التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:40 م , بتوقيت القاهرة

هل تتغير سياسة مملكة برحيل ملك؟

تابعتُ في الأيام الماضية ما لم أجد له توصيفا غير أنه يندرج تحت مصطلح "تجليات إخوانية"، والموضوع ببساطة بدا مع رحيل ملك السعودية الملك عبد الله بن عبد العزيز، حيث بدأت التجليات الإخوانية بما وصفوه بأن السعودية سوف تغير نهجها وسياستها تجاه مصر، وكأن الملك يستيقظ من النوم كل صباح ليدير شؤون المنطقة وربما العالم في الخيال الإخواني بمفرده، وكان العالم يحكم بنفس منطق عالم سمسم ومجلة ميكي.


الأمر وإن دلّ على شيء يدل على سذاجة مفرطة من جماعة الإخوان وأتباعها المشتتين المتسولين بين تركيا وقطر، فكيف لجماعة بهذه السطحية أن تتخيل أن المملكة العربية السعودية يدير شؤونها رجل بمفرده، حيث إن حتى محدثي السياسة يعرفون كم معقد الأمر في السعودية، وكيف أن الملك جزء من دائرة ملكية كبيرة واختيار الملك به جزء كبير من الشكليات والتعقيدات العائلية وليست السياسية.


ناهيك عن أنه كيف لملك طريح الفراش منذ أعوام وحتى قبل رحيل نظام مبارك، أن يدير أو يعطي أو يمنع أو حتى يحدد سياسات مصر أقدم وأعمق دولة في المنطقة.


إنها فقط أحلام اليقظة الإخوانية، حيث "يصطادون في الماء العكر" بالتعبير المصري الشعبي، حيث هيأ لهم خيالهم المريض أن السعودية ستغير نهجها تجاه مصر، وبالتالي بدا الأتباع الإخوانيون ما بين قطر وتركيا ترديد النغمة هنا وهناك من أجل الدفع بفكرة معينة، وهي أن الإخوان سيجدون من سيدعمهم وسيأتي الدعم من نفس الجهة التي تدعم الرئيس السيسي.


في جلسة نقاشية أعتبرها هامة في العاصمة الأمريكية واشنطن على جانب أحد اللقاءات الصحفية بين مجموعة دبلوماسيين كان محورها مصر والخليج العربي، وانتهى الأمر أن أمن الخليج العربي يبدأ من مصر، فلنا أن نتخيل أن حدث في مصر ما يحدث في اليمن الآن، لن يجد الخليج العربي من يستند عليه، باختصار مصر هي ورقة الدمنيو الأولى التي لن يسمح لها.


وقال لي دبلوماسي خليجي إن فكرة مصر الضعيفة قد فندها الزمن، لهذا تحاول دول الخليج العربي أن تساعد مصر للنهوض من عثرتها الاقتصادية، ليس حبا في سواد عيون مصر، لكن لأن قاعدة الأمان للخليج العربي هي مصر، فموضوع مصر القوية يعد أمن قومي عربي.


أعود إلى موضوعي الأساسي وكيف استغل الإخوان موضوع موت ملك السعودية خياليا، واعتبروا الأمر انتصار للرئيس الإخواني محمد مرسي، حتى قبل أن يبرد دم الرجل، وكأنّ الدول تحكم بالضغط على "زرار"، وكأن السعودية تغير سياستها في ليلة وضحاها.


أتذكر هنا النكتة القديمة وهي الخواجة اليهودي الذي توفي ابنه، وقال في إعلان الجريدة أنا "الخواجة فلان الفلاني ينعي ولده ويصلح ساعات"، وكذلك الإخوان  ينعون الملك السعودي وينادون ويتمنون عودة مرسي.


إنه الخيال التعيس، وضعف الإمكانيات العقلية والتآمر على وطن لدوافع شخصية، أو الاسترزاق لصالح جهات بعينها.