بالمصادر والفيديو :كيف أصلت كتب التراث للإرهاب والعنف؟
أحد أهم أسباب ثقافة العنف والإرهاب المنتشرة في ثقافتنا تعود إلى كتب التراث المليئة بالوقائع الشاذة وغير العقلانية، فبالرغم من أن كثيرا من القيادات والمؤسسات الدينية تدين ممارسات جماعات مثل داعش وبوكو حرام، وتصفها بالإجرامية، فإنها تدافع في الوقت ذاته عن كتب التراث، رغم إنها تحتوي الأساس الذي تنبع منه هذه الأفكار.
فمثلا جريمة قتل رسامي كاريكاتير شارلي إبدو في باريس، التي استنكرها كثير من المؤسسات والقيادات الدينية، لكنها لم تمس أصل التراث الديني الذي يستند إليه الإرهاب، فمثلا في موقع إسلام ويب، وتحت عنوان الحكم الشرعي فيمن سب الرسول، تجد الحكم أنه كافر ويقتل، وينقل الموقع آراء بعض العلماء في ذلك، فيقول إن محمد بن سحنون يري أن من شك في كفره يقتل أيضا، وينقل رأي ابن حنبل والمشهور من مذهب مالك بأن يقتل من يسب النبي مسلما كان أو كافرا أو ذميا، وينقل عن الشافعي أن دم الذمي وماله حلال إذا سب النبي أو دين الإسلام.
وفي الاتجاه نفسه، نجد كلام أبو إسحاق الحويني، الذي يؤكد أن من يسب الله يستتاب، أما من يسب الرسول فيقتل ولو تاب، مستندا في وجوب قتل من يسب الرسول لكونه آدمي يؤذيه السب، بينما الله لا يضيره سب البشر، ومستشهدا بإرسال الرسول من يقتل كعب بن الأشرف وأبي رافع لسبهما إياه.
أما قيام داعش بسبي النساء الأيزيديات والمسيحيات واعتبارهن ملك يمين، فقد أثار ضجة حول العالم من منظمات حقوق الإنسان تلتها ضجة رفض من القيادات والمؤسسات الدينية، ولكننا نجد أن هذه القيادات والمؤسسات لم تتصد لتنقيح كتب التراث التي تحوي بالفعل تأصيلا فكريا لهذه الجرائم.
فمثلا في كتاب البداية والنهاية لابن كثير الجزء الثالث باب غزوة أوطاس، يسرد الكاتب قصة الغزوة ليؤكد أنها انتهت بأسر نساء متزوجات ووقوعهن في أيدي المسلمين، فلما كره الصحابة الاستمتاع بهن كسبايا لكونهن متزوجات نزلت الآية (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) فاستحل الصحابة الاستمتاع بهن.
وبالتالي فالكتاب أورد أسباب نزول الآية ليس فقط في سياق استحلال السبي، بل في سياق كونها موجودة لاستحلال سبي النساء المتزوجات والاستمتاع بهن كملك يمين.
وعلى نفس النهج نجد خالد الجندي، في حواره مع عمرو أديب، يؤكد أن ملك اليمين مشروع وحلال التمتع بهن، وأن الإسلام لا يحرم الرق، وأن الموضوع يعتمد على موافقة ولي الأمر فقط، ولو أننا ذهبنا لبلد فيها ولي الأمر يسمح بالرق فلا مانع من شراء نساء والتمتع بهن، ما يعني أنك تستطيع الذهاب اليوم لمناطق داعش لشراء أسيرة أيزيدية للتمتع بها اغتصابا ولا تكون آثما شرعا.
وبينما قتلت جماعة بوكو حرام الأطفال والنساء ورجال الأمن والمسيحيين عبر السنوات الماضية، وخطفت الفتيات المسيحيات لفرض زواجهن من أعضاء في الجماعة، فإننا نجد أن كتاب المجموع للنووي ج9 ص 39 طبعة دار الفكر يقدم لك حلا ممتازا عند الجوع، وهو أن تقتل شخصا (مستحقا للقتل) وتأكله.
