التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 11:22 م , بتوقيت القاهرة

حق العودة.. "الوطن أحلى من الطريق إليه"

"حق العودة".. حلم يزيد عمره على نصف قرن، يراود كل لاجئ فلسطيني طرد من موطنه وحرم من جنسيته.

"حق العودة".. منذ نكبة 1948، حينما دمرت إسرائيل مدنا وقرى فلسطينية تحولت أطلالا يبكى أصحابها عليها، ومستوطنات يهودية، ورغم كونه حلما "حلالا" للفلسطينيين، استنادا للقانون الدولي الذي اتفق عليه العالم، أصبح "حراما" عليهم.

ليبقى إحياؤهم ليوم أرضهم الفلسطينية، في مثل هذا اليوم من كل عام، تأكيدا على تمسكهم به، حاملين مفاتيح منازلهم، التي يتوارثونها جيلا بعد جيل، على أمل العودة يوم ما.

حق مكفول

الحق الذي يكفل للفلسطينيين العودة إلى أراضي 48 والـ67، وحق التعويض على المعاناة من هجرتهم من وطنهم، مكفول بمواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، الذي صدر في 10 ديسمبر/ كانون الأول عام 1948؛ إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 13 على أن " لكل فرد حق مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده".

وقد تكرر هذا في المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان، مثل الأوروبية والأمريكية والأفريقية والعربية، ففي اليوم التالي لصدور الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، أي في 11 ديسمبر 1948، صدر القرار الشهير رقم 194 من الجمعية العامة للأمم المتحدة ،الذي يقضي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض (وليس: أو التعويض) وأصر المجتمع الدولي على تأكيد قرار 194 منذ عام 1948 أكثر من 135 مرة ولم تعارضه إلا (إسرائيل)، وبعد اتفاقية أوسلو عارضته أمريكا.

غير قابل للتصرف

واستنادا إلى حق تقرير المصير الذي أكدته الأمم المتحدة لكل الشعوب عام 1946، وخصت به الفلسطينيين عام 1969 وجعلته حقا غير قابل للتصرف، في قرار 3236 عام 1974، فإن كل اتفاق على إسقاط حق غير قابل للتصرف "باطل قانونا"، وتنص المادة الثانية من معاهدة جنيف الرابعة لعام 1949 على أن "أي اتفاق بين القوة المحتلة والشعب المحتل أو ممثليه باطلة قانونا، إذا أسقطت حقوقه".

بالقانون الدولي

القرار 194 تعامل مع قضية هؤلاء اللاجئين كقضية إنسانية فقط، لكن هذا التوجه تغير عام 1970، ففي قرار الأمم المتحدة رقم 2649 الصادر في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1970، اتجهت المنظمة العالمية - لأول مرة - إلى معالجة مشكلة الفلسطينيين كشعب له حق قانوني ثابت في تقرير مصيره، فجاء في عنوان القرار "إدانة إنكار حق تقرير المصير خصوصا لشعوب جنوب أفريقيا وفلسطين". 

واعترفت الجمعية العامة بقرارها رقم 2672 لشعب فلسطين (وليس للاجئين الفلسطينيين) بحق تقرير المصير، مطالبة إسرائيل مرة أخرى باتخاذ خطوات فورية لإعادة المشردين، وراحت الأمم المتحدة في كل عام تؤكد على حق عودة اللاجئين إلى "ديارهم وأملاكهم التي شردوا عنها واقتلعوا منها"، وتبدي قلقها لعدم إحراز تقدم في الموضوع.

نقطة تحول

غير أنه ومنذ نهاية حرب يونيو/ حزيران عام 1967، وحتى حرب الخليج الثانية عام 1991، إذ تعززت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بفعل الانتصار الذي حققته إسرائيل على الجيوش العربية، مستخدمة أسلحة أمريكية، جاء هذا التعزيز على حساب العرب، لتأتي المبادرات الأمريكية ناظرة إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس أنها قضية إنسانية بحاجة إلى حلول واقعية، تتركز حول التعويضات والتوطين في البلدان العربية المجاورة.

