التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 05:28 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا ذاب الجليد "الآن" بين السعودية وتركيا؟

"الرئيس رجب طيب أردوغان قطع جولته الأفريقية وتوجه للسعودية، لتعزية الملك الجديد، ولحضور جنازة الملك الراحل".. هكذا جاء إعلان رئاسة الجمهورية التركية، عقب وفاة خادم الحرمين الشريفين، عبدالله بن عبدالعزيز، بمثابة مبادرة لفتح صفحة جديدة من العلاقات التركية السعودية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد صراع خفي، أشبه بحرب باردة، بحسب وصف صحيفة "المونيتور" الأمريكية، للهيمنة على السنة وزعامة المنطقة.



ولم يمض أسبوع على زيارة أردوغان إلى المملكة معزيا، حتى رست الفرقاطة الحربية التركية، "تي جيه جي- بويوك أدا"، في ميناء جدة، إيذانا ببدء تعاون عسكري من نوع جديد، تلتها زيارة رئيس هيئة أركان الجيش التركي، نجدت أوزال، للسعودية في 19 فبراير/شباط الماضي، التي أعلنت عودة التنسيق العسكري بين البلدين، قبل أن يفعلها الرئيس التركي ثانية، ويصل إلى الرياض، السبت الماضي، في زيارة استغرقت 3 أيام، للقاء العاهل السعودي، الذي استقبل ضيفه بمراسم عسكرية، في مطار "الملك خالد الدولي"، مع عدد من المسؤولين السعوديين.



وتباحث الطرفان حول الأوضاع الراهنة في المنطقة، وعلى رأسها الملفات الإيرانية والسورية واليمنية، بالإضافة لتطورات الأحداث على الساحة الدولية، وركزا على على القضايا السياسية والاقتصادية وقضايا الأمن والدفاع وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، ليصبح "عدو الأمس صديق اليوم"، ويبقى السؤال الأبرز حاليا "ماذا تستفيد السعودية من عودة العلاقات مع تركيا؟".



مواجهة إيران


مواجهة إيران تمثل أحد أهم ركائز تعزيز التعاون بين البلدين، فالتقارب الإيراني- الغربي، والأمريكي تحديدا، في الفترة الأخيرة، الذي وصل إلى أبواب مرحلة التفاهم، يفتح الباب للتكهنات حول مصير السعودية كمتكأ للسياسات الأمريكية ودور تركيا كعضو الناتو المتقدم في الشرق الأوسط، مما يشكل خطرا على مكانة الدولتين ودورهما في المنطقة، بحسب محللين سياسيين.


كذلك فإن تمدد المشروع الإيراني، الذي بات يسيطر على الحواضر الرئيسة في كل من العراق وسوريا ولبنان وصولا لليمن، لنشر التشيع، وزعامة العالم الإسلامي، يشكل حافزا آخر لكلا الجانبين حتى يضعا جانبا خلافاتهما وينسقا في مواجهة هذا التمدد، خاصة وأن إيران حاولت من قبل تأجيج الصراع الطائفي بشمال السعودية ذو الكتلة الشيعية.



إسقاط الأسد


وأكدت وكالة "الأناضول" التركية، أن أردوغان والملك سلمان اتفقا، خلال لقائهما الأخير، على ضرورة زيادة الدعم المقدم للمعارضة السورية بشكل يفضي إلى نتيجة ملموسة، حيث يتفق الجانبان على حتمية إسقاط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، رغما عن إرادة الولايات المتحدة، كمقدمة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والذي بات مصدرا لتهديد العالم.



وبحسب تقرير نشرته "انتليجنس أونلاين" الفرنسية، أواخر العام الماضي، عمل الأتراك منذ البداية مع السعوديين والقطريين على تمويل المجموعات المسلحة، مع غلبة واضحة للسعودية في تمويل جبهة ثوار سوريا في الشمال، وتمويل الكويت والإمارات لأحرار الشام أكبر فصائل المعارضة.


أمن الخليج


نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، اختتم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، جولة أفريقية بزيارة الصومال التي تعتبرها حكومة أنقرة بوابة استراتيجية تسمح لها بالسيطرة على مضيق باب المندب، وهضبة إثيوبيا، حاملا استراتيجيات لدول القرن الأفريقي، المنعزلة نسبيا، قد تتعارض مع مصالح اقتصادية وسياسية واستراتيجية لدول الخليج والدول العربية بشكل عام، بحسب شبكة "سكاي نيوز عربية".



غير أنه بالنسبة للسعودية التي تتعامل مع هذه المنطقة باعتبارها مسألة أمن قومي، وتسعى لتحقيق الاستقرار فيها، بعدما وجدت في اشتداد المعارك العسكرية فى صيف 1977 في القرن الأفريقي، تهديدا شيوعيا ضد دولة عربية إسلامية هى الصومال، وحركة تحرر إسلامية فى إريتريا، من قبل إثيوبيا، وتهديد آخر لمنابع البترول وطرقه خاصة فى البحر الأحمر، وفي ظل حسابات التنافس الإيراني- الإسرائيلي في هذه المنطقة، قد يبدو الأتراك يقدمون أنفسهم بديلا أكثر استقرارا وبعيدا عن الصراعات.


اليمن والعراق


وتتقاطع المصالح السعودية التركية على صعيد اليمن، حيث يرفض الجانبان قيام حركة أنصار الله (الحوثيين)، المدعومة من طهران، بوضع يدها على السلطة في صنعاء، عبر تشكيل "اللجنة الثورية" من جانب واحد، بينما المفاوضات متواصلة برعاية المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر، للخروج من الأزمة السياسية في البلاد.



وفيما بحث رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في اتصال مع ولي العهد السعودي، آنذاك، الأمير سلمان بن عبد العزيز، أوائل العام الجاري، "الجهود المشتركة" ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، الذي يسيطر على على غالبية أنحاء محافظة الأنبار في غرب العراق، والتي تتشارك حدودا طويلة مع سوريا والأردن والسعودية، وصلت طائرتا شحن محملتان بمساعدات عسكرية تركية، إلى العاصمة العراقية بغداد، أمس الثلاثاء، حيث أكد بيان للسفارة التركية استمرار أنقرة في بذل ما بوسعها للمساهمة من أجل وحدة العراق واستقراره، وأمنه، ورفاهيته.