حوار| رفعت الأنصاري: إسرائيل بريئة من الإرهاب في سيناء
عمل سكرتيرا أول بالسفارة المصرية في تل أبيب، عقب توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، تدرج بعدها في المناصب حتى صار الرجل الأول في السفارة، وكُتب عنه أكثر من 60 مقالة في الإعلام الإسرائيلي، حيث اتُهم السفير رفعت الأنصاري بالاتفاق مع دبلوماسية بالسفارة البريطانية في تل أبيب تدعى، رونا روتشي، للتجسس لصالح مصر.
حصل السفير الأنصاري خلال فترة عمله بتل أبيب على معلومات تفصيلية عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتم تهريبه بعدها من إلى مصر، مؤكدا في حواره مع "دوت مصر" أن إسرائيل لم تعلم بذلك إلا بعد رحيله عن تل أبيب بـ9 أيام.
ما هي ملابسات اتهامك بالتجسس؟
لم أكن جاسوسا، ولم أدع يوما الانتماء إلى جهاز المخابرات العسكرية، ولكني كنت أقوم بعملي دون تكليف من أي جهة مصرية بذلك، وإنما كانت مبادرة شخصية، والمخابرات الإسرائيلية لم تعلم عن مصادر حصولي على المعلومات، رغم أنها كانت مصادر إسرائيلية 100%.
وكيف تم نقلك من تل أبيب؟
ذكرت في كتابي "حكايتي في تل أبيب" أن القارئ سيعذرني لعدم ذكر أسماء لمصادري، حتى لا يتم تعقبهم، رغم مرور 30 سنة، وعملية النقل تمت سرا من خلال الأجهزة المعنية في مصر، بأسلوب بسيط، ولم تعلم السلطات الإسرائيلية إني غادرت تل أبيب إلا بعد 9 أيام.
وما هي فكرة كتابك "حكايتي في تل أبيب"؟
يتناول الكتاب موضوعات مختلفة من العمل الدبلوماسي السري، ويفسر الكثير من العادات والتقاليد الإسرائيلية، وهو أول كتاب يسرد قصص حقيقية لمصري يعيش بالمجتمع الإسرائيلي، ما يعد توثيقا لكل الأحداث التي وقعت بإسرائيل في تلك الفترة.
ما رأيك بما يشاع حول علاقة إسرائيل بجماعات إرهابية؟
إسرائيل ليست على تواصل مع الجماعات الإرهابية مثل أنصار بيت المقدس وداعش كما يقال، ولا تدعمها بأي شكل.
ماذا عن الدور الإسرائيلي في سيناء؟
لست مقتنعا بوجود مثل هذا الدور، فما يحدث في سيناء هو إرهاب إسلام سياسي متطرف 100%، والإسرائيليون ليسوا في مرمى ولا هدف الإسلاميين.
كيف ترى العلاقة بين قطر وإسرائيل؟
لا أريد أن أتطرق إلى جانب الدول العربية، وكان الأجدر أن أتكلم عن علاقة إسرائيل بالأردن أو المغرب، لكن العلاقة بين تل أبيب والدوحة جديدة وحقيقة، حيث إن قطر هي الدولة الوحيدة التي لديها مكتب تجاري إسرائيلي.
ماذا عن التحرك الإسرائيلي في الدول الإفريقية خاصة منطقة حوض النيل؟
لا يوجد شيء ملموس لتحرك تل أبيب في دول حوض النيل، وكل ما يقال مجرد تقديرات وشائعات، وإن كان هذا لا يمنع أيضا حقيقة تواجدها في بعض الدول الإفريقية، حيث كانت من أوائل الدول التي اعترفت بجنوب السودان، ولها دور أمني في شمال السودان، وتتعقب كل القوافل الخاصة بتهريب السلاح من بور سودان حتى تعبر الحدود الجنوبية لمصر، وتصل إلى سيناء لتعبر إلى قطاع غزة.
وما هي طبيعة تواجد السفير المصري في إسرائيل؟
هناك محاذير من الجانب الإسرائيلي على عمل السفير المصري في تل أبيب، إذا حدث اتصال بينه وأي من عرب إسرائيل، الذين لهم انتماءات أو علاقات ما بحزب الله وحماس، و هو ما من شأنه أن يثير شبهات وشكوك هي في الحقيقة غير موجودة.
هل هناك معتقلين سياسيين في السجون الإسرائيلية؟
على حد علمي، لا يوجد أسرى حرب في السجون الإسرائيلية، أو أسرى عمليات عسكرية، ولا ننسى أن هناك 17 ألف مصري موجود في إسرائيل الآن، ومنهم ما يزيد عن النصف قد تزوج من عرب إسرائيليات، وكثيرا منهم يقترفون أعمالا خارجة عن نطاق القانون، فيدخلون دائرة القضاء، ويتم الحكم عليهم في إطار القانون الإسرائيلي، في قضايا مدنية وليست ذات صبغة دبلوماسية أو سياسية.
