عزيزي الشيخ.. مش عاوزين النهاردة.. ولا بكرة.. ولا بعد مائة سنة
ليس غريبا أن يخرج علينا شيخ أزهري متحدثا عن حرمة الاحتفال بعيد الأم فالنقاش يبدأ مع أي إسلامجي من نفس المنطلقات التالية في الفلو تشارت التالية:
(1) إما أنت مسلم أو أنك كافر.
(2) إذا كنت مسلما فالإسلام له أحكام شرعية معروفة باسم الشريعة، يجب تنفيذها ولو رفضت ذلك فأنت كافر.
(3) مهما بدت لك هذه الأحكام غير عقلانية أو ظالمة، فيجب أن ترضخ لها بامتثال كامل، باعتبار أنها كاملة وعظيمة وصالحة لكل زمان ومكان، وأنها أحكام إلهية وضعها الذي هو أعرف بحالك أيها المخلوق من نفسك إاذا رأيتها غير ذلك فأنت كافر.
(4) إقامة هذه الأحكام هو وظيفة ولي الأمر، فإن لم يقمها فهو كافر، والدولة كافرة والمجتمع جاهل، ويجب أن تصدق كفر الدولة وجاهلية المجتمع، وتتبرأ من الطاغوت المتمثل في اتباعهما إذا لم تفعل فأنت كافر.
(5) طالما أنت مؤمن بصحة هذا ورافض للطاغوت، فلا بد من الولاء والبراء أن توالي (جماعة المومنين)، وأن تتبرأ من المشركين وموالاتهم ومصادقتهم ومجالستهم ومخالطتهم والاحتفال بأعيادهم، وإذا لم تفعل فأنت كافر.
(6) مادمت مخالطا لجماعة المؤمنين، فيجب عليك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك بقلبك أولا ثم بلسانك ثم بيدك، والمرجع في ذلك لازدياد قوتك ولدرجة التمكين في الأرض، وذلك استنادا لأنه (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع ....)، إذا رفضت ذلك وقلت لاشأن لي بالغير، وأنت قادر، فأنت كافر.
(7) وهذا كله يقتضي في النهاية ألا تطاردك الشرطة أو أجهزة الدولة، وتمنعك من هذا الأمر بالمعروف الذي تفرضه علي الناس، والذي هوفريضة عليك كمسلم باعتبار ( ولتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف....)، فإذا منعوك فحق عليك جهادهم (حتي تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الطاغوت هي السفلي)، ولا بد لتنفيذ هذا الهدف من الجهاد، إما بنفسك أو مالك، أما إذا رفضته مطلقا فأنت كافر بإنكارك وتعطيلك للجهاد.
(8) الجهاد يجب أن يكون تحت راية خلافة علي منهاج النبوة، فإذا رفضت الخلافة تقتل أما إذا رفضت مبايعة الأمير فستقتل أيضا، استنادا لوصية عمر بن الخطاب لابنه عند مسألة الترجيح بين الستة الذين يخلفونه. أما إذا بايعته فطاعته واجبة، ولا يجوز الخروج عليه.
الخلاصة أن الاختيارات كلها تتراوح بين اختيارين فقط في الواقع أحدهما هو الكفر والآخر هو الامتثال الكامل والخضوع والتصديق بكل ما يريدون من الحجاب إلى الشريعة، ومن قتال العالم كله إلى جواز الاستمتاع بالصغيرة وجواز معاشرتها إن كانت تطيق الخ.
إذا رسمت هذه الأيديولوجية أمامك، فستجد أن قوة هؤلاء لا تنبع إلا من الضعف والتخاذل أمامهم، والقبول بمنطقهم الفاسد عبر الخضوع باستمرار للابتزاز باسم المقدسات.
إنها شريعة فحاكمية فخلافة فداعش.
يعلم هؤلاء الدجالون جيدا أن الإنسان السوي لا يستطيع تحمل القناعات والأفكار الواردة في تلك المرحلة الثامنة، مالم تتم تهيئته لها مسبقا بكل المراحل الأخرى؛ لهذا تجد موقع "إسلام ويب" القطري يحذف كل بضعة أيام فتوى جديدة من موقعه، فتارة يحذف فتوى الزواج بالصغيرة، وتارة أخرى يحذف فتوى جواز الحرق بالنار، وتارة ثالثة يحذف فتوى تدمير التماثيل والآثار.
إذن فكلما قامت داعش بعمل إجرامي جديد استنادا لفكرهم وفتاواهم، فإنهم يخرجون من الموضوع بحذف الفتوى مؤقتا، دون مراجعة الفكرة أو محاسبة قائلها. لماذا ؟ لأنهم لو وضعوا قاعدة تحكيم العقل فيما يقولون، فقد فقدوا هالة القداسة التي تمكنهم من تمرير ما يشاؤون.
لهذا كله فليس علاج مشكلة الإرهاب أو التخلف أو مشروع الخلافة الفنكوشي في محاولة البحث عن معتدلين أو وسطيين في معسكر الإسلامجية، فمعني هذا بالضبط أن تقف علي أرضيتهم ليبدأوا ابتزازك مرة أخرى، والحصول علي مكاسب تنقلك بعيدا عن الهدف.
العلاج هو إعلاء سلطة العقل فقط. لا تناقش في أي قضية علمية أو تاريخية من منظور ديني، بل بالعلم والعقل، لا يهمني القانون الذي تراه يرضي الله، بل يهمني القانون الذي يحقق راحة الإنسان. لا تجادل في أي قضية بحثا عن إرادة الله، فلا أنت ولا أنا نعرفها، ولكني أعرف سعادة الإنسان وإرادته.
كل نقاش في مجتمعنا في قضايا مثل تعدد الزوجات، اختلاف ميراث الذكر والأنثي ، الختان ، التبني وأطفال الشوارع، عمل المرأة، الحريات الشخصية إلخ، ينتهي قبل ان يبدأ بدعوى ضرورة الاحتكام للشريعة.
لسنا في حاجة إلى مجموعة معممين ليقرروا لنا ما يصح وما لايصح، وليقنعونا أن الظلم عدل، وأن الختان مكرمة، وأن الإرهاب جهاد، وأن الحرية فسق.
لسنا في حاجة لمزيد من الجهل ولا التسلط.
مش عاوزين النهاردة ...ولا بكرة ..ولا بعد مائة سنة..