الحسكة السورية.. ثروة نفطية وتنوع عرقي
تعتبر محافظة الحسكة من المحافظات السورية ذات الأهمية الاقتصادية والتاريخية، إذ أنها المورد الرئيسي للبترول في سوريا إضافة إلى أنها سلة الغذاء الاستراتيجي في البلاد.
جغرافيّا تقع الحسكة شمال شرق سوريا، حيث لها حدود طويلة مع تركيا والعراق، ويقطن فيها أكثر من مليون نسمة، يعملون معظمهم بالزراعة.
ثروة اقتصادية
تقع مدينة الحسكة "مركز المحافظة" وسط سهل نهري خصب، حيث يمر فيها نهر الخابور الذي ينبع من مدينة رأس العين على الحدود مع تركيا، ويتجه النهر جنوبا ليرفد نهر الفرات بالقرب من مدينة دير الزور، ويصل طوله مسافة تمتد إلى 400 كلم، وتقع المحافظة على ارتفاع 300 متر من النهر عند تلاقيه جنوبا مع نهر جغجغ.
تعتبر الحسكة مدينة ذات ثروة اقتصادية، حيث تنتشر فيها حقول النفط والغاز الطبيعي، ومن أشهرها حقول السويدية ورميلان، إضافة إلى حقول الهول والجبسة، كما أنها مركز زراعي، تشتهر بزراعة القطن والقمح والشعير والسمسم والذرة الصفراء والبطاطا وفول الصويا والخضروات بأنواعها إضافة إلى التفاح والعنب.
ثكنة عثمانية
تقسم محافظة الحسكة إلى 4 مناطق و14 ناحية، ومن أهم مدن وبلدات هذه المحافظة: الحسكة مركز المحافظة، والقامشلي، واليعربية والشدادي والمالكية وتل حميس وعامودا ورأس العين والقحطانية وتل براك، بالإضافة إلى العشرات من القرى المنتشرة خصوصا قرب الموارد المائية لاسيما قرى الخابور.
مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كانت الحسكة عبارة عن ثكنة عثمانية، أقيمت في تلك المنطقة لأهميتها الاستراتيجية، وتم بناء مركز لفرقة عسكرية وذلك عام 1907 في عهد السلطان عبد الحميد الثاني.
استولت عليها لاحقا قوات الاحتلال الفرنسي في بداية العشرينيات من القرن العشرين ثم ازدادت المباني والبيوت من حولها.
أغلبية عربية
تغلب على محافظة الحسكة القبائل العربية، وتسمى أرض قبيلة مضر التي تقابلها أرض قبيلة بكر في تركيا وأرض قبيلة ربيعة في العراق، وتسكن في محافظة الحسكة قبيلة طيء وهي قبيلة قديمة تسكن في كافة مناطق الجزيرة الفراتية، إضافة لقبائل الجبور والعبيد وشمر وزوبع والشرابين والمغمورين والجحيش والجوالة وبني سبعة وحرب والراشد والبوعاصي والغنامة والمعامرة وعنزة وربيعة والمشاهدة، وتضم الحسكة أيضا أقلية كردية وأقلية سريانية أصغر في مدينة القامشلي ورأس العين، وهي مدن حدودية ملتصقة بالمدن التركية، وقد طالبت تركيا بتعديل الحدود وضمها لأراضيها وتم بحث الموضوع عام 1998 من قبل الحكومة السورية.
تأسست المدينة في بدايات القرن الماضي، سكنها المسيحيين القادمين من تركيا بعد اقتطاع أراضي سورية لتركيا، كولاية ماردين وديار بكر وغيرها، كما وفد إليها الأكراد من نصيبين وجنوب تركيا إضافة لمواطنين سوريين من مختلف المحافظات السورية الأخرى.
ممالك قديمة
وتعتبر الحسكة غنية بالمواقع الأثرية التي تعود للألف الثالث قبل الميلاد مثل حموقار التي يعتبرها علماء الآثار من أقدم مدن العالم، وتل حلف، وتل براك، وتل شاغر بازار(تل حطين)، وتصنف المحافظة رسمياً ضمن المحافظات النامية في البلاد.
وتشير معلومات تاريخية إلى أن الحسكة لها تاريخ قديم، كانت تشكل منطقة الجزيرة امتدادا لإمارة جزيرة ابن عمر، وقد جاءت تسمية الجزيرة أساسا من وفرة المياه النهرية خصوصا محاذاتها لنهري دجلة والفرات.
وحسب المعهد الدولي لدراسات ميزوبوتاميا وجامعة كاليفورنيا وجميع البعثات الأثرية العلمية الدولية فإن هذه المنطقة كانت جزءا من مملكة بيت النهرين الآرامية ومماليك آرامية اخرى وكانت جزء من الدولة الآشورية.
وأيضا سكن المنطقة قبائل من شعوب والآراميين والعموريين البدو الذين سيطروا على المنطقة وبقيت الحسكة ضمن الإمبراطوريه الآشورية لفترة طويلة إلى أن تمكن البابليين من هزيمتهم في عام 612 قبل الميلاد في العام الذي سقطت فيه عاصمة آشور نينوى.
العموريين والكنعانيين
وقسم المؤرخون عالم هذه البلاد إلى سومر وأكاد في الجنوب الشرقي، وعيلام في الشمال الشرقي وعمورو ـ بلاد العموريين ـ في الجنوب الغربي، وسوبارتو في الشمال الغربي، ويقع وادي الخابور ضمن مملكة سوبارتو التي كانت تمتد من مدينة عيلام في بلاد الرافدين إلى جبال طوروس، وقد عثر في لوحات جغرافية محفوظة في المكتبة الملكية لآشور بانيبال على لفظة "سوبارتو" التي كانت مهد المدنية وحضارات قديمة متلاحقة، خضعت المنطقة للكنعانيين الذين استولوا تدريجياً على القسم الغربي من سوبارتو، وبعدهم حكمها الحثيين الذين قطنوا في تركيا شمال الجزيرة السورية جعلوا عاصمتهم مدينة "واشوكانى"، عند ينابيع الخابور.