التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 11:07 ص , بتوقيت القاهرة

مصر تحتاج إلى ترتيب الـ"سي في" عند التحدي

كانت إسرائيل قلقة - أثناء حرب يوليو/ تموز 2006 - من نتيجة سياسية كارثية، مفادها أن تثبت الحرب لأمريكا والغرب أن إسرائيل، حائط الصد المتقدم في المنطقة العربية، قد تعجز عن أداء هذا الدور في ظل المتغيرات الدولية.


حرب 2006 كانت حربا بين دولة إسرائيل وميليشيا حزب الله شبه النظامية. وأثبتت الحرب، رغم أنها انتهت لصالح إسرائيل سياسيا، أن مواجهة ميليشيا عملية صعبة جدا على أي جيش نظامي ولو كان بقوة الجيش الإسرائيلي، ولو كان يحظى من الدعم السياسي العالمي بمثل ما تحظى به إسرائيل.



فكر الإسرائيليون في أن هذه الحقيقة ستجعل أمريكا تنظر في اتجاهات مختلفة لاستكمال منظومة الأمن في منطقة الشرق الأوسط. وكانت تركيا الدولة الأبرز للعب هذا الدور. تتميز عن إسرائيل بأنها إسلامية. وتتميز عن العراق بأنها سنية.


تركيا التقطت وقتها الخيط، بمساعدة حليفتها قطر، وحاولت أن تدخل على خط المتاهة اللبناني، بديلا للسنة في لبنان عن السعودية. لكنها لم تنجح تماما. وإن كان المسعى نفسه باقيا في انتظار ما تسفر عنه الأوضاع في سوريا.


قلق نتنياهو من الاتفاق النووي بين الدول الغربية وإيران، الذي أوصله إلى صدام مباشر مع الرئيس الأمريكي، لم يأت من فراغ. بالإضافة إلى كل الأسباب الواضحة التي تجعل إسرائيل تعارض اتفاقا كهذا فإن نتنياهو - بلا شك - قلق أيضا من تراجع الأهمية الجيوسياسية لإسرائيل في ظل كل هذه الترتيبات. ليضيف قلقا إلى القلق المتصاعد، الذي أشرت إليه أعلاه.


كتبت في أكثر من مناسبة أن مصر يجب أن تنافس تركيا على عقل الولايات المتحدة. لقد أدرك الأتراك والقطريون أزمة إسرائيل تلك، وحاجة أمريكا تلك، وعملا عليها. تركيا تقدم الثقل الإسلامي السني الإقليمي، وقطر تقدم "الترجمة العربية" والتغطية الإعلامية. الدراما المسرحية التي قدمها أردوغان بانسحابه من حوار مع شيمون بيريز، والمحاولة التركية للعودة إلى "التقليد العثمانلي" برعاية سنة لبنان وسوريا، وأزمة سفينة النشطاء الأتراك التي اقتحمها الجيش الإسرائيلي، كلها قدمت كمسوغات من تركيا للاضطلاع بدورها الزعامي في المنطقة.



من الصعب جدا حدوث تطور إيجابي في العلاقات المصرية الأمريكية خلال ما تبقى من حكم أوباما. لكن مصر في حاجة إلى الاستعداد للرئيس القادم. الوظائف المتاحة في المنطقة، لمن يملكون إمكانياتنا، قليلة، لكن بعضها سيكون ذا منافع سياسية كبرى.


في هذه اللحظة التي استطاعت مصر أن تغير لغة الخطاب العالمي إزاء الإرهاب فإن التوقيت مناسب لكي تبرز مصر أهميتها وإمكاناتها، أن تعطي للعالم فكرة عن معنى عبارة "الأثر الثقافي المصري" في المنطقة. وأن تستخدمه لتقوية سيرتها الذاتية.


مصر في حاجة إلى ترتيب الـ"سي في" الخاص بها، وإلى بذل بعض الجهد في تحسين مهارات "الحضور"، والقدرة على ترك انطباع جيد.