التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 02:29 م , بتوقيت القاهرة

من يقف وراء تشويه صورة الإماراتية "المنصوري"؟

لم يكن ظهور الرائد الطيار الإماراتية، مريم المنصوري، في الحرب ضد تنظيم "داعش" ليمر بدون إثارة الجدل على المستوى السياسي والإعلامي حول مهمتها ودور الإمارات في الحرب ضد التنظيم في سوريا والعراق، خصوصا بعد إعدام التنظيم للطيار الأردني معاذ الكساسبة.

قرار شخصي

التحاق المنصوري بالقوات المسلحة كان بقرار شخصي بعد حصولها على الثانوية، حيث حصلت على عائلتها وكان ذلك في العام 2007، في ظل وجود أعراف سائدة في المجتمع الخليجي عامة لا تسمح بمشاركة المرأة في العمل العسكري، حيث كانت المنصوري ترغب بأن تكون بمرتبة طيار، إلا أن الحظ لم يكن حليفها في بداية الأمر بسبب عدم إتاحة المجال للنساء حينها.

ولم تتوقف المنصوري عند ذلك، حيث تابعت دارستها أيضا في الأدب الإنجليزي، وحصلت على إجازة البكالوريوس من جامعة الإمارات، ثم عادت بعد إتاحة الفرصة للعنصر النسائي للالتحاق بكلية الطيران، ، بالإضافة إلى أنها حصلت على جائزة الشيخ محمد بن راشد للتميز ضمن أول مجموعة تكرم في فئة جديدة هي "فخر الإمارات".

تشجيع عائلي

تعبر المنصوري الرغبة الكبيرة في الانضمام لكلية الطيران بالقول: "التحقت بسلاح الطيران في عام 2007 فور الإعلان عن فتح باب التطوع لأبناء الدولة، وكان هذا القرار برغبة كبيرة مني وشجعتني أسرتي على تحقيق هذه الرغبة ولم يقفوا في طريقي".

وتضيف لصحيفة البيان الإماراتية بتاريخ 14 مايو 2014: " كوني فتاة في هذه المجال الذي يسيطر عليه الرجال، لم يعطني أية استثناءات، فكانت المعاملة بالمثل، وأساليب التدريب واحدة، وقد نجحت في مواصلة مشواره والتغلب على أية صعوبات واجهتني حتى وصلت الآن إلى مرتبة رائد مقاتل على طائرة أف 16".

 

 

 

وفي هذا السياق، تقول والدة المنصوري في الصحيفة ذاتها، عن تلك الفترة من عمر المنصوري: "حرص جميع أفراد الأسرة بدءًا من الوالد الذي كان يعمل في قطاع التعليم مرورًا بأخوتها على تشجيعها على تحقيق حلمها بالاتجاه إلى مجال الطيران، ما ساعدها كثيرًا على النجاح في عملها ومواصلة مسيرتها التي تسعى من خلالها إلى خدمة وطنها".

مصادر مجهولة

وقالت مجلة "بزنس إنسايدر"، الأمريكية نقلا عن بريت باير، المذيع بشبكة "فوكس نيوز" إن مريم المنصوري شاركت ضمن التحالف الدولي على "داعش" وكانت ضمن من قصفوا معاقل التنظيم بالقرب من مدن سوريا مثل الرقة وحلب وإدلب.

 

 

وفي سياق الجدل الذي أثير في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض لمريم، أبرزت معلومات من حسابات مجهولة المصدر، بأن عائلة المنصوري تبرأت منها بعد مشاركتها في القتال ضد تنظيم الدولة.

 

 

إلا أن أفراد من عائلة المنصوري نفوا إصدار بيان بهذا الصدد مؤكدين وقوفهم إلى جانب مريم.

وعلقت زينب المنصوري، ابنة عم "مريم" عبر حسابها الشخص على "تويتر"، قائلة: "بيان قبيلة المناصير اللي تتكلمون عنه إشاعة مالها صحة، أنا بنت عمها وما سمعت بها البيان، بالعكس كلنا فخورين فيها".