ويصنف هؤلاء المستحقين للقتل بأنهم (المحارب أو المرتد أو تارك الصلاة أو الزاني المحصن)، لأنه يعتبر أن قتلهم من حق ولي الأمر، ولكن اختصاص ولي الأمر يسقط حال ضرورة الجوع، وبعد تردد يضيف نساء العدو وأطفاله وليس سبب تردده لحرمة دماء هؤلاء، بل لأنهم نصيب لمن يغنمهم في المعركة.
وعلى نفس المنهاج يسير الشيخ العثيمين، حيث يرى جواز قتل النساء والأطفال من العدو، لأنه يلقي الرعب في قلوبهم، وأما هتك أعراضهن فلا يجوز إلا بعد السبي والقسمة، وعندها تكون ملك يمين ولا شيء في ذلك.
وفي كتاب الإقناع في ألفاظ أبي شجاع يرد في المجلد الثاني ص 561 نفس المعني مع تأكيد أنه لو وجدت رجلا وصبيا من العدو فلك أن تقتل الرجل لتأكله ثم الصبي على الترتيب، ومرة أخرى ليس الهدف هو الرحمة بالصبي بل لأنه يصلح غنيمة حرب
ورغم أن اغتصاب الأطفال هو جريمة حول العالم، وبرغم الضجة التي أثارتها فكرة سبي الفتيات الصغار والاستمتاع بهن في سوريا أو العراق أو نيجيريا، فإن موقع إسلام ويب يجيب في فتواه رقم 195133 عن جواز نكاح الطفلة والاستمتاع بها، بأن الخلاف حول الاستمتاع بالطفلة هو خلاف بين من يقول بتسليمها إجبارا لزوجها ليستمتع بها إذا بلغت تسع سنين وبين من يقول إنها إذا كانت سمينة تطيق الجماع جسمانيا فلا بأس ويعتبره الرأي الصحيح.
وبالمثل فالشيخ المنجي يؤكد أنه لا سن للزواج، ويمكن تزويج الطفلة، أما معاشرتها جنسيا فيتوقف على ما إذا كانت تطيق الفحل، ويقول إن البنت لو سنها عشر سنوات وكانت (زي الحيطة) جسمانيا فيجوز معاشرتها، أما لو كان عمرها خمسة عشر عاما (ومقروضة) ماتنفعش في حاجة فلا يجوز.
وبالطبع فإنه إذا كان عقد الزواج غير محدد بسن، والمعاشرة الكاملة محددة بأن تطيق الفحل، فإن العلاقة غير الكاملة مباحة مع الزوجة الطفلة، فيفيدنا موقع إسلام بورت في فتواه رقم 56312 المؤكدة لفتوى سابقة حذفها من الموقع بعد الهجوم عليها، وكانت برقم 23672 بأنه يجوز الاستمتاع بالزوجة الطفلة التي لا تطيق الجماع ولكن دون علاقة كاملة فيجوز تقبيلها وضمها بل والاستمناء بيديها، بل وحتى بين فخذي الطفلة لو تم دون إدخال، ولأن طالب الفتوى سأل عن مصدر فقد تم الإشارة إلى كتاب الغرر البهية للشيخ زكريا الأنصاري.
أما أفكار تحقير المرأة والتقليل من شأنها، فبالرغم من محاولة إظهارها كشذوذ فكري لأصحابها، فإننا نجدها متكررة في كتب التراث، فمثلا في كتاب (الروض المربع شرح زاد المستنقع) يصبح الرجل غير ملزم بدفع قيمة كفن زوجته بعد وفاتها، لأنه ملزم فقط بنفقتها نظير الاستمتاع بها، ولأن العلاقة انتهت بوفاتها فهو غير ملزم بقيمة الكفن.
وفي الكتاب ذاته أنه أيضا غير ملزم إذا مرضت بدفع قيمة الدواء وأجرة الطبيب، لأنه ليس من حاجاتها الضرورية.
كل هذه مجرد عينات من الأمور الإجرامية والشاذة الواردة في كتب التراث والتي تؤسس لفكر الإرهاب والقتل واحتقار المرأة واغتصاب الأطفال، والتي لا يمكن في وجود الاقتناع بها أن نكون مجتمعات سوية.