المطرية.. بؤرة إخوانية جديدة تؤرق الداخلية
يتربع على عرش تظاهرات الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.. بـ18 قتيلا، بينهم شرطي، و5 إصابات في صفوف الأمن.. حشده ليس قليلا، والدليل على ذلك حجم الاستعدادات الأمنية التي جهزتها الداخلية لمنعه من السيطرة على ميدانها.
حي المطرية.. الذي اشتعل بتظاهرات وصفها البعض بالحاشدة، وأرجعها لتأصل جذور الإخوان والجماعات الإسلامية فيه، بينما عاتب الجانب الآخر الحكومة في إهمالها للحي الأكثر شعبية بين أحياء محافظة القاهرة، ما جعله أرضا خصبة لممارسات الإخوان غير الشرعية، ومعقلهم شبه الرسمي.
الميدان الذي لم تنطفئ له نار حتى الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين.. استغلها عدد من أنصار جماعة الإخوان، ومؤيدو ما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية"، في محاولة الاعتصام بالميدان، ما انتهى بمواجهات حاسمة من قبل الأمن.
المطرية وثورة 25 يناير
لم تكن تلك التظاهرات الأولى في تاريخ هذا الحي، الذي يعتبره العديد من المراقبين معقلا قويا لجماعة الإخوان والإسلاميين، فمنذ بداية ثورة 25 يناير في 2011، كان من أول أحياء القاهرة الذي شهد اشتباكات وعناف بين المتظاهرين وقوات الأمن، خاصة في 28 يناير، انتهت بسقوط أكثر من 30 قتيلا حتى إعلان حظر التجول، وانسحاب الشرطة عقب نفاد ذخيرتهم، فيما أحرق عدد منهم مقر قسم المطرية، انتقاما من قوات الأمن.
أعداء الداخلية
قبل ثورة 25 يناير.. قسم المطرية كان من أعنف الأقسام الذي يشهد حالات تعذيب واحتجاز للمواطنين، في ظل الوجود الملحوظ لأنصار الجماعات الإسلامية، والإخوان، فضلا عن انتشار مسجلي الخطر، وتجار المخدرات والبلطجية، الأمر الذي دفع الحي ليحمل بين طياته التضادين، وجعل لكل منهم ثأره ضد الأمن، المتمثل في قسم المطرية، ما ولد رغبة قوية لدى الجميع في الانتقام.
الدولة والإهمال
يعد حي المطرية من أكبر معاقل جماعة الإخوان، فضلا عن انتشار الجمعيات الأهلية التابعة لها، وأنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية، التي تقدم المساعدات المالية والعينية لفقراء الحي، ما جعله ملاذا قويا لهذه الجماعات، واستطاعوا كسب تأييد مواطني الحي، لما يقدمونه من مساعدات للجميع، في غياب أي دور للدولة في الاهتمام بتلك الفئات الاجتماعية الفقيرة.
ينحدر معظم سكان هذا الحي الشعبي من مناطق ريفية، ترى في الجماعات الإسلامية، خير ممثل للدين الإسلامي، دون انتماء رسمي لها، مفضلين تأييدها في أي نشاط سياسي عن أى كيان آخر.
المطرية بعد فض رابعة
عقب فض قوات الأمن اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، والإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، سقط العديد من القتلى من أهالي المطرية، ما جعل الكثيرين ينحازون لجماعة الإخوان، ويشاركون في تظاهرات ما سمي فيما بعد بـ"تحالف دعم الشرعية"، رغبة منهم في الانتقام لزملائهم وجيرانهم الذين لقوا حتفهم خلال عملية الفض.
مساعد مدير أمن القاهرة لقطاع شرق، اللواء يحيى العراقي، يقول إن "حي المطرية حي شعبي مكتظ بالعشوائيات، مما جعله منطقة خصبة لتجمعات جماعات الإخوان، ونشوب الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن".
