التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 07:50 ص , بتوقيت القاهرة

الإنسان الكلب والكلب الإنسان

هل نحتاج أن نُرجع البشر صغارا مرة أخرى وتعاد تربيتهم ونخبرهم بما كان يُقال لنا صغارا دوما:  "رجلٌ سقى كلبا فدخل الجنة وامرأة حبست قطة لا هي أطعمتها ولا هي أطلقت سراحها فدخلت النار"، أين العقل وأين الإنسانية وكل الكلام الجميل في الرفق بالحيوان، حادثة تعذيب الكلب في شارع الأهرام بشبرا غريبة، ليس فقط على أصحاب القلوب الرحيمة، بل أثارت سؤالين مهمين لدى العقلانيين:

1-  شخص طويل عريض ميزه الله بالعقل عن سائر المخلوقات يعمل عقله بعقل كلب؟! بدلاً من أن تقتص من صاحبه للحكومة أو حتى قعدة عرب !! 

2- ما هذا الكم من العنف الدفين داخل فئات كثيرة من المجتمع بل ويبررون له؟!

على الأرجح معملش عقله بعقل كلب فانتقم منه، ولكن يبدو أنه عنفٌ دفين حتى تجاه الإنسان لكن عنفه للإنسان مُجرَّم قانونا فطلع غله في الحيوان، يعنيني في المقام الأول إفراز المجتمع لعنف رهيب منذ أربع سنين، وكأنك عملت ثورة طلع الحيوان اللي جواك !!

أثار الموضوع حفيظتي على الكلاب الضالة في الشوارع برغم أن كلب هذه الحادثة ليس من الكلاب الضالة، ولكن يبدو أنه كان مصدر إزعاج للمواطنين فتخلصوا منه بهذه الطريقة الهمجية، وكيف لا إذا كان رب البيت بالدف ضاربا؟ فالكلاب الضالة في مصر عند التخلص منها تعامل بوحشية، شكاوى عديدة من سنين على هذا الأسلوب، وكأنّ الحكومة لا تجد أي بديل رحيم للتخلص من هذه الكلاب الضالة.

نعم هي كلاب ضالة ومسعورة أحيانا ويسجل المركز القومي للبحوث 250 ألف حالة عقر سنويا للمواطنين، نعم نريد الحفاظ على سلامة المواطنين، ولكن ننادي كما تنادي جمعيات الرفق بالحيوان " لا للقتل الرحيم.. نعم للعزل"، ومعهم كل الحق فهذا القتل الرحيم المزعوم يتم بإطلاق نار الخرطوش على الكلاب أو تسميمها وهو عمل غير إنساني أو متحضر بالمرة، لأن الكثير من هذه الكلاب يُصاب بجروح فقط من الخرطوش ويظل ينزف ويترك ليموت موتا طويلا مؤلما، والسم أيضا يسبب ألما شديدا، بل و تترك جثثهم في الشوارع دون أن تنقل مكملة النهاية بمشهد مقزز وغير حضاري.

ترجح جمعيات الرفق بالحيوان  قيام أطباء متخصصين بعمل عمليات تعقيم لعدم تكاثر الكلاب وتطعيمها أيضا ضد السُعار، لكن الواقع أن عمليات إعدام الكلاب تتم في الشارع على مسمع ومرأى من المواطنين كبارا وصغارا تولد لديهم صدمة تتحول عند البعض لاحقاً إلى عنف غير مبرر.

يؤكد أساتذة الأمراض المعدية بالمركز القومي للبحوث أن تعداد الكلاب الضالة في مصر يقدر بالملايين، ولم تنجح حتى كل الجهود المبذولة من الحكومة للقضاء على هذه الظاهرة، المشكلة تكمُن في أن الكلاب الضالة تنقل أمراض خطيرة للإنسان مثل مرض السعار، الذي يحمله فيروس يتسلل إلى الجهاز العصبي للإنسان، ويؤدي إلى وفاته، غير مشاكل الإزعاج والضوضاء للمواطنين طوال الليل، ومصر بالفعل من المناطق الأكثر خطورة التي يهددها مرض السعار .

دعنا نفكر في حلول جديدة عملية تساعد الحكومة على التخلص من الكلاب الضالة، هل تعلم عزيزي المواطن عزيزتي الحكومة أن دول الشرق الأقصى تأكل لحوم الكلاب؟! وما الضير إن صدرناها لهم !! مش بقول لحضرتك عفوا كلهم، هم أحرار في أنفسهم لسنا محاسبون عنهم ولا هم محاسبون عنا، هم يأكلون غذاءهم المفضل، ونحن نتخلص من الكلاب الضالة بطرق رحيمة واستثمارية جدا .

الحكومة بالأساس عاجزة عن الحلول لوجود عجز مادي، فالخرطوش المستخدم بفلوس والسم بفلوس وفي النهاية تترك الكلاب ميتة على قارعة الطريق !! ألم يحن الوقت أن نفكر بالعقل قليلا ونستفيد ونضرب عشرة عصافير بحجر واحد ؟!

طرق التعامل مع الكلاب الضالة تختلف باختلاف الدول، فالبعض يتحمل وجودها وأخرى ترفض ذلك، في الهند على سبيل المثال تحاصر هذه الكلاب ويتم خصيها وتطعيمها ومن ثم إعادتها لنفس البيئة التي أتت منها، ثمة دول أخرى ترى أن هذه الكلاب تشكل خطرًا صحيًا وتحاول إزالتها بالكامل، لأنها ترى هذه الكلاب مصدرا للخوف والإصابة بأذى وتُسبب حوادث الطرق وتطارد المواشي وتُزعج المشاة.

إذا لم تستطع تقليد هذه الدول في التخلص من الكلاب الضالة بطريقة متحضرة، استفد من الدول الأخرى التي تأكل لحم الكلاب، ففي الصين يحتفل شعبها في الكريسماس بطقوس خاصة وفريدة ترتبط دائمًا بأكل لحوم الكلاب، وهو واحد من العادات الصينية الموروثة منذ مئات السنين، ولا يجد الصينيين أي معاناة في تناول هذا الطعام، والذي ينظرون له على أنه مفيد وصحي للغاية، وتقول الأسطورة الصينية أن تلك العادة مقتبسة من اعتقاد قديم بأن لحم الكلاب يجعل دم الإنسان دافئا، وهو ما يتناسب مع برودة الجو في مثل هذا الوقت من العام .

في الكويت في الثمانينات من القرن السابق، كان هناك منطقة تسمى الكوريات، سميت بهذا الاسم لأن الكوريين الشماليين هم الذين قاموا ببنائها، وكانت تتسم تلك المنطقة بعدم وجود كلاب فيها لأن الكوريين كانوا يأكلونها.

الشعوب فيما تعشق مذاهب فكما تشمئز أنت من أكل لحم الكلاب، وهو محرم عندنا، هم يشمئزون أيضا من أكل بعض الدول العربية للضب والجراد وأقدام الماشية.

عفوا لو شردنا عن موضوع حادثة تعذيب كلب شبرا فهو بالأساس حادث فردي، أثار حفيظتنا لظاهرة عامة غير إنسانية متفشية وضارة بصحة المواطنين، وهي الكلاب الضالة في الشوارع.. دعونا نسير بمبدأ الأهم فالمهم.