التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 06:37 م , بتوقيت القاهرة

باحث أمريكي: لهذه الأسباب لا يريد المصريون ثورة جديدة

قال الباحث الأمريكي إريك تراجر، إن المصريين في الوقت الحالي لا يريدون ثورة أخرى، وأنه رغم عدم تحقيق الكثير من مطالب يناير 2011 فإن ما تبقى منها هو انكسار الدولة، وانهيار الحزب الحاكم والشرطة، وحتى بعد أربعة سنوات فإن الدولة المصرية مازالت تعاني آثار هذا الانكسار، ونتيجة لذلك يخشى كثير من المصريين من حدوث تغيير يؤدي إلى انهيار الدولة مجددا، وهو ما يدفعهم لقبول الوضع الحالي.


وأوضح تراجر، في مقال له بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن الدولة المصرية وإن لم تشهد انهيارا كاملا في ثورة يناير فإن المجلس العسكري الذي رحب به المصريون كقوة تعمل على إعادة الاستقرار فشل في إعادة بناء الدولة بسبب موجات الإضرابات والاعتصامات من العاملين في المصالح الحكومية، بالإضافة إلى خوف المجلس العسكري من التحول إلى هدف في ثورة أخرى إذا عادت القبضة الأمنية على البلاد بقوة.


وأضاف أنه مع وصول الإخوان للسلطة في شخص محمد مرسي شهدت الدولة مزيدا من الانهيار بسبب طبيعة جماعة الإخوان نفسها كتنظيم هرمي يقاوم النفوذ الغربي من أعلاه لأسفله، ويهدف لأسلمة الدولة بشكل ممنهج من أسلمة الفرد الواحد في فترة تمتد من 5 إلى 8 سنوات، وبعدها أسلمة المجتمع من الخدمات الاجتماعية، ثم الفوز في الانتخابات للوصول لحكم الدولة، وتعيين أعضاء الجماعة في مراكز القوة، وفي النهاية يهدف لدولة إسلامية عالمية تتكون من دول تابعة لحكم الإخوان تتحدى الغرب.


وأشار إلى أن هذه النظرية هي التي حاول محمد مرسي تطبيقها بتعيين عناصر من الإخوان في مراكز السلطة، وكان لها تأثير معاكس، لأن نجاح الإخوان يعني أن مصر سيحكمها الإسلاميون وليس مجرد "المباركيين الفاسدين"، مضيفا أن انعدام خبرة الإخوان في الحكم جعلهم يفشلون في التحكم في الوزارات والهيئات والمؤسسات البيروقراطية.


ولفت تراجر إلى أن الكثير من المحللين يرون رفض مؤسسات الدولة المصرية للإخوان ومحمد مرسي هو الدليل على وجود "الدولة العميقة" التي تدير مصر من خلف الستار ولكن هذا لا يعني، في رأى تراجر، أن المصطلح يشير إلى ترابط مؤسسات الدولة، فحتى مع تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسي على أولوية استعادة مؤسسات الدولة لتماسكها فإن هذه المؤسسات ما تزال مكسورة.


ويدلل تراجر على هذا الانكسار من خلال التسجيلات المسربة لعدد من كبار قادة الجيش والتي نشرها الإخوان على قناتهم التي يتم بثها من تركيا، حيث يرى تراجر أنها تثبت أن الدولة المصرية تتقاتل داخل نفسها، وأن إحدى المؤسسات الأمنية هي من صنعت التسجيلات وسربتها كتخريب ضد قيادات الجيش التي ينتمي إليها السيسي.


وأكثر من هذا يقول تراجر هو هوس الحكومة المصرية بمراقبة وسائل الإعلام، الأمر الذي يعكس من وجهة نظره حالة انعدام الثقة، إلا أنه رغم كل ذلك ما يزال السيسي في مركز قوة ويعود ذلك جزئيا لتحسن أداء الدولة تحت قيادته في أمور أساسية مثل اختفاء أزمة رغيف الخبز وتطبيق الكروت الذكية في توزيع الدعم.


ولكن يظل السبب الأكبر لقوة السيسي هو شعبيته التي يصفها الكاتب بأنها تعكس مزاج الشعب المصري كخليط من الراحة والقلق في وقت واحد، بمعنى أن المصريين أصيبوا بالتعب بعد 4 سنوات من التوتر، وفي نفس الوقت يشعرون بالرضا لأن بلادهم لا تعاني نفس مصير سوريا وليبيا والعراق واليمن حتى مع كل الأزمات الاقتصادية والديموغرافية التي تسببت في ثورة 2011 ولم يتم حلها حتى الآن.


ومع هذا يرى تراجر أن عدم رغبة الرأي العام المصري في ثورة جديدة لا يعني استقرار نظام السيسي تماما، حيث إن هذا النظام مازال يعتمد على دولة مكسورة ومحاولة إصلاحها تشمل الكثير من المخاطر، حيث يقول تراجر إنه إذا حاول السيسي مثلا تخفيض الأجور وتقليص البيروقراطية فإن ملايين المصريين سيتحولون إلى اليأس غير المحتمل، وإذا حاول السيسي إصلاح وزارة الداخلية فسوف يخاطر بابتعاد جهاز الشرطة عنه ما يسبب مزيدا من الانكسار في الوقت الذي ينادي فيه الإخوان بقتل السيسي.


ولهذا السبب يرى تراجر أن أفضل سياسة تنتهجها واشنطن تجاه مصر هي التركيز على إعادة بناء الثقة بالتأكيد على أساسيات العلاقات المصرية الأمريكية، مثل الدعم العسكري والتنسيق الأمني وحتى إن كان الدعم العسكري لا يرضي المصريين تماما بشكله الحالي فإنه في البيئة السياسية المصرية الاستمرارية تساوى الراحة، أو أن بقاء الوضع على ما هو عليه أفضل من حدوث الأسوأ.