خروج الرئيس هادى من صنعاء يغير المشهد السياسى اليمنى
تغير المشهد السياسي اليمنى بعد أقل من يوم على خروج الرئيس اليمنى المستقيل، عبد ربه منصور هادى ، من الحصار الذي فرضته جماعة أنصار الله الحوثيين عليه في منزله لحين ترتيب المرحلة الانتقالية بعد تقديمه استقالته للبرلمان منذ شهر، لكن استمرار المفاوضات بين القوى السياسية والشكوك في نوايا الحلفاء والخصوم على السواء وسياسة التسويف والمماطلة التي لجأ اليها تكتل اللقاء المشترك أدى الى عدم الوصول إلى أي اتفاق.
وما إن أوشكت المفاوضات على التوصل لاتفاق بشأن شكل السلطة التشريعية بعد تقديم حزب المؤتمر (الذي يرأسه الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح) تنازلا بشأن شرعية مجلس النواب، طار هادى إلى عدن ليخلق وضعا سياسيا جديدا خاصة بعد بيانه الذي أعلنه أمس وطالب فيه باسترداد شرعيته، وقوله ضمنا أن الاستقالة كانت بسبب الضغوط التي مارسها الحوثيون عليه ولذلك أكد عدم شرعية القرارات التي صدرت بعد دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر الماضي.
وفى ضوء هذه التطورات أصبح هناك شرعيتان الرئيس المنتخب والذي يحظى بتأييد إقليمي ودولي بل وحتى من أطراف سياسية داخلية عديدة ترى في أنصار الله الحوثيين تنظيما طائفيا أستخدم القوة لفرض سيطرته على الحياة السياسية، وشرعية أخرى يحاول أنصار الله الحوثيين فرضها على الجميع من خلال الإعلان الدستوري الذي أصدروه من جانب واحد.
وكلما تتعقد المفاوضات الجارية تحت، رعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر، تقوم اللجنة الثورية العليا الحاكمة -بموجب الإعلان الدستوري الحوثي -بعقد اجتماع للإعلان عن اجراء جديد في إطار تنفيذ الاعلان لزيادة الضغط على المتفاوضين للتوصل الى حل يجعل لهم شرعية معترف بها.
ويدرك العديد من الاحزاب اليمنية وعلى رأسها تكتل اللقاء المشترك تماما أن المفاوضات الجارية ما هي إلا محاولة من الحوثيين للحصول على شرعية، ولذلك قامت بمحاولات لإطالة أمد المفاوضات لعل تطورات تحدث تساعدها في اتخاذ مواقف قوية في مواجهة الحوثيين، وجاء قرار مجلس الامن الرافض لحصار الرئيس والمطالب بانسحاب الحوثيين من العاصمة ومؤسسات الدولة التي تسيطر عليها وغيرها من المطالب، لتكون فرصة لهذه الأحزاب للمطالبة بعودة الرئيس المستقيل ، والآن فإنها تصر على شرعيته وتدعوه إلى ممارسة مهامه من أي مكان آخر.
وجاءت ردود أفعال اللقاء المشترك لتجعل إمكانية استمرار المفاوضات أمرا صعبا للغاية ، حتى وإن استمرت فإن سقف مطالبها سيرتفع خاصة مع قرب انتهاء مهلة الأسبوعين التي حددها مجلس الامن الدولي للحوثيين ، مما حدا بالشقيق الأكبر لزعيم الحوثيين يحيى الحوثي إلى التصريح بأن هناك محاولات خارجية لإقناع المفاوضين بعدم مواصلة المفاوضات عن طريق تعقيد الحوار وطرح شروط ومطالب كثيرة لعرقلة التوصل إلى حل.
وأضاف عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه خلال الساعات القادمة سترون تغييرا في لهجة بعض المتفاوضين.
ولم يستغرق الأمر وقتا طويلا ، فقد دعا التنظيم الناصري (أحد أعضاء تكتل اللقاء المشترك) الرئيس المستقيل إلى ممارسة مهامه كرئيس للبلاد وإنجاز المرحلة الانتقالية وفقا للمبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة ، وأكد التنظيم أن المفاوضات أصبحت لا جدوى منها ويجب إعادة العملية السياسية إلى مسارها التوافقي والديمقراطي.
وعلى نفس نهج التنظيم الناصر ، سار على الفور الحزب الاشتراكي (شريكه في التكتل ) ، حيث دعا كافة القوى السياسية الى الاستمرار في عملية الحوار وفق صيغة جديدة وفي مكان أكثر أمنا تمثل فيه كل القوى السياسية بما فيها الرئيس وبما يمنع انزلاق البلاد نحو الحرب وانتشار العنف.
وفى هذا الصدد ، أكد على الصراري عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي أنه لا معنى للحوار الآن اذ كان يجري وفق وضع نشأ فيه فراغ في السلطة بعد تقديم هادي والحكومة استقالتيهما وبقائه وعدد من الوزراء تحت الإقامة الجبرية وهو الوضع الذي تغير بعد انتقال الرئيس إلى عدن.
أما حزب التجمع اليمنى للإصلاح "الاخوان المسلمين" فقد هنأ - على لسان محمد قحطان عضو اللجنة العليا للحزب والمشارك في المفاوضات - الرئيس على سلامة وصوله لعدن ( وهو ما يعنى رضاء الحزب عن هذه الخطوة من قبل هادى ) وطالبت اللجنة الأحزاب الثلاثة إلى تأجيل المفاوضات إلى وقت لاحق لمعرفة.
يذكر أن الجلسة المسائية من مفاوضات الحوار لم تعقد مساء الأمس السبت وتأجلت إلى اليوم الأحد ، ومن المتوقع ألا تعقد خلال الفترة القادمة لحين اتضاح الرؤية في تطورات المشهد السياسي وموقف ا لرئيس المستقيل هادى , والذى يرى بعض المراقبين أن خطوة تقديمه استقالته جاءت تحت ضغوط .