التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 07:55 م , بتوقيت القاهرة

صلاح الدين الأيوبي.. "بطل ولا اشتغالة"

بعد أن قررت وزارة التربية والتعليم حذف عددا من الدروس داخل المناهج الدراسية في إطار حملتها لإزالة كل ما يتعلق بالتطرف والإرهاب منها، ثار الجدل حول إحدى الشخصيات المحذوفة، وهي الناصر صلاح الدين الأيوبي.


البعض اعتبر أن ما فعلته وزارة التعليم "إثم" يجب التوبة عنه، وآخرون هللوا لاعتبار أن الأيوبي كان بطلا مصطنعا، وهو في الحقيقة "سفاك لدماء المسلمين"، وفي هذا التقرير سنعرض ما يقال عن إن صلاح الدين بطل حقيقي ومجاهد إسلامي، أو هو مجرد شخصية ضخمها النظام الناصري كغيرها من الأساطير، مثل أدهم الشرقاوي، لخلق ثقافة البطل الأوحد صاحب الانتصارات.


قتل 92 ألف صعيدي


البداية كانت مع أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الراحل، أحمد السايح، فهو أول من صرح علانية في عام 2009، في أثناء مداخلة له مع قناة العالم الإخبارية، حيث قال نصا: "نحن نعلم من التاريخ أن مصر، وخاصة الصعيد كانوا شيعة، وحولهم صلاح الدين الأيوبي إلى أهل السنة، بعد أن قتل منهم 92 ألفا، وهذا يجعلهم الآن متمسكين بآل بيت النبي أكثر من غيرهم".


له وعليه


أما الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، ممثلا في أمينه العام، عبدالحليم العزمي، فيرى أن صلاح الدين يحسب له وعليه مواقف، فيقول إنه لا يقدر أحد أن ينكر أنه قتل من الشيعة الكثيرين، مؤكدا أن هذا التصرف غير مقبول، لكنه كان سنة الدول حال قيامها، فكل دول تقضي على كل مظاهر الدولة السابقة لها، وفي حالة الأيوبي كان يريد القضاء على الدولة الفاطمية الشيعية بكل تفاصيلها.


وأضاف العزمي، في تصريح لـ"دوت مصر"، اليوم الثلاثاء، أن صلاح الدين له مكانة عند الصوفية، فهو أكثر الحكام نشرا للتصوف، وفي عهده تم فتح الكثير من الأسبلة والتكيات الصوفية، إضافة إلى ذلك أهدى حي المغاربة للمجاهدين المتصوفة أصحاب أبي مدين الغوث بعد فتح القدس، بعد أن قطعت يد أبي مدين فأعطاهم الحي، وسماه بالمغاربة نسبة إلى بلدة أبي مدين، مؤكدا أن أكثر جند صلاح الدين كانوا متصوفة.


وطالب العزمي أن يتم إبراز إيجابيات صلاح الدين، والتغاضي عن سلبياته، لما فعله مع الصليبيين وتحرير بيت المقدس.



"اشتغالة" عبدالناصر


أما أمين الدعوة والإعلام الأسبق بمجمع البحوث الإسلامية، النادي البدري، فيرى أن الأيوبي أسطورة ضخمها النظام الناصري، من أجل "اشتغال" المصريين، وبث فكرة القائد الأوحد صاحب البطولات، ليستخدمها عبدالناصر كشرعية لحكمه، متسائلا: "كيف يقال في فيلم "الناصر صلاح الدين" على لسانه أنه خادم العرب ويحارب من أجل العروبة، وهو كردي ليس بعربي؟".


واتهم البدري، الأيوبي، في تصريح لـ"دوت مصر"، اليوم الثلاثاء، بأنه كان متحالفا مع الملوك الصليبيين ضد الدولة العباسية، واصفا فتحه للقدس بـ"اللعبة" التي أراد أن يقرها لكي يظهر في عين العرب والمسلمين، بأنه البطل الهمام صاحب استرجاع القدس، مشيرا إلى أن الأيوبي سلم إمارات أخرى للصليبيين عن تراضي، وهي من الناحية الاستراتيجية أهم لاعتبارها مدنا ساحلية، متهما الأيوبي بقتل عشرات الآلاف من المصريين، وقفل الأزهر الشريف لأكثر من 100 عام.


"رضي الله عنه"


أما أستاذ العقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، أحمد كريمة، فيقول إن صلاح الدين الأيوبي قائد "قل أن يجود الزمان بمثله"، مؤكدا أنه من أعلام المجاهدين المسلمين، قائلا عنه "رضي الله عنه وأرضاه".


وأضاف كريمة في تصريح لـ"دوت مصر"، اليوم الثلاثاء، أن الوقت الحالي هو وقت "التلطيش"، مشيرا إلى ما اعتبره هجمة كبرى على رموز الإسلام وقادته وأعلام الأمة، مؤكدا أن هذا ما أشار إليه النبي حين قال: "لا تقوم الساعة حتى يلعن آخر هذه الأمة أولها"، واصفا من يهاجمون رموز التاريخ الإسلامي بأنهم "شرار الناس"، وما يفعلوه "أشياء يندى لها الجبين".



نشر للانهزامية


واعتبر أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر، عبدالمقصود باشا، أن الهجوم على الأيوبي يصب في مصلحة أعداء الأمة الإسلامية، وينشر الانهزامية بين المسلمين، مؤكدا أنه أسطورة تاريخية في التسامح والأخلاق والحرب والسلام، مضيفا أنه سجل اسمه في التاريخ الإنساني كله، وليس الإسلامي فحسب.


ووصف باشا، في تصريح لـ"دوت مصر"، اليوم الثلاثاء، مهاجمي صلاح الدين بـ"الأفاكين"، الذين يحاربون المسلمين في دينهم وتاريخهم، نافيا غلقه للجامع الأزهر، موضحا أنه نقل الصلاة إلى مسجد عمر بن العاص، لأن الأيوبي كان يدين بالمذهب الشافعي، وهو ما يفتي بأن الصلاة الجامعة تكون في مسجد واحد في البلدة.


وبخصوص ما حدث بين الأيوبي والفاطميين، يرى باشا، أنه كان صراعا على السلطة وليس له علاقة بالدين، مشددا على ضرورة استشارة علماء الأزهر في المناهج الدراسية الدينية والتاريخية، وألا يكتب واضعو المناهج التاريخ وفق أهوائهم ورغباتهم الشخصية، مؤكدا أن تاريخ كل الأمم مليئا بالدماء، فالتاريخ الإسلامي ليس متهما، وغيره من تواريخ الأمم بريئة.