الأنبا أنطونيوس.. مؤسس الرهبنة في تاريخ المسيحية
تحتفل الكنائس المصرية اليوم الخميس، بعيد الأنبا أنطونيوس والمعروف بأبو الرهبان وهو مؤسس نظام الرهبنة والذي بدأ في مصر ومنه انتشر إلى العالم، وتوفى الأنبا أنطونيوس في مثل هذا اليوم من سنة 355م، ولذلك تحتفل كل الكنائس التي تحمل اسمه بعيدة وتقيم نهضة روحية، حيث تعرض الكورالات والعروض الفنية، وولد الأنبا أنطونيوس سنة 251 في بلد "قمن العروس" بمركز الواسطي ببني سويف من والدين مسيحيين غنيين محبين للكنائس والفقراء، ولما بلغ عمره عشرين عاما، مات أبواه وكان عليه أن يعتني بأخته.
دخل أنطونيوس كنيسة ذات يوم فسمع آية من الأنجيل: "إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك وأعط للفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني"، فعاد إلى بيته مصمما على تنفيذ هذا القول واعتبره موجها إليه، فأخذ في توزيع أمواله على الفقراء والمساكين، وسلم أخته للعذارى، ولم يكن نظام الرهبنة قد ظهر بعد، بل كان كل من أراد الوحدة، يتخذ له مكانا خارج المدينة.
وهكذا اعتزل للنسك والعبادة ثم مضى إلى أحد القبور، وأقام فيه وأغلق بابه عليه، وكان بعض أصدقائه يأتون إليه بما يقتات به وكان هو يعد لنفسه من الخبز ما يكفيه ستة أشهر كاملة، ولم يسمح لأحد بالدخول ،وكان كل من يتحدث إليه يقف خارجا ويستمع لنصائحه، واستمر على هذه الحال عشرين سنة وهو يتعبد بنسك ثم مضى إلى الفيوم، وثبت الأخوة الذين كانوا هناك ثم عاد إلى ديره.
وفي زمن الاستشهاد في عهد الأمبراطور دقلديانوس اشتاق أن يصير شهيدا، فترك ديره ومضى إلى الإسكندرية، وكان يتفقد المسجونين على اسم المسيح ويعزيهم، فلما رأى منه الحاكم المجاهرة بالسيد المسيح وعدم المبالاة، أمر ألا يظهر بالمدينة مطلقا، ولكنه لم يعبأ بالتهديد إلا أنه في النهاية رجع إلى ديره وكثر الذين يترددون عليه ويسمعون تعاليمه، ورأى أن ذلك يشغله عن العبادة، فأخذ يتوغل في الصحراء الشرقية، حيث وجد عين ماء وبعض النخيل فأختار ذلك الموضع وأقام فيه، وكان العرب يأتون إليه بالخبز .
وفي يوم شعر بالملل فسمع صوتا يقول له: أخرج خارجا وانظر، فخرج ورأى ملاكا متوشحا بزنار صليب مثال الإسكيم المقدس، وعلى رأسه قلنسوة، وهو جالس يضفر، ثم يقوم ليصلي، ثم يجلس ليضفر أيضا وأتاه صوت يقول له: يا أنطونيوس افعل هكذا وأنت تستريح، فاتخذ لنفسه هذا الزي من ذلك الوقت وصار يعمل الضفيرة ولم يعد الملل، ولما زاره القديس مقاريوس البسه زي الرهبنة ومنه انتشر في البرية كلها.
ولما شعر القديس أنطونيوس بقرب نياحته، أمر أولاده أن يخفوا جسده، وأن يعطوا عكازه لمقاريوس، والفروة لأثناسيوس، والملوطة الجلد لسرابيون تلميذه، ثم رقد ممددا على الأرض وأسلم الروح بعد أن عاش مائة وخمس سنوات، مجاهدا في سبيل القداسة والطهر، ويوجد دير الأنبا أنطونيوس في صحراء البحر الأحمر، حيث يذهب إليه الجميع ليتبارك من جسده كما توجد به مغارة أعلى الجبل حيث كان يصلي.