التوقيت الإثنين، 04 نوفمبر 2024
التوقيت 08:10 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| عم سالم.. معاناة بائع جاز في زمن بلا بوابير

ينحني بظهره ليجر عربة صغيرة متهالكة، تنتهي بصنبور وقُمع مُعلق في إحدى جوانبها، يجوب الشوارع والحواري، بحثا عن زبون واحد، ربما ينادي عليه من إحدى الشرفات، أو يخرج له من أحد المحال، بعد أن يسمع ندائه، الذي يصيح به لأكثر من 3 ساعات يوميا: "جاز.. اللي عايز جاز".


عم سالم، صاحب السبعين عاما، يرفض أن يترك مهنته، التي تركها الزمن: "سبت المدرسة، وبدأت الشغلانة دي وأنا عندي 10 سنين، عشان أساعد أهلي في المصاريف، وكنت ببيع الجاز في زجاجات، ولما كبرت اشتريت عربية الجاز، وكنت بلف بيها في مصر القديمة، لأنها كانت مشهورة بمحلات الجاز وقتها".



يبدأ يوم عم سالم وأخوه صلاح، الذي يعمل معه في نفس المهنة، الساعة التاسعة صباحا، حيث يذهبا إلى منطقة عملهما في الدقي، ليأخذا عربتهما من هناك، ثم ينطلقا في رحلتهما اليومية، التي يوضحها عم سالم، قائلا: "بنيجي نأخد عربياتنا، اللي بنبقى راكنينها هنا عشان منقدرش نيجي بيها من مصر القديمة لحد الدقي، ونلف في المنطقة نجمع الجاز من محلات وورش، ونبدأ ننادي عشان نبيعه، وإحنا ونصيبنا، ممكن يجي زبون واحد في اليوم، وممكن أكثر، وممكن ميجيش ولا زبون".


بمجرد سماع صوت بائع الجاز، يخرج سكان المنطقة جميعا ليملأون "الجراكن"، لاستخدامها في إنارة بيوتهم، وإشعال البوابير.


يرجع عم سالم بالزمن 50 عاما، ليتذكر ذلك المشهد، الذي لم يعد يجده الآن: "كان زمان في تجارة وفي مكسب، لكن دلوقتي زمن البوابير خلاص انتهى، ومفيش استعمال للجاز، لأن كله بقى بالكهرباء، واللي يشتريه بيبقى عشان التنظيف بس".


ويوضح أن الجاز قديما كان نوعين، الأول جاز الكوبانية، وهو الحكومي، والثاني الأمريكاني، وهو الأعلى سعرا، لكن الآن الجاز موحد يأتي من شركة مصر.


ورغم معاناتهما اليومية، ما بين عدم قدرة أجسامهما الهزيلة على متاعب تلك المهنة، التي أصبحت غائبة عن الأذهان، وبين مكسب قلما وجداه، يصر عم سالم وأخوه على مواصلة عملهما إلى النهاية، حتى وإن كانا وحدهما من يعملان بالجاز في مصر، حسبما أكدا.