الإرهاب وتجارة السلاح
هناك قوتان رئيسيتان تحترف تجارة السلاح وتُتقن وتمتلك أدواته حول العالم، وهما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بجانبهما هناك عدة دول أخرى تتركز معظمها في أوروبا وعلى رأسها فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا.
وهناك أيضا ما يُسمى بالدول الصديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وهى الدول التي تستورد السلاح الأمريكي فقط، وتتمتع بحماية أمريكا العسكرية، وبالتأكيد تضم هذه الدول كل منطقة الخليج العربي، كالسعودية والإمارات والكويت التي حررتها أمريكا من الغزو العراقي والبحرين، وبالتأكيد قطر التي على أرضها أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة خارج أراضيها.
ما حدث مؤخرا وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي، هو اختلال في ميزان التوازنات في المنطقة العربية مع رحيل الرئيس التونسي والمصري والليبيي واليمني، ناهيك عن الحرب الأهلية في سوريا، ودخول روسيا على الملعب السياسي العربي وتغلغلها في المنطقة العربية، وخصوصا في سوريا وهو ما أغضب الولايات المتحدة مؤخرا.
وعلى نفس السياق هل غضبت الولايات المتحدة من التقارب المصري الروسي مؤخرا، وهل أيضا غضبت الولايات المتحدة من صفقة الطائرات المقاتلة الفرنسية إلى مصر.
هل ترجمت الولايات المتحدة غضبها تجاه مصر بعدم دعوة الرئيس المصري لقمة الاٍرهاب بواشنطن، وهل أيضا مشروع قرار مجلس الأمن بشأن ليبيا، الذي لا يتضمن تدخلا عسكريا في نفس الوقت الذي تدخلت فيه مصر عسكريا ردا على ذبح 21 مصريا بدم بارد، يعتبر نوعا من أنواع العقاب ضد مصر.
ولماذا رحب العالم بالطلعات الجوية الأردنية تجاه داعش ردا على حرق الطيار الأردنيّ الكساسبة، ولم تستقبل ضربات مصر الجوية على ذات التنظيم نفس الترحيب؟
إذا ما هي المعايير الدولية التى تحكم الأمر؟ وهل الدبلوماسية المصرية تفشل بانتظام في توصيل وجهة نظرها، وهل القيادة السياسية المصرية تنتظر حتى وقوع الجريمة ثم تتحرك؟
ماذا حدث لمصر والمصريين، لماذا التأخر في أخذ قرار والتعجل في رد الفعل؟ هل أصبحنا عصبيين متعصبين من كثرة الأحداث، هل هناك من يتربص بمصر ومستقبلها والمنطقة العربية من خلفها، هل مصر المنهكة اقتصاديا ومصابة بتخمة سكانية غير مستغلة ما زالت أنوثتها تجذب الرجال والقوى العظمى كما كانت في الماضي.
هل إخراج العمليات العسكرية المصرية على ليبيا والنقد للشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، والتطبيل من أعوان النظام في الفضائيات المصرية متوازن، هناك خلل في المنظومة من جميع الأطراف؟ مصر بحاجه إلى أخذ نفس عميق من قياداتها وشبابها وسياستها الخارجية لإعادة التفكير.
الأسئلة الأهم الآن هل مصر كانت في موقف قوي للتحول تجاه الدب الروسي وشراء الطائرات الفرنسية؟ ماهى الحكمة الاستراتيجية وراء هذا، هل مصر البيروقراطية التي تتباها باللغة الإنجليزية كلغة ثانية، وتناست بفعل فاعل الترجمات الروسية إلى العربية لأنطوان تشيخوف الذي نشب على يده جيل كامل.
التحول الاستراتيجي يحتاج إلى خُطة قومية ورؤية، ليس تحولا يأتي أثناء الليل والعالم نيام، لنفاجئ به الحميع، وكأننا نلعب سياسة في "الحارة المنزنوقه"، وكأن الأمر سيمر مرور الكرام وكأن شيئا لم يكن.
خلاصة القول، يجب أن تتوقع "أن تُلسع يداك عندما تلعب بالنار" هذه هي القاعدة الأولى في الحياة، أو بمعنى آخر وبالعامية المصرية "عاكس القطة تخربشك"، يجب أن تتوقع غضبا عندما تعادي اللاعب الأساسي في المنطقة وتتحول إلى القبلة الروسية وتشتري طائرات من فرنسا.