النيابة: المحكمة تجاهلت وثائق تدين الداخلية بقتل متظاهري يناير
ذكرت النيابة العامة في أسباب طعنها على حكم براءة الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجليه، ووزير داخليته حبيب العادلي، وآخرين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"محاكمة القرن"، أن محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود الرشيدي تعسفت في استنتاجها القاضي بأن بعض ضباط الشرطة "من ذوي عظيم الذات" هم من قتلوا متظاهرين في 25 يناير بدافع فردي منهم وبالمخالفة لأوامر رؤسائهم، بالإضافة إلى أعضاء تنظيم الإخوان والمتحالفين معهم من داخل وخارج مصر.
جريمة ممنهجة للشرطة
النيابة وصفت حكم المحكمة خلال المذكرة التي قدمتها إلى محكمة النقض – حصل "دوت مصر" على نسخة منها- بالاستنتاج المتعسف، لتغافله عما ساقته النيابة العامة من قرائن، تدل على أن تحرك أفراد وضباط الشرطة ونهجهم في مواجهة المتظاهرين بالميادين العامة، لم يكن مسلكا شخصيا، وإنما كان ممنهجا، بحسب شهادة الشهود، الذين أكدوا وقوع قتلى ومصابين بجميع المنافذ المؤدية إلى ميدان التحرير، وبعض الميادين العامة الأخرى بالقاهرة والمحافظات، وفي أوقات متزامنة.
أضافت النيابةـ في مذكرتها، أن المحكمة تجاهلت أيضا ما ثبت من مطالعة أوامر الخدمة، والتي أفادت أن القوات المعينة بأماكن حدوث الوفيات والإصابات، كانت تتبع قطاعات وقيادات مختلفة من وزارة الداخلية، وجميعها اتبعت ذات النهج والأسلوب في التعامل مع المتظاهرين السلميين، ما يفيد أن ذلك كان تنفيذا لأوامر صدرت جميعها من قيادات شرطية عليا، تترأس تلك القطاعات على اختلاف مهامها الإشرافية.
الشاعر في الميدان
كما تغافلت المحكمة عما ثبت من التحقيقات، عن ارتكاب جرائم قتل المتظاهرين بحضور ووجود العديد من القيادات الأمنية في نفس أماكن الأحداث وقت وقوعها، وما يدل على ذلك شهادة مدير فرع مباحث أمن الدولة بالقاهرة اللواء عاطف أحمد أبو شادي، التي أكد فيها تردده على ميدان التحرير، خلال فترات متقطعة يومي 25، 28 يناير 2011، وخلال ذلك شاهد مدير أمن القاهرة وقتها، اللواء إسماعيل الشاعر في الميدان – بحسب مذكرة النيابة.
النيابة أكدت في مذكرتها، أن الحكم تغافل أيضا عن شهادة مساعد مدير أمن الجامعة الأمريكية التي يقع مقرها بميدان التحرير، مختار محمد رجب، والذي شهد بأنه في يوم 28 يناير 2011 وفي أثناء وجوده بمقر عمله، فوجيء بـ15 من رجال الشرطة "ضباطا ومجندين" يقتحمون مقر الجامعة بعد كسر بابها المواجه لقاعتها الشرقية، ويعتلون سطح المبنى الرئيسي للجامعة، وبعد ذلك أطلقوا طلقات خرطوش وقنابل مسيلة للدموع بكثافة، صوب المتظاهرين الموجودين بالشوارع المحيطة بالميدان، قاصدين إصاباتهم.
تسجيلات إدانة الضباط
وذكرت النيابة أن ادعاء المحكمة بأن أوراق القضية خلت من دليل أو قرينة على إطلاق النار تجاه المتظاهرين من جانب قوات الشرطة، يخالف الثابت في أوراق القضية، إذ تغافلت التسجيلات المرئية المرفقة بالتحقيقات، الموثقة على أسطوانة مدمجة، منقولة من وسائل إعلام مختلفة كانت تبثها بشكل مباشر للجمهور، وتُظهر بوضوح إطلاق عدد من رجال الشرطة الأعيرة النارية على المتظاهرين، وسقوط بعضهم بين قتيل ومصاب.
النيابة شددت على أن تغافل المحكمة عن جميع هذه الأدلة، يجعل حكم براءة مبارك والعادلي ومساعديه، مخالفا للثابت بأوراق القضية على نحو ينبيء عن عدم إحاطتها بواقعة الدعوى بشكل تام، ويصم حكمها بالقصور الموجب للنقض.