التوقيت الإثنين، 04 نوفمبر 2024
التوقيت 08:33 م , بتوقيت القاهرة

بعد "ذهب الفرات".. هل يمهد "داعش" لظهور المهدي؟

نشر أحد المنتديات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" صورا زعم أنها لكنوز ذهبية تم العثور عليها بعد انحسار منسوب مياه نهر الفرات في إحدى المناطق، وهلل أنصار التنظيم في المنتدى الجهادي وغيره بأنه عصر الخلافة، وأن وعد الله حق.


هذه ليست المرة الأولى التى ينشر فيها تنظيم "داعش" خبرا يتعلق بنبوءة إسلامية، فالتنظيم من قبل هدد بفتح القدس وروما، وعند المسلمين المهدي هو من يفتحهما، ثم كرر التنظيم أكثر من مرة أن موعده مع أعدائه معركة دابق، وهي معركة ستحدث وقت حكم المهدي، ولم يتورع التنظيم، وهو يذبح المصريين في ليبيا، أن يعلن أن ما يفعله سيستمر حتى ينزل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام.



ذهب الفرات
فكرة إعلان داعش وأنصاره عن انحسار المياه وظهور ذهب في مجرى الفرات، ليست بالأمر العابر، فالتنظيم يستندل على  أن هناك حديثا نبويا يتحدث عن ذلك، ويعتبر انحسار الفرات عن جبل من ذهب علامة من العلامات الكبرى لقيام الساعة في الإسلام.


الحديث الذي يعرض هذه النبوءة حديث صحيح متفق عليه عند البخاري ومسلم في صحيحيهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يُحْسَر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، فيقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا أنجو.


وجاء في مسلم أن النبي قال: يوشك الفرات أن ينحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال: فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون.



معنى الأحاديث


اجتهد مجموعة من علماء المسلمين في توضيح معاني هذا الحديث، كان منهم الإمام النووي، الذي قال في شرحه لصحيح مسلم: "معنى انحساره، انكشافه لذهاب مائه، وقد يكون بسبب تحول مجراه، فإن هذا الكنز أو هذا الجبل مطمور بالتراب، وهو غير معروف، فإذا ما تحول مجرى النهر لسبب من الأسباب، ومر قريبا من هذا الجبل كشفه".


وحلل الحافظ ابن حجر، في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري، إشارات الحديث، الذي جاء بلفظين، أحدهما "جبل من ذهب" والآخر "كنز"، فقال "سبب تسميته كنزا باعتبار حاله قبل أن ينكشف، وتسميته جبلا للإشارة إلى كثرته.


وقت الحدوث


العلامة شمس الدين القرطبي أقر برأي القاضي الحليمي، وأورده في كتابه "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة"، بأنه يقع في زمن عيسى بن مريم عليهما السلام، فإنه ذكر حديث حسر الفرات ثم قال: فيشبه أن يكون هذا الزمان الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المال يفيض فيه فلا يقبله أحد، وذلك في زمان عيسى عليه السلام، ولعل سبب هذا الفيض العظيم ذلك الجبل مع ما يغنمه المسلمون من أموال المشركين.


ونقل الحافظ ابن حجر أقوال العلماء التي عدت انحسار الفرات عن جبل الذهب من علامات ظهور المهدي، مستدلين بما رواه ابن ماجة من حديث ثوبان "يقتتل عند كنزكم ثلاثة، كلهم ابن خليفة، ثم لا يصل إلى واحد منهم، ثم تقبل الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم - ثم ذكر شيئا - فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي"، فإن كان المراد بالكنز الذي في حديث أبي هريرة، دل على أنه إنما يقع عند ظهور المهدي قبل نزول عيسى وخروج النار، لكن ابن حجر علق بقول "لكن ليس هناك ما يعين ذلك".



ماذا عن الخسف؟


مما عرضناه في هذا الموضوع والموضوعات السابقة، يتبين أن داعش يرسم واقعا هو يريده ويريد أن يعيش المسلمون فيه، ليقفوا معه ويساندوا دولته باعتباره جند المهدي الذي يحارب من أجل إقامة دولته، مع إنه حتى وفق هذه النبوءة وغيرها فإن داعش هو الجند الخاسر في الأحداث الكبرى، لأن الجيش الذي يقاتل على ذهب الفرات، ليس أمامه إلا الهزيمة، وبالتالي الإنتهاء، أو الانتصار والتوجه إلى مكة، فيخسف به بين مكة والمدينة، في البيداء تحديدا، كما جاء في الأحاديث النبوية، لكن داعش لا يكمل النبوءات لآخرها، مستغلا عدم معرفة الناس بالسيناريو الختامي الكامل للأمة الإسلامية.