التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 03:11 ص , بتوقيت القاهرة

طبعا يا عمو

دي حاجة مفروغ منها
الملحدين، زيهم زي أي ناس تانيين بـ تجمعهم فكرة  أو موقف أو عقيدة أو رؤية أو انتماء أو ...، فيهم الصالح وفيهم الطالح، فيهم العاقل وفيهم المجنون، فيهم البريء وفيهم المجرم الإرهابي اللي بـ يرتكب جرائم قتل على الهوية. المفروض بديهي يعني.


أومال ليه ما حصلش انزعاج لـ قتل التلاتة المسلمين على يد "ملحد متطرف" في أمريكا زي ما قامت الدنيا ساعة شارلي إبدو؟ مش ده برضه عنصرية وكيل بـ مكيالين؟ ويمكن يكون مؤامرة ضد الإسلام كمان؟


عندك حق والله، بس الواحد برضه بـ يفكر في تلات أربع حاجات كده، متهيألي ما يضرش لو فكرنا فيهم:


أولا، شارلي إبدو واللي زيها مدعومة بـ منظومة فكرية متكاملة، شايفة إن فيه دين معين، لأتباعه الحق الكامل والمطلق في إدانة العالم والجهاد ضده، والرد على أي إساءة، بمقاييسهم، بـ الرد المناسب، من وجهة نظرهم، وحتى من غير إساءة، وجودهم نفسه ساعات بـ يبقى جريمة يستحقوا القتال عليها.


المنظومة دي لا تمثل الإسلام من وجهة نظرك، بس ده مش فارق، اللي فارق هو إن المنظومة دي موجودة، وفيه ناس بـ تشتغل لـ خدمتها، ومش أي ناس.


المقابل للمنظومة دي في حالة جريمة أمريكا هو العنصرية الغربية تجاه الشرق، عنصرية الرجل الأبيض، العنصرية اللي بـ تنحسر يوم بعد يوم، العنصرية اللي بـ يواجهوها على المستويات الرسمية والشعبية. ولو مش مصدق قيس، شوف من كام سنة مكنش ينفع مواطن إسود يدخل الجامعة، والنهاردة رئيس الجمهورية شكله إزاي.


طبعا مفيش قضاء مبرم على العنصرية دي، علشان كده بـ تحصل لسه جرايم زي جريمة نورث كارولينا، جرايم بـ تدعو للأسف، وبـ يتم التعامل معاه وفقا للقانون، بس الأسف غير الانزعاج، والشعور بالحزن غير الإحساس بـ الخوف، وده فارق جوهري.


ثانيا، المنظومة الفكرية الإرهابية اللي بـ يعتنقها عدد من المسلمين (لا يمثلوا إسلام الأغلبية) المنظومة دي مش بس فكرية، ده فيه منظمات قوية بـ تمارسها في شتى أنحاء العالم، منظمات محتلة بلاد، منظمات عندها تمويل بـ ملايين وربما مليارات الدولارات.


طبعا فيه أنظمة عالمية، وأجهزة مخابرات، وحكومات متورطة في الدعم ده، لـ خدمة أهداف سياسية قذرة (غالبا الأهداف السياسية قذرة) لكن الأساس هو وجود المنظومة الجهنمية، النبات المسموم فيه ناس بـ ترويه، بس البذرة من عندنا، والتربة هنا، نجرفها الأول، وبعدين نتهم اللي عايزين نتهمه.


ثالثا، المنظومة الفكرية الإرهابية، اللي بـ تلاقي منظمات تشتغل لـ خدمتها، وداعمين بالفلوس والسلاح، المنظومة دي ليها قاعدة شعبية بـ تنصرها وتمجد القتلة، وتبرر لهم، وتتبنى رؤيتهم، وهنا أكبر فارق جوهري بين الحادثتين، ده اللي بـ يخلي حادثة قابلة للتكرار وحادثة تانية بـ تحصل كل عشر سنين مرة، ده اللي بـ يخلي حادثة ممنهجة، وحادثة تانية فردية.


أخيرا، الواحد ما بـ ينكرش عوامل تانية زي إن الناس بـ تتعاطف مع اللي منها أكتر ما بـ تتعاطف مع الغريب، وزي الشعور العام السلبي ضد المسلمين، وحاجات كتير بـ تخلي الغضب أخف، لكن مش هو ده مربط الفرس، ولا العنصر الحاسم.


فـ لو حضرتك منزعج من إن رد الفعل العالمي لـ حادثة أمريكا مش زي شارلي إبدو، عندك حق، بس الواقع كما أراه بـ يقول إن جزء كبير من الأسباب اللي أدت للوضع ده عندك إنت مش عند العالم، وحله في إيدك إنت مش فـ إيد العالم، والحل ده بـ يكون في أي حاجة، أي حاجة، غير إنك تردد بديهيات زي إن التطرف في كل مكان، والملحدين فيه منهم قتالين قتلة، وتوصل من ده لاستنتاج إنه "لا تعايرني ولا أعايرك الإرهاب طايلني وطايلك".


ربنا يرحم اللي بـ يموتوا
ويهدي اللي عايشين
ويولي من يصلح


قولوا آمين