كيف نقسم الدوائر؟
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية تقسيم الدوائر الانتخابية، وقام رئيس الوزراء إبراهيم محلب بتشكيل لجنة لتعديل القانون وإعادة رسم الدوائر الانتخابية بشكل يتماشى مع الدستور والملاحظات الأخيرة للمحكمة الدستورية.
تصميم النظم الانتخابية وتقسيم الدوائر ليس مجرد عمل قانوني أو ترجمة للإحصائيات السكانية، بل هو عمل سياسي بالأساس، ويعكس رؤية وأهداف المجتمع فيما ينبغي تحقيقه من العملية الانتخابية.
التقسيم السابق الذي اعترضت عليه المحكمة الدستورية لم يعبر عن أي رؤية سياسية، والمعيار الأساسي الذي استند عليه وهو عدد السكان في نطاق قسم الشرطة الذي تقع الدائرة في نطاقه، وحتى ذلك المعيار لم يتم تطبيقه بشكل عادل، وأتيح لبعض الناخبين أن يتم تمثيلهم بنائب واحد، في حين أتيح لآخرين التمثيل بثلاثة نواب، أي أن وزن الصوت الانتخابي اختلف من دائرة إلى أخرى، وهو ما يتنافى مع مبدأ العدالة في إطار الدوائر الفردية.
اقتراحي للجنة تعديل قانون تقسيم الدوائر هو تبني النظام البسيط والمتبع في معظم دول العالم وهو نظام نائب واحد لكل دائرة انتخابية.
نظام نائب واحد لكل دائرة يحقق العديد من المزايا:
أولا: يساعد على تصغير حجم الدوائر من حيث المساحة الجغرافية وعدد السكان التى تشملهم، وبالتالى يسهل تواصل النائب مع أبناء الدائرة وتفاعله مع مطالبهم، كما يخفض حجم التكلفة للحملات الانتخابية وليس العكس كما يدعي البعض.
ثانيا: الدوائر الصغيرة يمكن ترسيمها بحيث تتيح تمثيلاً برلمانيًا لبعض الفئات التي لا تستطيع النجاح في الانتخابات في الدوائر الكبيرة لكونهم أقليات داخلها مثل المسيحيين وأهل النوبة على سبيل المثال، وبحيث لا يقتصر وجودهم في البرلمان على القوائم أو التعيين، وقد استخدم العديد من الدول هذا الأسلوب بما فيها الولايات المتحدة، وقامت بترسيم نطاق الدوائر الانتخابية كي تضمن تمثيلاً للأقليات في برلمانها، ودون أن يكون في ذلك مخالفة للقانون أو الدستور.
ثالثا: سيساعد انتخاب نائب واحد للدائرة فى القضاء على ظاهرة التحالفات التي تتم بين المرشحين- في الدوائر التي تنتخب أكثر من نائب- بهدف المساندة المتبادلة، والتي كان الإخوان المسلمين أكثر المستفيدين منها.
لو فشلت اللجنة في تبني نظام نائب واحد لكل دائرة انتخابية لأسباب فنية كما أثير من قبل، فعلينا في هذه الحالة فقط أن نعود إلى نظام نائبين لكل دائرة، وبقدر الإمكان وفقا لحدود الدوائر التي كانت متبعة قبل عام 2011، والتي اعتاد عليها الناخبون والمرشحون.
علينا أن نتبنى نظاما بسيطا وعادلا للانتخابات، وأن نبتعد عن التعقيدات والاختراعات التي تبناها القانون السابق.