التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 09:54 م , بتوقيت القاهرة

النائب الحشاش!

كان الحشاشون يدخلون انتخابات مجلس الشعب بشكل عادي، ويصلون إلى المقاعد الأمامية، وكان الحشيش مصدرا من مصادر الحصول على أصوات الناخبين، كل قطعة حشيش تُمنح حسب حجم وتأثير الناخب.


في انتخابات 2005 كان الحشيش فاصلا في مربعات انتخابية كثيرة في الصعيد وفي القاهرة وفي الجيزة وفي الإسكندرية، وفي الجدول كان البانجو وباقة من المخدرات تلعب أدوارا تاريخية في انتخابات مجلس الشعب منذ مائة عام!


المدهش أن المخدرات تكسب الزيت والسكر والأرز، المزاج يكسب!


ليس جديدا أن يفرز الكشف الطبي الذي يتم الآن على راغبي خوض انتخابات مجلس الشعب عن وجود مواد مخدرة في دم المرشحين، وإذا تم اكتشاف خمسة.. ثق أن مائة "نفذوا" من الاكتشاف، الأخطر هو عدم اكتشاف تجار المخدرات أنفسهم الذين يخوضون الانتخابات ويربحون دائما، فهم يملكون القدرة على امتلاك أصحاب النفوذ فى الدوائر الانتخابية.


ليس سرا أن "صوان" الدعاية الانتخابية في دوائر شعبية أو في الصعيد يوزع فيه الحشيش على صواني تحية للحاضرين، مثل الأفراح الشعبية تماما، وحتى لو لم يكن المرشح نفسه يتعاطى المخدرات أو يتاجر فيها، فإن تجار المخدرات الذين ينتظرون أن يرد لهم الجميل بعد ذلك.. يجاملون بالمخدرات.


ماذا ننتظر من نائب مشبوه إذا وقف يطرح قضية أو يرفض اقتراحا أو يقدم استجوابا تحت قبة البرلمان؟ هل سيكون في كامل وعيه؟ هل سيكون في كامل الحياد بعيدا عن جماعات الضغط التي جاءت به بالمخدرات؟


في كل الأحوال الرشاوي الانتخابية هي حبل على رقبة كل مرشح، وهي نفسها التي تشكل السؤال الأصعب: كم محترم يمكن أن يحتل مقعدا في مجلس الشعب المُقبل أو بعد المُقبل أو بعد خمسين سنة؟


عدد من يستحقون أقل بكثير من التوقعات بمجلس شعب قوي قادر على أن يُكمل هيكل الدولة، وعدد من سيذهبون لمنح الأصوات سوف يكون أقل بكثير من حصولهم على الغطاء الكاف لشرعيتهم.


في وقت ما كانت انتخابات اتحاد الطلبة في الجامعات جامعة وحدها لتخريج دفعات من الشباب يصلحون لمجلس الشعب، لكن الفساد ضرب هذه الفكرة منذ سنوات، بسيطرة الجماعات الإسلامية، فأصبح رجال الأعمال ورجال الدين ورجال المخدرات أقرب إلى المنافسة.


هل يمكن أن نجد في مجلس الشعب أديبا أو مثقفا أو عالما ؟


متى تضع الدولة معايير صعبة لمجرد تفكير أي شخص في خوض انتخابات مجلس الشعب أو رياسة الجمهورية؟


يجب أن نحترم الكرسي بوضع قيود على من يحلم بالوصول له.. فلا يترك الحلم لكل عابث، أو لمن يملك ثروة للرشوى أو صفقة حشيش! الديكتاتورية التي تجعل الصايع يعرف حجمه، فلا يقترب من مكان يخطط لكيان دولة وحاضرها ومستقبلها.. ديكتاتورية طيبة.


مطلوب ديكتاتور ليعرف كل شخص حجمه وصحيفة سوابقه.