التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 12:17 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| السلاح في يد الجميع.. شعار "بلد الذهب الأحمر"

إذا كان الاستثمار في مصر يمشي بخطة بطيئة بسبب الإرهاب والانفلات الأمني، فإن مركز البداري بأسيوط يعاني من أزمة أمنية مزمنة، جعلت عمليات الاستثمار والنمو به شبه مشلولة، الأمر الذي انعكس على أبناءه المحاصرين بنار البطالة والفقر من ناحية وتجارة المخدرات والأسلحة وجرائم الثأر من جانب آخر.


البداري أو بلد "الذهب الأحمر" الشهير بزراعة الرمان على مساحة 7 آلاف فدان تقريبا، بمتوسط إنتاج 20 طنا للفدان الواحد، يعد أحد أخطر الأوكار الإجرامية في صعيد مصر، حتى أطلق عليه "شيكاغو الصعيد" -بحسب التقارير الأمنية- لدرجة أن السلاح هناك أصبح يستخدمه الصبية في التشاجر بينهم في المدارس.


بحسب التقارير الأمنية، فإن مديرية أمن أسيوط تمكنت خلال عام 2013 فقط، عقب 30 يونيو، من ضبط 3 آلاف و157 قطعة سلاح ناري، تنوعت مابين "13 مدفع جرينوف،  781  بندقية آلية،   88  مششخن، 341 مسدسا،  353 سلاحا غير مششخن،  1581 سلاح ناري محلي الصنع"، بالإضافة إلى ضبط  34  ورشة لتصنيع السلاح، و74301 طلقة متنوعة. كما تم ضبط 453 قضية مخدرات، بحوزة 372 متهما.



نشاط إجرامي لم يتوقف


تجارة المخدرات والأسلحة لا زالت نشيطة في البداري؛ ففي شهر يناير الماضي 2015، تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط أحد أفراد تشكيل عصابي تخصص في إتجار  الأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة والمواد المخدرة، وبحوزته "39 بندقية خرطوش تركية الصنع، 6 هياكل لبنادق آلية، وطربتي حشيش"– بحسب ما أعلنت مديرية أمن أسيوط.


وفي نفس الشهر تمكنت مباحث البداري، من ضبط نصف  فدان مزروعة بنبات البانجو، بقرية منشية همام التابعة للمركز، وكمية من المخدر معبأة  في عبوات بلاستيكية وجاهزة للبيع، وذلك بداخل حديقة للرمان واليوسفي.



الثأر


ربما كان الثأر أحد أهم عوامل انتشار تجارة الأسلحة في البداري، فالثأر الذي بينعائلتي " زليتم" و"الزوايدة"، أدى إلى سقوط 50 قتيلا بين عائلتي " زليتم" و"الزوايدة"، و الخلافات التي بين عائلتي  "الشعايبة" و"العواشير" أدت إلى سقوط 12 قتيلا من العائلتين، كما أدت الخلافات بين عائلتي "موسي" و"مهران" إلى مقتل 6 أشخاص من العائلتين، بالإضافة إلى سقوط 5 قتلى في الخلافات الثأرية الواقعة بين عائلتي "غلالبة" و"توم"، وسقوط 8 آخرين نتيجة جرائم الثأر بين عائلتي "القاوية" و"الشعايبة"،  وما ذكر يخص قضايا الثأر الشهيرة فقط بحسب مديرية أمن أسيوط.


أحمد محمد عبدالعال، من أهالي البداري، يقول: بدلا من أن تستثمر العائلات أموالها الناتجة من عائدات تصدير الرمان للدول العربية والأوروبية ، اتجهوا إلى شراء الأسلحة والذخائر وتخزينها للأخذ بالثأر، مطالبا الأجهزة الأمنية واللجان العرفية بالتحرك.



