التوقيت الجمعة، 15 نوفمبر 2024
التوقيت 04:25 م , بتوقيت القاهرة

فنان عراقي يحول الأحذية والنفايات "وجوها" لدعش

في منزله الكائن في شرق بغداد، الذي أصبح مشغلا ينجز فيه أعماله، يجلس عقيل خريف على سجادة حمراء اللون تحيط به جدران علقت عليها وجوه سوداء صنعت من أحذية بالية ونفايات لتجسيد "بشاعة" تنظيم "داعش" كما يقول.


واختار هذا الفنان العراقي البالغ من العمر 35 عاما، النعال لصنع هذه "الوجوه" التي تجسد عناصر التنظيم، الذي قتل وهجّر مئات الآلاف في العراق وسوريا منذ منتصف يونيو، وهو يستخدم الأشرطة لصنع الشعر والسحابات لصنع الأسنان وقطعا معدنية صغيرة للعيون.


وجه الكندرة


يقول خريف: "أردت تصوير مدى إجرام وبشاعة وقبح أعمال عناصر التنظيم والتعبير عن وجه من أوجه نقمة العراقيين ضد الإرهاب".


وهو يستذكر القول الشعبي العراقي "وجه الكندرة" أو الحذاء المستخدم للإشارة إلى الأشخاص القبيحين، مؤكدا أن هذا "ما أريد أن |أقوله"، ويضيف "فكرت كيف أصنع داعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم). صحيح أنه مجرد حذاء لكن فلسفة العمل هو أن الحذاء كلما استخدمته ازداد تشوها".


وتبدو "الوجوه" على قدر كبير من القباحة والقذارة واقرب الى اشكال مرعبة تثير الخوف لدى الناظرين اليها. وتعمد خريف القيام بذلك ليعكس من خلال الوجوه الصادمة، النظرة القاتمة الى التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق منذ هجومه الكاسح في يونيو.


عين واحدة


يقول خريف "تنظر إلى الأعمال فتراها مصنوعة من بقايا نفايات واحذية بالية، لكنها تظهر عقليتهم المريضة وتعطشهم للدماء".


ويتعمد الفنان وهو استاذ جامعي في الهندسة المعمارية، تشويه الوجوه التي ينجزها، فبعضها بعين واحدة لأن التنظيم يرى الأمور من منظاره الخاص "وليس كما نرى نحن الحق بعينين"، على حد قوله، وهناك قطع آخرى تضم ثقبا كبيرا لتجسيد الفم والحلق، ما يعكس "الصراخ الذي أرعب كل العالم".


ويضيف خريف "عندما أنجز العمل الفني أستحضر النازحين، وأحاول أن أظهره (التنظيم) بأبشع شكل لأواسي الناس الذين تركوا بيوتهم، لأقول لهم، ليس فقط الجندي معكم"، وتخوض القوات العراقية معارك لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون.


وجوه من نفايات وبقايا أحذية


تبلورت فكرة الأعمال لدى خريف بعد نحو أسبوع من سيطرة التنظيم على الموصل شمال العراق في العاشر من يونيو. وهي أول المناطق التي سقطت بأيدي التنظيم المتطرف الذي تمدد جنوبا وغربا، واقترب في حينه من العاصمة بغداد.


ويشير إلى أنه حاول تجسيد هذا الحدث في عمل فني، موضحا "أعرف أني بهذا العمل لن أخرجهم من بلدي، لكني على يقين أنهم سيحرجون به".


ويعتمد خريف على الشارع لجمع "مواد" أعماله حيث ينتقي النفايات بنفسه ويبتاع بقايا الأحذية من محال صغيرة في الأسواق الشعبية، ورغم "الاستهزاء" الذي يواجه به أحيانا من الناس، إلا أن ذلك لا يثنيه عن محاولة إيصال أفكاره إليهم.


ويقول "أعمل في الشارع، أريد أن تعرف الناس هذا الفن، أريد الناس ان تتوعى، ومن يرى هذا العمل يدرك أن النفايات ليست مضرة، ونستطيع استخدامها في أشياء مفيدة".


جدار داعشي


ويعكف خريف حاليا على إنجاز جدارية خشبية مساحتها أكثر من ثلاثة أمتار مربعة، ومقسمة إلى 24 جزءا متساويا يضم كل منها "وجها" مصنوعا من الأحذية. وعلى رغم أن هذه الجدارية مستوحاة من "داعش" كتنظيم، إلا أنه يريد لها أن تعكس معاني إضافية.


ويوضح ان "الجدارية تمثل الدواعش الذين يعيشون بيننا وليس الإرهابيون فقط، ويقول "من السخف القول أن هؤلاء داعش فقط، فالمصطلح ينطبق على الفاسدين داخل المؤسسات".