ولم يتوقف الأمر عند إثارة القلاقل حول مريم بل تعداه إلى التشكيك في أصول مريم وجنسيتها، ووصل الأمر إلى حد إلقاء جريغ جوتفيلد، المذيع بقناة فوكس نيوز الأمريكية بعض النكات المسيئة، ونكات أخرى تقلل من قدرات المنصوري في قيادة الطائرة ومشاركتها في الضربات الجوية، حينما قال إنها لن تتمكن من "ركن الطائرة"، في إشارة ملتوية حول عدم قيادة المرأة في بعض الدول العربية للسيارة، فكيف تقود طائرة.

 

 

اتهامات وسخرية

لكن الرد جاء من قبل قدامى المحاربين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بعث 60 شخصاً، برسالة مفتوحة يعلنون فيها إعتراضهم الشديد على تعليقات محطة فوكس نيوز، وذكروا في رسالتهم أن التعليقات غير مسؤولة وبعيدة عن الإحترام، وتقلل من شأن إمرأة تلعب دور الملهم بما فعلته في منطقة أصبحت في أشد الحاجة إلى مثل هذا النموذج لتغيير الواقع إلى الأفضل.

كما جاء في نص الرسالة التي حملت إعتذاراً لمريم، أن التعليقات المسيئة لا تتوافق مع عقيدة الجيش الأمريكي، كما أنها تحمل إساءة كبيرة لكثير من المقاتلات في سلاح الجو الأمريكي.

تلك الاتهامات للمنصوري لم تكن مبنية على معلومات موثقة، وإنما عبارة عن سيل من الأحاديث الموجزة والتي يبدو أن الغرض منها الإساءة لشخص مريم.

مرحلة الكساسبة

تتبدل مجريات الأحداث في الرابع والعشرين من ديسمبر 2014، لتسقط طائرة الملازم أول، معاذ الكساسبة، الأردني الجنسية فوق منطقة سيطرة تنظيم داعش، بعد غارة قام بها بالمشاركة مع سرب طائرات التحالف بينها طائرات إماراتية، بحسب ما أكده "معاذ" خلال حديث بثه تنظيم "داعش".

وفي حديث لوالده بثته قناة الجزيرة القطرية، اتهم "صافي الكساسبة"، مريم بالتسبب في إسقاط طائرة نجله "معاذ" دون الاستناد إلى مصادر معلوماتية مؤكدة، وهو ما يتنافى مع ما ذكره ابنه في المقطع الثاني الذي ظهر فيه بعد احتجاز "داعش" له، ممؤكدا أن مضادات التنظيم الأرضية هي من أسقطت طائرته.

 

 

 

في هذا السياق تجدد سيل الاتهامات لمريم المنصوري باعتبارها قائدة السرب في تلك العملية، ومجددا دون الارتكاز إلى أي معلومات موثقة، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شائعات تسبب المنصوري في سقوط طائرة الكساسبة، وأن خطأ تكتيكي من قبل المنصوري أدى لوقوع طائرة الكساسبة في مرمى نيران داعش.

 

 

ليتصدر المشهد الإعلامي بعد ذلك خبر تعليق دولة الإمارات عملياتها العسكرية في التحالف، نشرته صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق.

 

 

 

 

بعد نشر تنظيم داعش عملية قتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقا ضمن قفص حديدي، ظهر والد معاذ في فيديو نشر على قناة الجزيرة، يتهم فيه مريم المنصوري تحديدا بإسقاط معاذ الكساسبة من خلال صاروخ موجه من طائرتها، ليتضارب مع ماقاله معاذ خلال حديثه قبل مقتله، صرح الأخير أن صاروخ حراري أصاب طائرته من قبل عناصر داعش فوق محافظة الرقة.

 

 

بعد سرد هذه التفاصيل، يطرح التساؤل عن مصادر هذه المعلومات المطروحة، ومن الجهة التي تقف خلف المعلومات البعيدة عن الإثبات، وهل هناك جهات إقليمية أو جهوية تسعى لتشويه صورة الطيارة الإماراتية مريم؟