خاص من عرسال| لاجئون سوريون: أنقذوا أطفالنا من التجمد
هربوا من جحيم الحرب متعددة الأطراف في سوريا ليواجهوا جحيما آخر، وجدوا أنفسهم بمفردهم على ارتفاع 1500 متر عن سطح البحر في بلدة عرسال اللبنانية القريبة من الحدود السورية، العواصف الثلجية تحاصرهم وهم لا حول لهم ولا قوة ولا قوت ولا ماء ولا غطاء ولا دواء ولا حتى ميتة كريمة.
آلاف اللاجئين السوريين الرسميين، المسجلين لدى الأمم المتحدة، وغير الرسميين يواجهون خطر "التجمد" في مخيمات اللاجئين بعرسال.
يذيبون الثلج ليشربوا.. والأمم المتحدة لا تساعدهم
رئيس أحد المجالس المحلية بمخيمات عرسال للاجئين السوريين "م.أ" قال في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر" إن المخيمات حالتها يُرثى لها، خاصة بعدما ضربت العاصفة الثلجية المنطقة في 7 يناير/كانون الثاني الجاري، مؤكدا أن جميع المنظمات الرسمية وخاصة الأمم المتحدة، التي وصفها أنها لا تقوم بدورها تجاه اللاجئين، انسحبت من المنطقة، ولم يتبق سوى بعض الجمعيات الأهلية التي لا توفر أكثر من ربع احتياجات المخيمات.
ويضيف: "صبيحة كل يوم ينتظر اللاجئون اشتداد أشعة الشمس حتى يتمكنون من تذويب تكتلات الثلج، التي تتراكم فوق الخيام وداخلها، لتوفير مياه صالحة للشرب، فجدول الحياة اليومية للاجئين السوريين في عرسال مكتظ جدا، في الصباح يحولون الثلج إلى مياه وفي الظهيرة يحاولون فتح الطرقات المغلقة بسبب الثلوج، وفي المساء يدعون الله أن يحفظهم وأطفالهم من التجمد.
أبسط الاحتياجات الإنسانية غير متوفرة، وحتى المعونات الغذائية والمازوت تمنعها حواجز الجيش بدعوى التفتيش ولمدة طويلة، حياة تعود عليها اللاجئون وتمرسوا عليها خلال الـ3 أعوام الماضية ولا يعلمون متى ستتوقف"، كما وصف لنا "م.أ" .
"برد" يقتل الأطفال والعالم يشاهد
على الجانب الآخر من العالم ينتظر الأطفال الشتاء للهو وصنع رجل الثلج، ولكن في عرسال الثلج يقتل الأطفال، "م.أ" حمل مسؤولية مقتل طفلين من اللاجئين بسبب البرد والظروف الصعبة من نقص الماء والغذاء والدواء إلى الدول العربية والأمم المتحدة، التي خفضت حصتها، غير الكافية، من المعونات، مؤكدا أن العالم بأسره يدرك حجم مأساة اللاجئين ويشاهد ما يحدث بأعصاب "باردة".
وأضاف: حتى المخيمات التي كانوا يحتمون بها من البرد انهار عدد كبير منها بفعل العاصفة الثلجية التي بدأت في الـ7 من يناير/كانون الثاني الجاري، بجانب أن معظم الخيم الأخرى دخلت إليها المياه والثلوج. محذرا من تفاقم سوء الأوضاع الصحية في المخيمات حيث وصف الوضع بأن الأمراض والأوبئة بدأت في الانتشار بشكل كبير بسبب نقص الأدوية والرعاية الصحية.
اللاجئون السوريون: أنقذوا أطفالنا
"أغيثونا وأنقذوا أطفالنا من التجمد، نطلب من المنظمات الإغاثية فتح معبر دولي لإدخال المستلزمات والتدابير اللازمة للحياة للمخيمات، إن لم تكن لديكم النية لفعل ذلك انقلوا أطفالنا إلى داخل عرسال ليحتموا حتى نهاية هذه العاصفة الثلجية".. كان هذا نص رسالة "م.أ" للعالم في نهاية حواره مع "دوت مصر".
المجمع الطبي في عرسال يعاني
مجمع طبي وحيد يخدم الآلاف، وشبه خالي من المعدات الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية، فحال المجمع الطبي العام للاجئين في عرسال لم تختلف عن حال اللاجئين، الدكتور باسم فارس مدير مجمع عرسال الطبي قال لـ"دوت مصر" إن المجمع الطبي يعاني، والمخيمات غير قادرة على تحمل الظروف الجوية الصعبة، وأضاف أن غياب التحضير الاستباقي سبب الأزمة الحادثة بسبب العاصفة الثلجية، والتي كشفت عورات نظام العمل الإغاثي في المنطقة العاجز حتى الآن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
عشوائيات المخيمات
عدم استيعاب مخيمات الأمم المتحدة لكل اللاجئين وانسحابها شبه الكامل من عرسال أدى لظهور مخيمات عشوائية للاجئين على أطراف المخيمات، حيث يقوم عدد من اللاجئين بتأجير قطعة أرض وبناء الخيام فوقها فيضاف عبء مادي آخر على كاهل اللاجئين إلى جانب انعدام الرعاية الصحية وتوفر المياه والغذاء غير المتوفرة أساسا في المخيمات الرسمية، كما أوضح لنا الدكتور باسم فارس.
يضيف د. باسم: الكهرباء رفاهية بالنسبة لنا، في أفضل الحالات لا نستطيع استخدامها سوى 10 ساعات، وهي كهرباء مدفوعة الأجر، فاللاجؤون يتشاركون في شراء أو تأجير مولد كهربائي يعمل بالوقود لشحن الهواتف واستخدامها في الحاجات الأساسية.
طفلة تتجمد في حضن أمها
طفلة - 4 أشهر - نامت في حضن أمها كما يحدث نهاية كل يوم، وصبيحة اليوم التالي استيقظت الأم ولم تستيقظ الطفلة، وفي هدوء قلق أمسكت الأم بيد طفلتها فوجدت أصابعها أكثر برودة من كل يوم، ولا تستجيب لصوتها، الأم حملت الطفلة وذهبت للمجمع الطبي، الدكتور باسم فارس مدير المجمع أجرى الفحوصات اللازمة للطفلة ولكنها كانت ماتت "متجمدة".