التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:35 م , بتوقيت القاهرة

حوار| مفتش الوكالة الولية: المشروع النووي المصري سلاح ردع

أكد مستشار وزارة الكهرباء للشؤون النووية، والحاصل على جائزة "نوبل" مناصفة مع محمد البرادعي في عام 2005 ، إبراهيم العسيري، أنه لا يمكن الاعتماد على الطاقة الشمسية بديلا للطاقة النووية، وأوضح في حواره مع "دوت مصر" أن المشروع النووي لمصر بدأ في عهد الرئيس الراحل، جمال عبدالناصر، مشيرا إلى أن الوزارة وضعت استراتيجية لإنهاء أزمة انقطاع التيار بنهاية عام 2020.


- هل مصر مقبلة على أزمة طاقة؟ وما الدافع وراء إنشاء محطة الطاقة النووية؟


نعم إننا بالفعل لدينا أزمة طاقة، ولا بد من اتخاذ قرار مناسب وسريع، والبدء في استراتيجية بعيدة المدى لتنفيذ مشروعات طاقة نووية مدعومة بجميع مصادر الطاقة المتجددة من شمس ورياح وكتلة حية وحرارة جوفية، وإن تأخر هذا الحل فستكون هناك مشاكل مستقبيلة مستعصية الحل.


- هل الطاقة الشمسية هي البديل عن الطاقة النووية في تحقيق التنمية الاقتصادية، كما يردد بعض الخبراء؟


مطلقا، ولا صحة لمن يزعم ذلك، فلا توجد دولة واحدة بالعالم تعتمد على الطاقة الشمسية وحدها، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على 5 مصادر "الغاز الطبيعي – الفحم – البترول – المساقط المائية –الطاقة النووية"، والطاقة النووية بمصر مهمة جدا للتنمية الاقتصادية، للتغلب على أزمة الطاقة الكهربائية، خصوصا أن المحطة النووية الواحدة لها قدرة أكثر من 1000 ميجاوات.


وعلينا التنويع في مصادر الطاقة، فنحن نعتمد على 90% من الكهرباء من الغاز الطبيعي، وعلى 10% من السد العالي، فحينما يكون هناك أزمة غاز طبيعي لا توجد كهرباء.


- ماذا تقدم الطاقة النووية لمصر؟


الطاقة النووية تؤدي لطفرة في التكنولوجيا المحلية، ويدخل صناعات جديدة للسوق المحلي، وسيؤدي لزيادة جودة الصناعة، إضافة إلى أن المحطة النووية ستؤدي إلى تشجيع السياحة، خصوصا أنها أكثر حفاظا على البيئة من الرياح والطاقة الشمسية، والميجا وات أرخص من جميع مصادر الطاقة الأخرى ما عدا الرياح، التي تم استغلالها في مصر بالكامل.


المحطة النووية ستنشأ مجتمعات جديدة، فإنشاء المحطة يحتاج 3000 عامل، وهذا يعود بالنفع على المنطقة كلها سواء بالضبعة أو مرسى مطروح أو المناطق المحيطة.


- لماذا الضبعة؟


الضبعة أفضل المواقع، لأنها قريبة من مصدر المياه، ولا يوجد بها فوارق زلزالية نشطة تحت الأرض ما قد يهدد المفاعل النووي، إضافة لقربها من الميناء لنقل المعدات، وقربها من السكة الحديد، والكثافة السكانية ليست كبيرة بها.


وتم مراجعة الموقع من قبل خبراء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومراجعته عن طريق بيت خبرة سويسري، وأيضا من خلال لجنة استرالية وأمريكية، وبعدها تم الموافقة من خلال لجنة مشكلة من خبراء جولوجيا من مصر، وتم بالفعل الاتفاق مع فرنسا لإنشاء المشروع.


متي بدأ المشروع النووي بمصر؟ وما سبب تأخره حتى الآن؟


بدأ الشروع النووي من الخمسينيات، خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتعاون معنا الروس في إنشاء أول مفاعل نووي في مصر للأبحاث والتدريب عام 1961  في أنشاص، وبعدها كانت هناك محاولات لإنشاء أول محطة نووية في مصر، وكان من المفترض أن تكون في برج العرب على مسافة 20 كيلو مترا غرب الإسكندرية بقدرة 150 ميجا وات.


لكن المشروع تعطل بسبب حرب 1967، حين توجهت إمكانيات الدولة جميعها للإنتاج الحربي، وكان أحد أسباب الحرب هو تعطيل المشروع النووي المصري، فليس من مصلحة إسرائيل إنشاء محطة نووية في مصر.


وبعد حرب أكتوبر 73، تمت اتفاقية بين مصر والولايات المتحدة لإقامة محطة نووية لكن قبل التوقيع فرضت أمريكا شروطا سياسية لم يقبلها السادات وتعطل المشروع، ثم في الثمانينات، وضع السادات خطة لإقامة 8 محطات نووية، ووتقدمت فرنسا، وتم تشكيل مجموعة مشتركة، وتم اختيار 23 منطقة بمصر، ثم تصفيتهم إلى 3 مناطق يصلحون لتنفيذ المشروع، وتم تحديد موقع الضبعة بعدها.


