لم يكن ظهور الرائد الطيار الإماراتية، مريم المنصوري، في الحرب ضد تنظيم "داعش" ليمر بدون إثارة الجدل على المستوى السياسي والإعلامي حول مهمتها ودور الإمارات في الحرب ضد التنظيم في سوريا والعراق، خصوصا بعد إعدام التنظيم للطيار الأردني معاذ الكساسبة.

قرار شخصي

التحاق المنصوري بالقوات المسلحة كان بقرار شخصي بعد حصولها على الثانوية، حيث حصلت على دعم عائلتها وكان ذلك في العام 2007، في ظل وجود أعراف سائدة في المجتمع الخليجي عامة لا تسمح بمشاركة المرأة في العمل العسكري، وكانت المنصوري ترغب بأن تكون بمرتبة طيار، إلا أن الحظ لم يكن حليفها في بداية الأمر بسبب عدم إتاحة المجال للنساء حينها.

ولم تتوقف المنصوري عند ذلك، حيث تابعت دارستها أيضا في الأدب الإنجليزي، وحصلت على البكالوريوس من جامعة الإمارات، ثم عادت بعد إتاحة الفرصة للعنصر النسائي للالتحاق بكلية الطيران، إضافة إلى أنها حصلت على جائزة الشيخ محمد بن راشد للتميز ضمن أول مجموعة تكرم في فئة جديدة هي "فخر الإمارات".

تشجيع عائلي

تعبر المنصوري عن الرغبة الكبيرة في الانضمام لكلية الطيران بالقول: "التحقت بسلاح الطيران في عام 2007 فور الإعلان عن فتح باب التطوع لأبناء الدولة، وكان هذا القرار برغبة كبيرة مني وشجعتني أسرتي على تحقيق هذه الرغبة ولم يقفوا في طريقي".

وتضيف لصحيفة البيان الإماراتية بتاريخ 14 مايو 2014: "كوني فتاة في هذا المجال الذي يسيطر عليه الرجال، لم يعطني أية استثناءات، فكانت المعاملة بالمثل، وأساليب التدريب واحدة، وقد نجحت في مواصلة مشواره والتغلب على أية صعوبات واجهتني حتى وصلت الآن إلى مرتبة رائد مقاتل على طائرة إف 16".

وفي هذا السياق، تقول والدة المنصوري في الصحيفة ذاتها، عن تلك الفترة من عمر المنصوري: "حرص جميع أفراد الأسرة بدءًا من الوالد الذي كان يعمل في قطاع التعليم مرورًا بأخوتها على تشجيعها على تحقيق حلمها بالاتجاه إلى مجال الطيران، ما ساعدها كثيرًا على النجاح في عملها ومواصلة مسيرتها التي تسعى من خلالها إلى خدمة وطنها".

وقالت مجلة "بزنس إنسايدر"، الأمريكية نقلا عن بريت باير، المذيع بشبكة "فوكس نيوز" إن مريم المنصوري شاركت ضمن التحالف الدولي على "داعش" وكانت ضمن من قصفوا معاقل التنظيم بالقرب من مدن سوريا مثل الرقة وحلب وإدلب.

#مريم_المنصوري_طيارة_إمارتية_تقصف_داعش لسنا ضد مريم ...ولكن ضد ان يقتل الأبرياء ضد ان يستباح دم المسلم بيد مسلم عجبا لكم ايها العرب...

— ¤ لِلجَنَةِ زُمُرا ¤ (@al_hanoofa) September 27, 2014

مصادر مجهولة

وفي سياق الجدل الذي أثير في مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد ومعارض لمريم، أبرزت معلومات من حسابات مجهولة المصدر، بأن عائلة المنصوري تبرأت منها بعد مشاركتها في القتال ضد تنظيم الدولة.

#مريم_المنصوري_طيارة_إمارتية_تقصف_داعش. يامريم انتي شايفه الهشتاق والله انك فخر للامارات ودول الخليج .لا أحد يهمك بالكلام احتسبي والله معك.

— أ.ابراهيم السالمي. (@ibrihemalsalmi) October 1, 2014

إلا أن أفرادا من عائلة المنصوري نفوا إصدار بيان بهذا الصدد مؤكدين وقوفهم إلى جانب مريم.

وعلقت زينب المنصوري، ابنة عم "مريم" عبر حسابها الشخصي على "تويتر"، قائلة: "بيان قبيلة المناصير اللي تتكلمون عنه إشاعة مالها صحة، أنا بنت عمها وما سمعت بها البيان، بالعكس كلنا فخورين فيها".

