفضل قوم من هنا وغادر المبني فورا أحسن أقتلك" ثم تمتم في مراره:" كيف يكون محمود أبوالفتح نقيبا للصحفيين وهو محرر عندي؟"، حسبما ذكر مصطفى أمين، في سلسلته سنة أولى سجن، وخاض في الفترة من مارس حتى ديسمبر 1941 أول انقلاب في الصحافة المصرية لتخليصها من سيطره الصحفيين "الشوام" وجعل مصائرها في يد الصحفيين المصريين.
انفرادات حافظ محمود
انتخب حافظ محمود عضوا في مجلس النقابة 26 دورة متتالية، وهو رقم قياسي باعتراف اتحاد الصحفين العالمي، ولم يكن حافظ محمود مجرد عضوا بل تولي العديد من المناصب داخل المجلس أولها حينما كان ممثل الصحفين الشباب 1941، وكيل عام النقابة لمدة 21 دورة انتخابية متتالية، وسكرتير عام النقابة لمدة 13 دورة متتالية ونقيب الصحفيين لمده 4 دورات متتالية وعضو مجلس النقابة لمدة 26 دورة متتالية.
وفي يوليو 1941 بدأت نقابة الصحفيين في إصدار بطاقات الهوية للصحفيين، وكان أول من تقدم بطلب البطاقة، هو حافظ محمود ليسجل التاريخ أنه كان العضو الأول في نقابة الصحفيين، وأن بطاقته الصحفية حملت رقما فريدا رقم "واحد" في خانة القيد.
لقب بشيخ الصحفيين، تخليدا لتاريخه الذي قضاه مدافعا عن المهنة، والذي أمتد قرابة التسعين عاما، حتى خروج جثمانه من مسجد عمر مكرم في 26 ديسمبر 1996، في جنازة مهيبة، بدءها بعضوية أول مجلس لنقابة الصحفيين الذي تكون من 6 محريين و6 من ملاك الصحف، كان في مقدمتهم بشارة تقلا، صاحب ومؤسس جريدة الأهرام التي كان يعمل بها.