وبعد حرب الخليج الثانية، وحتى نهاية فترة الرئيس الأمريكي (آنذاك)، بيل كلينتون، في عام 2000، وما اشتملت عليه هذه الفترة من أحداث وتطورات مهمة على الصعيد الفلسطيني، مثل التوقيع على اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر/ أيلول عام 1993 وإنشاء السلطة الوطنية، وعقم عملية التفاوض مع الإسرائيليين، وانطلاق انتفاضة الأقصى، وظهور حماس على المسرح السياسي الفلسطيني، أخذت كثير من المبادرات الأمريكية في هذه المرحلة طابع المشاريع البحثية والأكاديمية، التي بقيت تعكس المقاربات مع المواقف الإسرائيلية، التي ترى وجود الفلسطينيين على أرضهم ينسف من الأساس مشروعهم لإقامة دولة يهودية على الأرض.

إحياء القضية
وبعد اتفاقية أوسلو، التي وضعت القضية في قائمة القضايا المؤجلة للحل الدائم، نشط اللاجئون في التعبير عن أنفسهم، وتأطير مؤسساتهم، فظهر الكثير من المؤسسات واللجان والاتحادات والمراكز والجمعيات الخاصة باللاجئين، وراء هدف مشترك هو الحفاظ على قضية اللاجئين، وإبقاؤها حية في أذهان الأجيال القادمة، وإبراز خطاب حق العودة في جميع أدبياتها، والتحذير من المساس بحقوق اللاجئين، ومن أهمها لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، التي تشكلت عام 1994 في الضفة الغربية، ومجال عملها في الداخل والخارج، وصدر عنها الكثير من النشرات والبيانات والمواقف الجريئة والداعية إلى رفض أي تنازل عن حق العودة.

تشكيل الائتلاف

بدعوة من المركز الفلسطيني لحقوق المواطنة واللاجئين "بديل"، عقد اللقاء التنسيقي الأول للاتحادات الشعبية ولجان حق العودة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وسوريا ولبنان، والأردن، وأوروبا وأمريكا، في الفترة الممتدة من 6 – 10 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2000 في قبرص، ونوقشت خلال اللقاء الكثير من أوراق العمل، وتم الإعلان عن ميلاد ائتلاف حق العودة ليشكل "لوبي" شعبي ضاغط باتجاه إحقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف.

واستمر الائتلاف في عقد لقاءاته بشكل سنوي، حيث عقد اللقاء الثاني سنة 2001 في العاصمة البلجيكية بروكسل، واللقاء الثالث في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن سنة 2002، وقد عقد 11 لقاءا حتى الآن لهيئته العامة، والتي تعتبر المرجعية العليا للائتلاف وتختار من بين أعضائها منسقا عاما في كل دورة عادية لها، ويتوزع أعضاء الائتلاف على 4 أقاليم هي: فلسطين، الوطن العربي، أوروبا، أمريكا الشمالية والجنوبية.

مسيرات العودة
وفي خضم ما بات يعرف بـ"ثورات الرييع العربي"، والمصالحة الفلسطينية، نظّم اللاجؤون الفلسطينيون مسيرات عرفت بمسيرات العودة، والتي كان هدفها الدفع نحو المصالحة بين الفصائل الفلسطينية ووضع حق العودة في دائرة الضوء، إلا أنه خلال الأشهر الأولى من الثورة السورية، تجنبت هذه المسيرات التورط في الأزمة السورية ورفض القائمون عليها أي توظيف للاجئين في الصراع من قِبل النظام السوري أو من قِبل بعض الفصائل الفلسطينية.

الأزمة مستمرة

خلال السنوات القليلة الماضية تضاعفت الانتهاكات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وأصحابها عبر مصادرتها ومن ثم منحها للمستوطنين بعد ضمها ضمن ما يعرف بأملاك الغائبين، وبدت حدة غير مسبوقة في القرارات والقوانين التي يتم إقرارها داخل الكنيست، لاسيما بعد تزايد نفوذ اليمين المتطرف داخل الحلبة السياسية بإسرائيل.

يوما سنعود

وفيما شهدت الفترة الأخيرة تكثيف البناء الاستيطاني بالضفة الغربية، ظل التمسك بيوم الأرض والحرص على الاحتفال به داخليا وخارجيا، تأكيدا على ارتباط أبناء الشعب الفلسطيني بوطنهم، كارتباطهم بمفاتيح منازلهم التي ظلوا محتفظين بها حتى الآن، ولسان حالهم يقول: يوما سنعود.