ولم يتوقف الأمر عند إثارة القلاقل حول مريم بل تعداه إلى التشكيك في أصول مريم وجنسيتها، ووصل الأمر إلى حد إلقاء جريغ جوتفيلد، المذيع بقناة فوكس نيوز الأمريكية بعض النكات المسيئة، ونكات أخرى تقلل من قدرات المنصوري في قيادة الطائرة ومشاركتها في الضربات الجوية، حينما قال إنها لن تتمكن من "ركن الطائرة"، في إشارة ملتوية حول عدم قيادة المرأة في بعض الدول العربية للسيارة، فكيف تقود طائرة.

هل من المعقول إذا رزق #البغدادي طفلة يسميها #مريم .؟ #مريم_المنصوري_طيارة_إمارتية_تقصف_داعش #تغريدةليل

— abu saffaf (@saffaf_abu) October 10, 2014

اتهامات وسخرية

لكن الرد جاء من قبل قدامى المحاربين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بعث 60 شخصاً، برسالة مفتوحة يعلنون فيها اعتراضهم الشديد على تعليقات محطة فوكس نيوز، وذكروا في رسالتهم أن التعليقات غير مسؤولة وبعيدة عن الاحترام، وتقلل من شأن إمرأة تلعب دور الملهم بما فعلته في منطقة أصبحت في أشد الحاجة إلى مثل هذا النموذج لتغيير الواقع إلى الأفضل.

كما جاء في نص الرسالة التي حملت اعتذارا لمريم، أن التعليقات المسيئة لا تتوافق مع عقيدة الجيش الأمريكي، كما أنها تحمل إساءة كبيرة لكثير من المقاتلات في سلاح الجو الأمريكي، تلك الاتهامات للمنصوري لم تكن مبنية على معلومات موثقة، وإنما عبارة عن سيل من الأحاديث الموجزة والتي يبدو أن الغرض منها الإساءة لشخص مريم.

إدعت مواقع إيرانية أن مريم المنصوري إيرانية و كذبت مواقع إخوانية أن أسرتها تبرأت منها، و الحقيقة أن مريم نتاج تجربة أتاحت للمرأة فرصتها.

— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) September 30, 2014

مرحلة الكساسبة

تتبدل مجريات الأحداث في الرابع والعشرين من ديسمبر 2014، لتسقط طائرة الملازم أول، معاذ الكساسبة، الأردني الجنسية فوق منطقة سيطرة تنظيم داعش، بعد غارة قام بها بالمشاركة مع سرب طائرات التحالف بينها طائرات إماراتية كما أكد ذلك الكساسبة خلال حديث بثه تنظيم داعش.

في هذا السياق تجدد سيل الاتهامات لمريم المنصوري باعتبارها قائدة السرب في تلك العملية، ومجددا دون الارتكاز إلى أي معلومات، حيث انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي شائعات تسبب المنصوري في سقوط طائرة الكساسبة، وأن خطأ تكتيكيا من قبل المنصوري أدى لوقوع طائرة الكساسبة في مرمى نيران داعش.

تسريبات من الأردن: الإماراتية مريم المنصوري هي المسؤولة عن سقوط الطائرة الأردنية لتوريط الأردن في حرب برية مع #داعش http://t.co/UxrHcKJmnP

— عبدالله القصادي (@qussady) February 4, 2015

ليتصدر المشهد الإعلامي بعد ذلك خبر تعليق دولة الإمارات عملياتها العسكرية في التحالف، نشرته صحيفة نيويورك تايمز في وقت سابق.

اعتقد ان فيديو والد الطيار الأردني الذي يتهم مريم المنصوري باسقاط الطائرة اما مفبرك او ان والد معاذ يعيش هول الصدمة ولم يكن يدرك ما يقول

— Abdulkhaleq Abdulla (@Abdulkhaleq_UAE) February 5, 2015

بعد نشر تنظيم داعش عملية قتل الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقا ضمن قفص حديدي، ظهر والد معاذ في فيديو نشر على قناة الجزيرة، يتهم فيه مريم المنصوري تحديدا بإسقاط معاذ الكساسبة من خلال صاروخ موجه من طائرتها، ليتضارب مع ماقاله معاذ خلال حديثه قبل مقتله، صرح الأخير أن صاروخا حراريا أصاب طائرته من قبل عناصر داعش فوق محافظة الرقة.

بسهولة وبعد صمت أكثر من شهر صرفو الانظار بالصاق تهمة إسقاط الطائرة للطيارة الاماراتية مريم المنصوري ..واقحام الامارات بالموضوع بهدف تشويهها.

— نايف المشيط (@nalmoshait) February 5, 2015

بعد سرد هذه التفاصيل، هناك سؤال يطرح نفسه عن مصادر هذه المعلومات المطروحة، وما الجهة التي تقف خلف المعلومات البعيدة عن الإثبات، وهل هناك جهات إقليمية تسعى لتشويه صورة الطيارة الإماراتية مريم؟