هل يسلم الأردن ساجدة الرشاوي لـ"داعش"؟
أربك إعلان تنظيم "داعش" الأخير حسابات المملكة الهاشمية الأردنية، باشتراط مبادلة الرهينة الياباني كنيجي غوتو بالسجينة العراقية ساجدة عتروس الريشاوي، التي لا تزال في سجون الأردن، منذ أن شاركت في تفجيرات عمّان 2005 مع زوجها، وفشلت في تفجير حزام ناسف كانت ترتديه، وبأوامر من قائد تنظيم "القاعدة" في العراق آنذاك أبو مصعب الزرقاوي، وفقا لما ذكرته شبكة CNN الأمريكية.
وفي الوقت الذي مضى فيه أكثر من شهر على احتجاز الطيار الأردني معاذ الكساسبة كرهينة لدى "داعش"، والتهديد بقتله، وانشغال القصر والحكومة والأجهزة الأمنية بما فيها العشائر بالسعي لإنقاذه، سقط طلب تنظيم "داعش" كالرعد على الجميع.
تنظيم "داعش" الذي أعدم الرهينة الياباني هارونا ياكاوا يوم السبت 24 يناير/ كانون الثاني، اشترط من خلال فيديو نشر على المواقع "الجهادية"، إطلاق الريشاوي من السجن مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني كينجي غوتو، دون ذكر أي تفاصيل عن مصير الرهينة الأردني الطيار معاذ الكساسبة.
وتستخدم اليابان أقصى طاقتها من خلال الطرق الدبلوماسية، لحساسية الأمر بالنسبة للأردن، الذي لن يقبل بصفقة تستثني طياره الكساسبة، الذي ينحدر من عشيرة كبيرة في جنوب المملكة.
التصريحات الرسمية شبه منعدمة بشأن هذا الأمر، ولكن بعض من يمكن وصفهم بالمقربين من صناع القرار في الأردن، يجمعون على أنه ليس بالضرورة أن تستجيب المملكة لطلبات "داعش"، والتي يصفها أحدهم بالطلبات "المتقلبة" والتي يصعب وضع حد لها، إذ يمكن أن يكون لدى التنظيم مطالب بسقف أعلى قريبا. فالآن ساجدة وغدا قد يأتون بالمزيد.
أحدهم قال لموقع CNN عربية: "لو لم يكن لدينا الكساسبة اسيرا لسلمنا ساجدة، ولكن الصفقات يجب أن تبدأ بطيارنا". ويؤكد مراقبون على الساحة الأردنية ومقربون من دوائر صنع القرار، أن عملية التفاوض التي تتولاها خطوط "خلفية" في الدولة الأردنية، لن تقبل إتمام أي عملية تبادل "دون استعادة الطيار الكساسبة".
المحلل السياسي محمد أبو رمان اعتبر العرض الذي قدمته "داعش" بطلب السجينة العراقية ساجدة الريشاوي، شكل بالنسبة للأردن، "مفاجأة" وخلطا للأوراق. ولكن أبو رمان جدد تمسكه بأن الأطراف التي تخوض عملية التفاوض "لن تسلم الريشاوي" دون استعادة الكساسبة.
ويقول أبو رمان: "في تقديري موقف الأردن الرسمي واضح رغم أنه غير معلن، وهو أن حياة الكساسبة فوق كل اعتبار.. طرح اسم الريشاوي بحد ذاته يعني أن هناك قبولا بمبدأ التفاوض ولو كانت الرسالة مركبة إلى حد ما".
ويؤكد أبو رمان، المقرب من دوائر صنع قرار في المملكة، أن هناك أطرافا إقليمية ووسطاء غير مباشرين يشاركون في عملية التفاوض.
وحول الحديث عن أوراق ضغط أخرى، قد يلجأ إليها تنظيم "داعش" بحسب الخبير في شؤون الحركات الجهادية، حسن أبو هنية، الذي يعتقد أن "داعش" ينظر إليها كصفقات أخرى، قائلا إن "داعش تعامل بغاية الخبث" مع ملف الرهائن اليابانيين.
ويشير أبو هنية إلى أن "داعش" أراد أن يحدث حالة من الإرباك في الشارع الأردني، ويحرج كلا الجانبين، الياباني والأردني، وبخاصة أن هناك حالة ترقب في الأوساط الأردنية والعشائرية التي ينتمي إليها الطيار الكساسبة، بانتظار عودته.
ومن بين الأسماء التي طرحتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على تنظيم "داعش"، ضمن عروض محتملة للتبادل، السجين العراقي زياد الكربولي المحكوم أيضا بالإعدام في السجون الأردنية منذ عام 2008 وهو عضو بتنظيم "القاعدة"، اتهم مع آخرين حوكموا غيابيا، بالتخطيط لاستهداف شاحنات أردنية وقتل سائق أردني في طريبيل العراقية.
وطرحت المواقع أيضا اسم الجهادي محمد الجغبير، المتهم بقتل دبلوماسي أمريكي يدعى لورنس فولي، في الأردن عام 2002، وهو محكوم عليه بالسجن 15 عاما مع الأشغال المؤقتة.
ورشحت بعض التقارير أبرز قيادات التيار السلفي الجهادي في الأردن، منظر التيار الشيخ أبو محمد المقدسي، وأبو محمد الطحاوي، لقيادة مفاوضات الإفراج عن الكساسبة.
وتشير تسريبات غير معززة رسميا، إلى أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، خلال لقائه برؤساء تحرير يوميات أردنية قبل أيام، قال إن الأردن لن يسلم الريشاوي، ما دام للأردن "أسير" لدى "داعش". وجاء ذلك بعد أن التقى الملك ممثلي عشائر أردنية الأسبوع الماضي في البادية الوسطى، حيث نقل عنه تأكيده لهم أن الكساسبة هو "ابن لجميع الأردنيين" وأن استعادته هي أولوية.
ويتخوف مراقبون، من استمرار "ابتزاز" تنظيم "داعش" للأردن، الذي كان من أوائل دول المنطقة التي أعلنت مشاركتها في التحالف الدولي لمحاربة التنظيم، كطلب الإفراج عن معتقلي التيار السلفي الجهادي في السجون الأردنية، كما يرى الكاتب السياسي ماهر أبو طير.
ويتمنى القيادي في التيار السلفي الجهادي محمد الشلبي الملقب بأبو سياف، إتمام عملية التبادل، دون صدور مواقف مفصلة للتيار حول القضية.
وكان داعش أمهل الأردن 24 ساعة للإفراج عن ساجدة الريشاوي، التي تعتقلها السلطات، عبر تسجيل صوتي جاء على لسان الرهينة الياباني لدى التنظيم كنجي غوتو جوغو، مهددا بإعدام الطيار الأردني والرهينة الياباني.