التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 12:15 م , بتوقيت القاهرة

حوار| المتحدث باسم "رايتس ووتش": حياة البشر لا قيمة لها في مصر

قال المدير الإقليمي لشؤون الإعلام ومناصرة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقا بمنظمة هيومان رايتس ووتش، فادي القاضي، إن أوضاع حقوق الإنسان في مصر هي الأسوأ منذ 30 عاما، وتشهد تراجعا مستمرا على كل المستويات، حيث إن قيمة الحياة البشرية أصبحت منعدمة، مطالبا بإجراء تحقيق دولي في كافة الانتهاكات منذ ثورة يناير حتى اليوم.


وأكد القاضي، في حواره مع "دوت مصر" عبر "سكايب"، أن رايتس ووتش ليس لها علاقة بجماعة الإخوان، وتعتبرهم مكونا أساسيا من مكونات النسيج المصري، موضحا أسباب تحميل المنظمة، الشرطة قتل الناشطة شيماء الصباغ، ومطالبا الحكومة المصرية بالإفراج عن 73 صحفيا، دون مقايضات على طريقة الإفراج عن "بيتر" و"فهمي"، التي كان يجب عليها الإفراج عنهم، بطريقة أكثر نبل واستقامة.. وإلى نص الحوار:


بداية كيف تقيم أوضاع حقوق الإنسان في مصر؟


أوضاع حقوق الإنسان في مصر تشهد تدهورا وتراجعا مستمرا، وفي  اتجاه مزيد من الانتهاكات والإفلات من العقاب للمسؤولين، ويمكن وصفه بأبشع وأسوأ الانتهاكات التي شهدتها مصر خلال 30 عاما سواء على مستويات الحريات الشخصية والحقوق البشرية ومجرى العدالة، ولا يمكن اختصار حقوق الإنسان في تقرير يصدر عن "رايتس ووتش" يعتمد على وقائع مدققة، وفي الحقيقة هناك 4 مستويات لتقييم الأوضاع الحقوقية بعد مرور 4 سنوات على ثورة 25 يناير 2011.


وما هي هذه المستويات؟


أولا مجرى العدالة في مصر فيما يتعلق بمعاقبة المسؤولين مثل قضية قتل المتظاهرين، ومحاسبة المسؤولين سواء في حوادث التعذيب داخل أقسام الشرطة، والقتل الجماعي للمتظاهرين في رابعة والنهضة في 2013 مازالت غائبة ومهدرة ولم يجر بشأنها أي تحسن.


المستوى التاني هو حرية التعبير، ولا يمكن أن تستقيم في ظل وجود أطر من الممارسات والأدوات القانونية التي تبيح للسلطة أن تفعل ما تشاء وتضع القيود التي تشاء وفقا للاعتبارات الاعتباطية، ونحن هناك لا نتحدث عن الإرهاب، لكن دعاة الإصلاح والمجتمع المدني والمنتقدين السلميين للسلطة الذين تجرى محاكمتهم ويجرى الزج بهم في السجون.


وماذا عن المستويين الثالث والرابع؟


المستوى الثالث هو تضييق المساحة السياسية، سواء تقييد حرية تكوين الجمعيات، والتظاهر والتعبير، وفي اعتقادي المساحة التي كانت موجودة هي أفضل في العهد البائد أفضل من المساحة السياسية المنعدمة الآن في مصر.


أما المستوى الرابع وهو إهدار قيمة الحياة البشرية وهي في تراجع مستمر إن لم تكن معدومة، والسلطات المصرية لم تكلف نفسها التحقيق في حوادث خطيرة مثل القتل والتعذيب والممارسات خارج إطار القانون، وإن سألتني عن موقع ممارسات الجماعات الإرهابية؟، أقول من حق الدولة حماية أمن الأفراد والمجتمع وسلامتهم، وبالتالي ممارسة الجماعات الإرهابية هي جرائم تقع في إطار مسؤولية الدولة التي عليها أن تحاسب بشكل جدي وفعال ومنصف.


لكن من أين جاءت هذه الرؤية والأحكام رغم أن "رايتس ووتش" ليس لها مكتب الآن في القاهرة؟


عدم وجودنا بشكل مباشر لم ينقصنا التواصل مع منظمات المجتمع المدني والناشطين والضحايا، ومصادر المعلومات المختلفة مثل الأطباء والمحامين وشهود العيان.


كما أن عدم وجودنا في مصر هو من المسائل المؤسفة التي كنا نتمنى أن تُعالج بحكمة من قبل السلطات المصرية، ولعلنا نتذكر منع  كبار مسؤولين فى هيوامن رايتس ووتش من دخول القاهرة في أغسطس 2014 لإصدار تقرير حول القتل الجماعي للمتظاهرين في رابعة والنهضة، وكان من بين أهداف الزيارة لقاء المسؤولين المصريين لمناقشة التقرير وطرح وسائل للمحاسبة.


وعدم وجودنا في القاهرة لا ينقص من أي مصداقية، وجزء من ملعوماتنا تصل عبر الإعلام الأجنبي والمصري الذي ينقل من الحقيقة الكثير، ومنهجية هيومان ووتش تاريخيا مبنية على التقصي الدقيق  للحقائق والوقائع المثبتة، ولم نذكر حادثة واحدة إلا بعد التدقيق فيها بفاعلية وحرص.