وما طبيعة التواصل بين جاليتنا في إسرائيل والسلطات المصرية؟
بمجرد أن يصل المصري لإسرائيل، ويحصل على تصريح عمل، فهو لا يحتاج السفارة المصرية في شيء، وربما يفكر أنه ليس من مصلحته الشخصية أن يتصل بالسفارة، لأن هذا قد يهدد مورد رزقه وتواجده في إسرائيل.
دعنا نتحدث عن طبيعة المجتمع الإسرائيلي ورؤيته لمصر؟
تكلمت في كتابي "حكايتي في تل أبيب" عن عشاء مع اليهود المصريين، وكانت تجربة مثيرة في بداية عملي هناك، ورأيت أنهم يتميزون بعادات وتقاليد المصريين وطبائعهم، ولا زالوا يتذكرون أماكن تواجدهم في مصر قبل رحيلهم منها، ولا يجب أن ننسى أن مصر كانت من الدول القليلة التي لم تعاقب اليهود، بل غضت النظر عن تحويلاتهم في الخارج، في حين عانى اليهود العراقيين والسوريين من ذلك، حيث كان يتم شنقهم في الميادين العامة لأبسط الأخطاء.
وكيف ترى العلاقة بين إسرائيل وإيران؟
العلاقة بين البلدين قديمة، وخاصة على الصعيد المخابراتي، فالموساد تم إقامته عام 1950، بعد إقامة دولة إسرائيل بسنتين، وعقدت تل أبيب اتفاق تعاون إستراتيجي مع جهاز المخابرات الإيراني عام 1955.
وكان البترول الإيراني يسد جميع احتياجات إسرائيل، وكانت المخابرات الإيرانية تمد الموساد بكل المعلومات الموجودة لديها، فيما يتعلق بالعملاء السوفيت في تحركاتهم وأنشطتهم داخل إيران على إسرائيل، في حين كان تمد الموساد الجهاز الإيراني بكل الأنشطة الروسية ضد طهران، والتي تحصل عليها من خلال المهاجرين الروس في تل أبيب.
وبعد عام 1979 الأمور اختلفت بين البلدين، وأصبحت طهران الآن هي الشاغل الأول للعقلية الإسرائيلية، وأصبح الملف النووي الإيراني هو الهاجس الأول لدى المخابرات الإسرائيلية.
وماذا عن العلاقات الإسرائيلية التركية؟
في عام 1954 تم عقد اتفاق تعاون إستراتيجي بين الموساد وجهاز المخابرات التركي، وكان التعاون في أرقى مستوياته، حيث كانت يمد الموساد أنقرة بمعلومات عن الأكراد العراقيين، وكانت تركيا تمد إسرائيل عن الحكومات العراقية من واقع الأكراد اللاجئين إليها، وهناك تعاون وثيق على الصعيد العسكري تمثلت في علاقات إستراتيجية بين البلدين.
ووصل التعاون بين البلدين إلى أوج أوقاته، طيلة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، خاصة في التعاون الإستراتيجي العسكري، حيث تضمن مناورات عسكرية مشتركة، وإنتاج عسكري مشترك، وتبادل خبرات وتقنيات ومعلومات عسكرية فيما يخص دول الجوار، إلى أن حدثت أزمة سفينة "مرمر" التي تعرضت لها القوات الإسرائيلية، حيث توقفت جميع العلاقات بين البلدين، ما عدا التعاون العسكري الذي ظل قائما، وربما على الصعيد السياسي، كانت زوبعة في فنجان، المقصود بها، أن يحصل أردوغان على نقاط لصالحه أمام العالم العربي، وهي مسرحية متفق على أبعادها.
هل ترى أن كامب ديفيد كانت ذات فائدة لمصر؟
مصر لم تستثمر كامب ديفيد جيدا، حيث كان من الممكن أن تحصل على حقوق أكثر فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، إلا أن كامب ديفيد كانت حجر الأساس للسلام بين الدولتين، فلم يكن لمصر أن تستمر في الحرب مع إسرائيل، بعد أن انهكتها هذه الحرب اقتصاديا وعسكريا.
وكيف ترى مطالب قطع العلاقات مع إسرائيل على خلفية انتهاكاتها للعرب؟
قطع العلاقات مع إسرائيل "غباء سياسي" ممن يطلبها، حيث يجب أن تظل مصر بالقرب من العقلية الإسرائيلية، والسفارة المصرية في تل أبيب هي عين مصر هناك، وهي أقصر طريق لإرسال وتلقي الرسائل بين البلدين، والتأثير المباشر على تل أبيب وجماعات المصالح مع مصر، والسفارة من المهم أن تكون موجودة على الأرض حتى لو كانت هذه الدولة عدوا لمصر.