الديمقراطية في سوريا يتبناها "جهاديون"
في ربيع 2011 كان من المستحيل أن يتوقع أحد أنه في غضون سنوات معدودة سيتحول النشطاء الذين كانوا ينادون بالديمقراطية في وجه نظام بشار الأسد للانضمام إلى التنظيمات الإسلامية المتشددة التي تقاتل تقاتله، كما تقتتل فيما بينها، مثل الجيش السوري الحر، الذي كان ينظر له أنه قوة علمانية معتدلة تسعى لإنشاء نظام ديمقراطي في سوريا، لكن ذلك لم يمنعه من التحالف مع جماعات متشددة مثل "النصرة" و"داعش". حسبما يقول موقع فورين أفايرز.
ويشير تقرير الموقع إلى أن هذه التوجهات المتضاربة تثير الحيرة، ولمحاولة تفهمها أجرى مجموعة من الأكاديميين دراسة للأوضاع في سوريا، ضمن ما يعرف باسم مشروع "أصوات سوريا" والذي يعتمد على إجراء مقابلات صحفية مع مئات المواطنين والمقاتلين واللاجئين السوريين في سوريا وتركيا.
ويقول التقرير إن المقابلات التي أجريت مع المقاتلين الإسلاميين شهدت دعما كبيرا منهم للمبادئ الديمقراطية، حيث قال 60% من مقاتلي أحرار الشام والنصرة "الديمقراطية هي أفضل وسيلة للحكم" كما أجمع 78% من المقاتلين الإسلاميين أنه "من الضرورة بمكان أن تبقى سوريا دولة موحدة" وهو حسبما يقول التقرير يأتي مخالفا لحلم المتشددين الإسلاميين في بناء دولة الخلافة الإسلامية، الذي يشكك في توجهات المقاتلين، حيث يشير إلى أن الميل نحو الديمقراطية لا يعبر سوى عن رغبة منهم في تقليل مظهرهم المتشدد في عيون الآخرين؛ حتى يتمكنوا من ضم أكبر عدد ممكن من المقاتلين.
ويشير التقرير إلى فشل الجيش الحر في تحقيق الوعود التي قطعها، فقواته تم القضاء عليها من قبل الجماعات المتشددة، أو من قبل القوات السورية التي اكتسبت ثقة كبيرة بسبب الدعم الإيراني الروسي، إضافة للفساد الذي تعاني منه تنظيمات الجيش الحر والاقتتال بين فصائله وانعدام القدرة التنظيمية، ما أدى إلى شعور العديد من مقاتليه بخيبة الأمل، وانشقاقهم عنه والانضمام للتنظيمات الإسلامية المتشددة، أو الامتناع عن قتال الجيش السوري.
ويقول التقرير إن تفكك الجيش الحر بمثابة فرصة كبيرة للإسلاميين لتجنيد أعداد كبيرة من مقاتليه، عن طريق إبراز فارق التنظيم والقيادة والمهارة التي تتمتع بها التنظيمات الإسلامية، إضافة إلى المصادر المالية والعتاد الذي يمتلكه الإسلاميون.
ويقول أحد مقاتلي الجيش الحر المنشقين عنه والمنضم للجماعات الإسلامية إنه فعل ذلك ليس حبا في الجهاد، ولكن هربا من الأوضاع غير الملائمة للقتال في صفوف تنظيمات الجيش الحر "لقد كنت أحارب في صفوف الجيش الحر حتى رأيت أحرار الشام وكيف يعاملون جنودهم فانضممت إليهم".
ويشير التقرير إلى أن 94% من المقاتلين الجهاديين الذين شاركوا في المقابلات الصحفية أعلنوا أن هدفهم الأساسي هو الإطاحة بـ"الأسد" بينما قال ربع المشاركين إن هدفهم من القتال هو "بناء دولة إسلامية" في سوريا، وهو ما يشير - حسبما يقول التقرير - إلى أن العديد من المقاتلين المنضمين للتنظيمات الإسلامية يتخدونها وسيلة للمساعدة في الخلاص من الرئيس أكثر منه تبنيا لفكر هذه الجماعات المتشددة.
ويقول التقرير إن هذه النقطة تعد سلاحا ذا حدين بالنسبة للتنظيمات الإسلامية؛ فارتباط المقاتلين السوريين بها خاضع لمدى محاربة تلك التنظيمات للجيش السوري، وفي حالة انتصاره، أو ميل التنظيمات الإسلامية لبناء دولة الخلافة أولا، فهؤلاء المقاتلين سيتخلون عن تلك التنظيمات.
ويقول التقرير إن المبادئ الديمقراطية أو شكل الحكم الديمقراطي الذي يتحدث عنه المقاتلون غير واضح في أذهانهم؛ فلا يوجد منهم من أتيحت له الفرص للعيش في ظل نظام ديمقراطي، فجميعهم ولدوا ليجدوا الرئيس هو الحاكم الأوحد في سوريا، لذا جاء استخدام التنظيمات الإسلامية لعبارات على شاكلة "الخلاص من الطغاة" ليثير لديهم الرغبة في الانضمام لتلك التنظيمات المتشددة، على أمل تحقيق تلك الأهداف المنشودة.