وما رأيك حول ما ذكره الحقوقي المعروف حافظ أبو سعدة أن رايتس ووتش تتبع الخارجية الأمريكية؟


لا أعتقد أن الأستاذ حافظ أدلى بمعلومة منعدمة الدقة والصحة وتتعلق بنشأة هيومان ووتش وهو يعرف أكتر من غيره طبيعة تشكيلها، وإن كانت تتبع الخارجية الأمريكية فاسأل لماذا كان يرتضي أن يجلس وينظم مؤتمرات صحفية ليصدر تقارير حقوقية بالتعاون مع هيومان ووتش؟.


كما استمعت إلى تصريحاته في وسائل الإعلام مؤخرا، وفهمت وجهة نظره في سياق عدم رضاه عن بعض تقرير المنظمة الأخيرة المتعلقة بدعوة بالسلطات بالتحقيق في قتل الميادين رابعة والنهضة، عكس موقفه المعلن ضد ملاحقة المسؤولين والمتسببين في هذه الوقائع، أما فيما يخص أن المنظمة تحمل أجندة خاصة ضد مصر، فهذا الاتهام منذ 30 سنة ولن أعلق عليه.


كيف تقيم أداء المنظمات الحقوقية؟


دعني أشير إلى أن حجم الضغوطات على المجتمع المدني هائلة، ولا يمكن وصفها بكلمات بسيطة،  ودعنا نستذكر دراما وزارة التضامن الاجتماعي لتفعيل قانون الجمعيات، وهذه الدراما لم تنته رغم أن الوزارة لم تتخذ قرارات بالحل أو الاستدعاء، إلا أن سيف القانون مازال مسلطا على هذه المنظمات، ومساحة حرية العمل لهذه المنظمات أصبح أضيق بكثير مما مضى، يعوق أداء مهامها.


وأنا أعتقد أن الجمهور المصري لديه القدرة على التمييز بين من يعمل لصالح حقوق المواطنين من عدمه وليس لدى تحفظات عليهم رغم أن منظمات كثيرة تبنت حملات ظالمة ضد المنظمات الدولية وهجوم ضد هيومان رايتس ووتش.


لماذا أصدرتم حكما بأن الشرطة هي من قتلت شيماء الصباغ؟


هيومان راتيس لديها منهجية دقيقة في التفحص لكل الأدلة التي كانت متوفرة للجهات القضائية والحكومية في مصر، وتفحصنا ما لا يقل عن 8 فيديوهات للحادث الذي وقع في القاهرة عشية الذكرى الرابعة للثورة، ودققنا أيضا  في شهادات شهود العيان في المنطقة وقت الحادث، وقارنا تصريحات النيابة العامة والتقرير الأولي الذي صدر عن الطب الشرعى، وما قمنا به بشكل دقيق ومنهجي يؤكد أن الأجهزة الأمنية هي التى تسببت في مقتل شيماء الصباغ.


ما حقيقة دعم هيومان رايتس ووتش لجماعة الإخوان؟


ليست حقيقة، ونحن ننظر إليهم باعتبارهم مكونا سياسيا واجتماعيا مثله مثل أي مكون سياسي آخر في النسيج المصري وليس هناك أي علاقة لا من قريب أو بعيد.


كيف ترى قرار الإفراج عن الاسترالي بيتر جريست مراسل الجزيرة؟


موضوع صحفي الجزيرة كرث بعض الثوابت البائسة، لكن في النهاية حرية الصحفيين أثمن من أي جدل حول طبيعة الإجراء للإطلاق عنه، والمقايضة الصحفي "محمد فهمي" بجنسيته المصرية مقابل الإفراج عنه كونه يتمتع بالجنسية الكندية، كانت سيئة جدا وكان بإمكان السلطات المصرية أن تتجنبها بطرق أكثر نزاهة ونبل واستقامة، ومن المؤسف أن الزميل باهر محمد، قيد الاحتجاز رغم حصول المقايضات، وهناك لغز حقيقي حول ماذا يملك "باهر" لكي يتنازل عنه لكى يتم الإفراج عنه؟


وفي الحقيقة تتحمل الأسرة الصحفية مسؤولية كبرى في بقاء باهر و73 صحفيا ليس لديهمم ما يقاضونهم، وعلى السلطات أن تعيدهم إلى منازلهم وخروج "بيتر وفهمي" أصبحت سابقة عليها أن تتكرر.


هل هناك تحركات دولية ستتخذها "ووتش" خلال الفترة المقبلة؟


هيومان رايتس ووتش تتحرك على المستوى العالمي، في أوساط الحكومات والمجتمع المدني، لدفع وإقناع الحكومات بتنبي سياسات أكثر استجابة فيما يخص حقوق الإنسان.


وفي مصر تحديدا سبل التواصل والاشتباك الإيجابي مع الحكومة منقطعة، ومن المهم أن يقتنع حلفاء مصر في الغرب بضرورة عدول الحكومة المصرية عن ممارستها، والشروع في إجراء تحقيقات مستقلة وعادلة، خاصة وأن بعضا من هذه الانتهاكات لم يعد محتملا، والمطلوب من الحكومة المصرية عمل تحقيق دولي مستقل في كل ما جرى من انتهاكات وممارسات سيئة منذ اللحظة الأولى في ثورة 25 يناير 2011 حتى الآن.