وقبل التوقيع، وقع حادث "مفاعل تشرنوبل"، حينذاك رفض الرئيس الأسبق محمد حسني تنفيذ المشروع، واتخذت الحكومة الحادث شماعة لعدم التنفيذ، في حين قامت أوكرانيا، التي وقعت بها حادث المفاعل، بإنشاء 9 محطات نووية، واليوم تمتلك 15 محطة نووية.


هذ ا دفعني لعدم البقاء في مصر حين كنت أعمل وكيل وزارة الكهرباء، وكنا نرسل مهندسين مصرين للتدريب للخارج، وكان هناك دافع وحافز قوي لإنشاء المشروع، اتجهت للعمل بالوكالة الذرية، وعملت بالتفتيش النووي لجميع المفاعلات النووية على مستوى العالم لمدة 13 عاما.


- وما سبب رفض إنشاء المشروع حتى الآن؟


كل هذه السنوات ضاعت لأن هناك نفوس ضعيفة داخل مصر وخارجها، يهاجمون المشروع النووي دون علم في مجال الطاقة النووية، وتهاجم فقط بناء على مصادر أجنبية ليست من مصلحتها إقامة المشروع، ودائما الرؤساء بمصر ليسوا متخصصين في الطاقة النووية، ويخشون النقد والفشل، إضافة للضغوط الداخلية والخارجية، وافتقاد القرار السياسي المصري.


- هل تمت بالفعل استعدادات حول إنشاء المشروع خلال فترة حكم محمد مرسي؟


قال الدكتور محمد  مرسي خلال فترة ترشحه إن المشروع النووي المصري أول مشروع على مكتبه، ومنذ توليه خلال عام كامل حضرت مناقشات معه بمجلس الشعب ومجلس الشورى ولجنة الطاقة، لكنه لم يعقب على المشروع لا بالرفض ولا بالقبول، وكان دائما يستمع فقط، وسيسجل التاريخ للرئيس السابق عدلي منصور، تصريحاته بأن أهم مشروعين لا بد من إنشائهما هما قناة السويس، الذي أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبدأ بالفعل، ومشروع الطاقة النووية، ما يؤكد أن القيادة السياسية والقرار المصري اليوم بيد الإدارة السياسية المصرية.


- هل هناك تعاون بين وزارة الكهرباء ووزارة الدفاع لإنشاء محطة الضبعة؟


وزارة الدفاع لها دور كبير في تأمين مشروع المحطة النووية وإقامة البنية التحتية، كما تم بمشروع بناء السد العالي، وما يتم الآن بتأمين مشروع القناة الجديد، من اتصالات ومياة وكهرباء ومبان لإقامة العاملين بالمشروع.


- التعاون مع روسيا في المجال النووي، ما هي فوائده؟


تعاوننا مع روسيا قديم وأغلب المصانع الموجودة بمصر كانت بالتعاون معها، كذلك السد العالي وأول مفاعل نووي.. فالروس متفاهمون ولا يضنوا على مصر بالتكنولوجيا النووية أو أي نوع من أنواع التكنولوجيا الأخرى، وأي تدريب أو دراسات لاحقة أعتقد أنها ستكون بالتعاون مع روسيا، لأنهم يعلمون قدر مصر.


- هل امتلاك مصر للتكنولوجيا النووية سيغير علاقتها بالعالم؟


مؤكد، فامتلاك مصر للتكنولوجيا النووية للأغراض السلمية سيكسبها احترام جميع دول العالم ، وهذا ما نسميه "سلاح الردع بالمعرفة" ويضعها ضمن الدول التي لديها إمكانيات جيدة ومتطورة يجعل الجميع يعيد حساباته معها.


- هل هناك علاقة بين أزمة المياة وأزمة الكهرباء؟


نعم أزمة المياة يمكن حلها بتحلية مياة البحر، وهذا يستلزم طاقة، فكيف يمكن حلها وقت وقوعها، خصوصا أن المحطة النووية تستغرق إنشاؤها 5 سنوات بعد أول صبة خرسانية لها، وحتى رفع درجة تشغيلها إلى الدرجة التصميمية.


فهل ننتظر حتى نضطر إلى استيراد الكهرباء من الإمارات التي بدأت بالفعل في إنشاء المحطات النووية، كما نستورد القمح حاليا، مع الفارق في أن القمح يمكن توفير مخزون استراتيجي منه لعدة أشهر لتأمين احتياجات الدولة في حال الأزمات، أما استيراد الكهرباء لا يمكن معه توفير مخزون استراتيجي.


- هل هناك استراتيجية تضعها الوزارة لإنهاء أزمة الكهرباء؟


تضع الوزارة خطة استراتيجية لإنهاء أزمة الكهرباء تماما عام 2020، أي بعد 5 سنوات، حين سيكون هناك 20% من الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة المتجددة، والتنويع في مصادر الطاقة من أجل التأمين، فجزء تحصل عليه الطاقة النووية وجزء من الفحم وجزء من الغاز الطبيعي وجزء عن طريق المساقط المائية.


وأؤكد أن صيف 2015 المقبل سيشعر المواطن المصري بتغيير، ولن ينقطع التيار الكهربائي كما حدث في السنوات الأخيرة.