"العتبات المقدسة" في سوريا.. سياحة دينية وحشد طائفي
لم تكن زيارة المراقد الشيعية في سوريا مقتصرة على السوريين فقط، بل كانت تشهد إقبالا كبيرا لزوار من إيران والعراق ولبنان، لكن بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية، انخفضت أعداد الزوار الشيعة إلى تلك المراقد، لكن قابلها ارتفاع أعداد الزوار بأسلوب آخر، بعد ظهور التجنيد المسلح تحت مسمى حماية "العتبات المقدسة".
وتعتبر سوريا الوجهة الأولى بالنسبة لزوار الطائفة الشيعية، لكثرة المراقد العائدة لآل بيت النبي محمد، فيتم تنظيم رحلات دينية في مناطق عديدة من البلاد، في حلب ودمشق وريفها وبعض المناطق الأخرى كالرقة.
سياحة عسكرية
بدأت عمليات التجنيد المعلنة في بداية العام 2013، فتحولت رحلات السياحة الدينية إلى حملات تجنيد بالآلاف للشباب في العراق ولبنان وإيران، وتحولت الخطابات الدينية إلى تحريض للذهاب إلى سوريا تحت عنوان "حماية المقدسات"، بعدما اتخذت القضية طابعا طائفيا بحتا.
ووفقا لإحصاءات وزارة السياحة السورية في العام، فقد سجل عام 2010 قرابة 2.2 مليون سائح ديني، في حين انخفض في 2011 إلى نحو 1.7، وهو العام الأول لاندلاع الاحتجاجات الشعبية.
ولا توجد إحصائيات دقيقة للزوار الشيعة إلى سوريا، إلا أن التفجير الذي حدث يوم الأحد في دمشق، ورح ضحيته عشرات القتلى والجرحى، كشف عن استمرار الزيارات الدينية إلى المراقد الشيعية خصوصا في دمشق، من خلال حماية قوات النظام السوري، إضافة إلى الدور الكبير الذي تقوم به الميليشيات الشيعية من العراق ولبنان وإيران في تأمين هؤلاء الزوار.
في العام 2013 وتحديدا في شهر مايو، نظم الحرس الثوري الإيراني تجمعا كبيرا ضم أكثر من 10 آلاف من قوات التعبئة الإسلامية "الباسيج" بهدف إرسالهم إلى سوريا والقتال دفاعا عن "العتبات المقدسة"، وعن الجولان.
وبثت وكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري الإيراني صورا في ذلك الوقت عن التجمع الذي قالت إنه جرى في ملعب "شيرودي" بطهران، مشيرة إلى أن قوات باسم "مدافعي الحرم" ستتوجه إلى مرتفعات الجولان من جهة، وللدفاع عن المراقد الدينية في سوريا من جهة أخرى.
وظهر في الصور التي رفعها المتطوعون عددا من القتلى الذين سقطوا في سوريا، وكتب على كل صورة "مدافع الحرم" حملت أسماء تشير إلى أنهم إيرانيون.
أبرز المراقد
يعتبر مقام السيدة زينب قرب دمشق (10 كم جنوب العاصمة)، من أبرز المراقد الشيعية، والواقع على الطريق السريع المؤدي إلى مطار دمشق الدولي والطريق المؤدي إلى مدينة السويداء.
وهذه المنطقة من المناطق ذات الكثاقة السكانية العالية، التي تقطنها أعداد كبيرة من أبناء الطائفتين الشيعية والسنية الذين يعتبرون النسبة الأكبر من السكان، وتحظى هذه المنطقة سابقا بزيارة مئات الآلف من السياح والزوار من الطائفة الشيعية من إيران والعراق ودول الخليج ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان على مدار العام.
ويعد لواء أبوالفضل العباس، الكيان الأبرز في تلك المنطقة منذ عام 2012، فمنذ نشأته ظهر اللواء بشكل فرقة عسكرية عالية التنظيم والتدريب متمتعة بتسليح حديث ونوعي على مستوى الأفراد ما يجعلها شديدة الفعالية في حرب المدن والشوارع.
وفي دمشق القديمة، وبالقرب من المسجد الأموي، يقع مقام السيدة رقية، الذي يتوجه عدد كبير من الزائرين إليه بعدما شيّد مسجد في عام 1980 حول ضريح السيدة رقية، كما شهد بالقرب منه مقتل 7 زوار شيعة لبنانيين، أمس الأحد.
وفي داريا، وبالقرب من دمشق أيضا، يقع مقام السيدة سكينة، وتدور اشتباكات عنيفة تلك المنطقة بين قوات المعارضة وقوات النظام المساندة من قبل الميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية.