"واشنطن بوست": لماذا لم تتبع تونس خطوات مصر؟
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اليوم الجمعة، أن التجربة الديمقراطية المصرية اختلفت عن نظيرتها التونسية، حيث إن مصر أصبحت تقع تحت سلطة عسكرية، في حين حققت تونس دستورا توافقيا وانتقالا سلميا ثانيا للسلطة، ما يثير تساؤلات حول السبب وراء كون الأخيرة أكثر نجاحا، على حد وصف الصحيفة.
التشابهات بين تجربتي مصر وتونس
وحسب الصحيفة، فقد تناقضت التفسيرات مع الأدلة الموجودة، حيث إن النقاشات المعهودة كانت تشير لقلة سكان تونس وتجانسهم وغياب الانقسامات الفكرية بينهم، ولكن ذلك أمر غير صحيح، فمصر وتونس متساويتان في شدة الاستقطاب الفكري، كما عانت التجربتان من الانقسامات بين المعسكرين الإسلامي والعلماني، وغابت ثقة التيار العلماني في التيار الإسلامي الحاكم في الدولتين.
ورغم إشارة محللين إلى الاختلافات الاقتصادية والاجتماعية بين الدولتين وأفضلية تونس من حيث التعليم والحالة المادية والعلمانية، فالدلائل تقول إن الدولتين كانتا متساويتان في الإحباط من التجربة الديمقراطية، فقد أوضح برنامج "بارومتر العربي للديمقراطية" في عام 2013 أن الأغلبية في الدولتين لا يرون أن الديمقراطية ستجلب الاستقرار لهم.
واختار علمانيو مصر، حسب الصحيفة، إفشال الديمقراطية خوفا من عدم الفوز في أي انتخابات مستقبلة، وهو الشعور الذي جاء في ضوء استحواذ الإسلاميين على نسبة 70% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، وهي الهيمنة التي لم تدم طويلا من خلال فوز الرئيس الأسبق محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية بنسبة 52%، وهي النسبة التي لم يتبق منها إلا 32% قبل الإطاحة بالرئيس الأسبق في يوليو 2013، وهو ما جعل التيار العلماني يثق بفوزه في الانتخابات المستقبلية.
إلى ذلك، فقد سارت تونس على خطى مصر في 2013، حينما حاولت محاكاة تظاهرات 30 يونيو في القاهرة مطالبين بسقوط حزب النهضة الحاكم في ذلك الوقت وحل الجمعية التأسيسية.
اختلاف التجربتين المصرية التونسية
ولفتت الصحيفة إلى أن تجاوب أجهزة الدولة مع المطالبات بإفشال الانتقال الديمقراطي هو الفيصل في اختلاف التجربتين، فقد رحب الجيش المصري بمطالبات الإطاحة بالرئيس الأسبق والقضاء من ناحية أخرى بحل البرلمان، أما في تونس فالقضاء لم تكن لديه القدرة والجيش لم يرد أن ينفذ، وهو ما دعى المعارضة التونسية للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حزب النهضة.
فروق بين القضاء والجيش في البلدين
وأوضحت الصحيفة الفروق بين النظامين القضائيين المصري والتونسي، فقد حل القضاء المصري البرلمان بعد انتخابه بخمسة اشهر، أما القضاء التونسي فلم يفِ بمطالبات المعاضة حل المجلس التاسيسي لعدم وجود هيكل قضائي في تونس لديه السلطة لإلغاء الانتخابات.
وحسب الصحيفة، فالجيش المصري هو الذي سدد الضربة الأخيرة للانتقال الديمقراطي بإطاحته للرئيس الأسبق، وهو ما لم يفعله نظيره التونسي لأنه لم يكن لديه حافز أو مصالح اقتصادية أو مؤسسية لتجعله يدخل في المعترك السياسي مثل نظيره المصري، كما أنه تاريخيا لعب دورا أقل في الحياة السياسة.
وأضافت الصحيفة أن الجيش المصري كانت لديه أسباب كثيرة تدفعه للإطاحة بالرئيس الأسبق بالرغم من احترام جماعة الإخوان المسلمين لمصالح الجيش، وهي اختلاف قومية الجيش المصري مع الوحدة الإسلامية التي ترعاها الجماعة، وأيضا تخفيض الرئيس الأسبق لقيمة ممتلكات الجيش الاقتصادية بسبب سوء إدارته للاقتصاد، وطموح وزير الدفاع في ذلك الوقت، وهو الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، حسبما ذكرت الصحيفة.
أخطاء وقعت فيها الجماعة
وحددت الصحيفة أخطاء جماعة الإخوان في مصر، من حيث تعديها على هيمنة الجيش على قرارات الأمن القومي، ومزاعم مساندتها خطة قطرية فلسطينية لشراء أراضٍ في سيناء، ودعوة قادة الجماعة للجهاد في سوريا وأن الجهاديين لن تتم مقاضاتهم حال عودتهم لمصر.