يضيف اللواء العراقي، لـ"دوت مصر"، أن "عددا من أعضاء الجماعة يتخصص في جمع الفقراء من الأقاليم المحيطة بالمنطقة، خاصة من محافظة القليوبية المتاخمة للحي، لتوفير المشاركين في تظاهراتهم مقابل مبالغ مالية".
وتباع: "الجماعة تستغل حماس واندفاع الشباب، المتراوح أعمارهم ما بين 16 – 19 عاما، للمشاركة في فعالياتهم، مقابل 50 جنيها للمظاهرة الواحدة"، مؤكدا أن جميع المقبوض عليهم اعترفوا بذلك في تحقيقات النيابة.
الخرطوش لا يفرق بين مسلم أو مسيحي:
وبخصوص المسيحيين الذين لقوا حتفهم أمس الأحد، أكّد العراقي أنهم لم يكونوا ضمن المشاركين في التظاهرات، ولكنهم على الأرجح من "مشاهدي الأحداث"، أو المارة بالميدان.
ولفت إلى أن إصابتهم بالخرطوش، جاء نتيجة وجودهم بمحيط الميدان، قائلا: "الخرطوش ما بيفرقش بين مسيحي ومسلم".
حركة 6 أبريل تظهر في حي المطرية:
قال مسؤول العمل الجماهيري بحزب العربي الناصري بحي المطرية، عادل البهنسي، إن المشاركين في التظاهرات المطرية بالأمس، كانوا من أنصار جماعة الإخوان، وحركة 6 أبريل، وحزب التحالف الاشتراكي، وأهالي الشهداء، الذين سقطوا في أحداث متفرقة، منها فض اعتصام رابعة العدوية.
تنظيم المتظاهرين كلمة السر
وأضاف البهنسي، لـ"دوت مصر"، إن القوة التنظيمية التي خرجت بها تظاهرات الأمس، ومواجهة الأمن بـ"مهارة كما حدث"، بحسب وصفه، يؤكد أن المنظمين ينتمون لجماعة الإخوان، نافيا أي مشاركة للأهالي في ظل وجود أنصار الجماعة بشكل ملحوظ.
وأشار إلى أن المتظاهرين، استطاعوا نصب الأكمنة لقوات الأمن في الشوارع الجانبية الضيقة، واصفا إياها بـ"حرب شوارع"، لافتا إلى أن أحد المشاركين اتصل بوالدته، قائلا لها: "خدت بتار أبويا يا أمي"، عقب ضربهم أحد ضباط الشرطة، المشاركين في التصدي للمظاهرات.
6 أبريل تنفي المشاركة
نفى مسؤول الاتصال السياسي بحركة 6 أبريل، الجبهة الديموقراطية، شريف الروبي، مشاركة الحركة في تظاهرات المطرية، أمس الأحد، مؤكدا أن الحركة شاركت فقط في الفعاليات التي أعلنت عنها سابقا، أمام نقابة الصحفيين، ومناطق إمبابة، والوراق، وبولاق الدكرور.
الإخوان لم تشارك في التظاهرات بمفردها
أحد أهالي المنطقة، هاني عبدالناصر، يؤكد أن الجزء الأكبر من المشاركين في تظاهرات المطرية، كان من المنتمين لجماعة الإخوان، بجانب مشاركة جزء كبير من الشباب المدني، غير المنتمي لأي جماعات سياسية.
وقال عبدالناصر، لـ"دوت مصر" ، إن عددا من المشاركين جاءوا من المناطق المجاورة لحي المطرية، مثل منطقة شبرا الخيمة، والخصوص بمحافظة القليوبية، والتي تعد امتداد عمرانيا لحي المطرية، لافتا إلى أن العديد من شباب المطرية تزوجوا من الأحياء المجاورة، لتظل "بلدهم الأم"، بحسب وصفه، نظرا لوجود أهلهم وأصدقائهم بها.