تاجر أسلحة يتحدث


"دوت مصر" التقى بتاجر أسلحة -رفض ذكر اسمه- قال إن الخصومات الثأرية، تعد العامل الأساسي لطرح كميات كبيرة من السلاح الآلي والبنادق الإسرائيلية في البداري، مشيرا إلى أن سعر البندقية الآلية وصل 20 ألف جنيه، مشيرا إلى أن سعر البندقية الروسي يتراوح بين 16 إلى 20 ألفا، وسعر الطلقات الروسي وصل إلى 11 جنيها "جملة"، و15 جنيها للقطاعي، بينما بلغ سعر البندقية الإسرائيلية 24 ألفا، لكن البندقية الصينية رخيصة يتراوح سعرها ما بين ألفين إلى 3 آلاف جنيها، ووصل سعر الطبنجة "9 حلوان" إلى 17 ألفا، بينما بلغت الصينية ألف و500 جنيها، وبلغت الطلقة "9ملم" 14 جنيها. كما وصل سعر فرد الخرطوش ألف و300 جنيها. وأخيرا قال تاجر السلاح إن مدفع الجرينوف بلغ سعره 76 ألفا، أما الصاعق الكهربائي فقد بلغ 700 جنيها لـ"الرجالي" و950 لـ"الحريمي".


تاجر الأسلحة أكد أن حالة الانفلات الأمني التي حدثت بعد 25 يناير وماعرف بثورات الربيع العربي، تسببت في فتح الحدود بين مصر وليبيا والسودان، ما ساعد على تدفق الأسلحة إلى البداري وغيرها، عبر الدروب الجبلية والمراكب النيلية.



معاناة


الحسيني محمد علي، أحد أبناء مركز البداري، يقول إنه فشل في الحصول على فرصة عمل، بسبب عدم وجود مشروعات اقتصادية تتيح فرص عمل للمواطنين، ما اضطره إلى السفر للعمل بالسعودية، مرجعا سبب ذلك للخصومات الثأرية وانتشار السلاح والمخدرات والجريمة بشكل عام، الأمر الذي يجعل الاستثمار هناك صعبا.


ويذكر يسرى عطا سليمان -مدير مدرسة إعدادية بالبداري- أن الطلاب بمدرسته إذا شب بين أي منهم خلافات يتجه على الفور إلى منزله ويحضر البندقية لاستعمالها في التشاجر مع زميله! 


جهود حكومية عرفية


حسني فولي حمدان، المدير العام بالأزهر الشريف، وعضو لجنة المصالحات بمركز البداري، يقول إن لجنة المصالحات نجحت في إنهاء العديد من الخصومات الثأرية بين عائلات مركز البداري، مشيرا إلى إن لجنة مصالحات المحافظة نجحت في خلال السنوات الماضية، أشهرها ما تم بين عائلتي "زليتم" و"الزوايدة"، بعد خلاف على قطعة أرض زراعية بدأ منذ عام 1956، وراح ضحيتها أكثر من 50 شخصا من أبناء العائلتين.


أما نائب مأمور مركز شرطة البداري، العقيد أحمد كشك، فيؤكد "الوضع الأمني تحت السيطرة"، مشيدا بما وصفه بالتعاون بين العائلات في إنهاء الخصومات الثأرية.


وفيما يخص المخدرات، قال كشك، إنه نجح في ضبط أكثر من 46 قطعة سلاح، و50 كيلو من مخدر الحشيش، وأرضا مزروعة بـ"البانجو" خلال شهر يناير الماضي.


فيما يخص المشروعات والتنمية، قال رئيس مركز ومدينة البداري، سامح عبد العليم، إن الوضع الأمني المنفلت وخاصة بعد 25 يناير، أعاق عملية التنمية، خاصة وأن الأهالي ينفقون أموالهم على شراء الأسلحة، كي يستخدموها في جرائمهم الثأرية، ولكن الدولة خصصت 40 فدانا بقرية "عرب مطير" التابعة لمركز البداري، لإنشاء مدينة صناعية لاستخدام الرمان في صناعات غذائية، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيساعد على الحد من البطالة، ويدفع بعملية التنمية إلى الأمام.