دوت تي في| السد العالي..قصة تحدي "ناصر"
يظل مشروع السد العالي واحدًا من أعظم المشروع الهندسية في العالم بالرغم من مرور 44 عامًا على افتتاحه الذي تم في 15 يناير 1971 على يد الرئيس محمد أنور السادات بعد أن أعطى شارة البدء في تنفيذه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في 9 يناير 1960.
وصلت تكلفة إنشاء السد إلى 415 مليون جنيه مصري، وكان يعمل به 400 خبير روسي وحوالي 36 ألف عامل مصري، وبعد ما يقرب من 4 أشهر على وفاة "ناصر" -في 28 سبتمبر 1970- وبالتحديد في 15 يناير عام 1971 احتفلت باستكمال العمل في مشروع السد العالي وتكوين بحيرة ناصر بطول 500 كم بمتوسط عرض 7 كم، فضلاً عن محطة توليد كهرباء السد العالي بقدرة 2010 ميجا وات، بقيمة 10 مليار ك.وات ساعة سنويًا، وثبت آخر 12 مولدا كهربائيًا في 1970، ثم افتتح في هذا اليوم الذي أعتبر عيدًا قوميًا لمحافظة أسوان.
ترجع فكرة بناء السد العالي في المناطق العليا من النيل بهدف خلق بحيرة صناعية من الماء العذب، واتخذ قرار البدء في بنائه عام 1953 ثم شكلت لجنة لوضع تصميم للمشروع، وفي ديسمبر 1954 تم وضع تصميم للسد العالي بإشراف المهندس المصري موسى عرفة والدكتور حسن زكي بمساعدة عدد من الشركات العالمية المتخصصة.
بدأت المعوقات لاستكمال المشروع تظهر أمام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر حيث واجهت مصر صعوبة في إيجاد الموارد التي تمكنها من تنفيذ المشروع مما دفعه إلى طلب المساعدة من الدول الغربية لتوفير الجوانب المالية والفنية والتكنولوجية، غير أن رفضت.
وبحجة "الخشية من انهيار الاقتصاد المصري"..سحبت الحكومة الأمريكية القرض الذي كانت ستقدمه لبناء السد العالي بحوالي 56 مليون دولار، وعلى خطاها سارت الحكومة البريطانية فسحبت القرض الذي كانت ستقدمه بـ 15 مليون دولار، كما رفض البنك الدولي منح الحكومة المصرية القرض الذي تم الاتفاق عليه بقيمة 200 مليون دولار، وجاء قرار سحب تمويل السد العالي بداية العداء بين مصر ودول الغرب.
دفعت الأزمة الحكومة المصرية لتأميم قناة السويس لتوفر الموارد اللازمة لبناء السد العالي، وتم توقيع اتفاقية في السابع والعشرين من ديسمبر 1958 في القاهرة تنص على مد الاتحاد السوفيتي مصر بالمساعدات المالية والاقتصادية لتنفيذ المرحلة الأولى من السد وقبل انتهائها تم الاتفاق مع السودان للانتفاع بفائض النيل.
ونصت الاتفاقية على أن تدفع مصر 15 مليون جنيه للسودان تعويضًا عن الممتلكات التي تغمرها مياه التخزين داخل الأراضي السودانية والتي تبلغ 150 كيلومترًا وتتعهد الحكومة السودانية بتهجير أهالي منطقة وادي حلفا قبل نهاية يوليو 1963، وبدأت الحكومة السوفيتية الوفاء في وعودها، وكانت المعدات السوفيتية تتدفق على مدينة أسوان بكميات تتزايد مع الوقت منذ أكتوبر1959.
يعد السد العالي من المشروعات الاقتصادية الكبيرة ذات العائد المادي المرتفع مقارنة بالمشروعات العالمية المماثلة له حيث وصل عائده خلال عشر سنوات منذ بدء إنشائه إلى ما لا يقل عن عشرين ضعفاً مما أنفق عليه ، لأنه ساعد كثيراً في التحكم بتدفق المياه والتخفيف من آثار فيضان النيل.
يعمل السد العالي في توليد الكهرباء بمصر، ويبلغ طوله 3600 متر، وعرض القاعدة 980 مترًا، وعرض القمة 40 مترًا، والارتفاع 111 مترًا، أما حجم جسم السد 43 مليون متر مكعب، ويمكن أن يمر خلاله تدفق مائي يصل إلى 11.000 متر مكعب من الماء في الثانية الواحدة، وتم تصميمه وفقًا للدراسات والأبحاث ليكون من النوع الركامي ومزود بنواة صماء من الطفلة وستارة رأسية قاطعة للمياه منسوب قاع السد 85 م منسوب قمة السد 196 م، وطول السد عند القمة 3830 م، وطول السد بالمجرى الرئيسي للنيل 520 م، وعرض قاعدة السد 980 م، وعرض السد عند القمة 40 مترا عمق ستارة الحقن الرأسية 170 م.
تتساوى قمته منسوب 196 فوق سطح الأرض مع هضبة المقطم في القاهرة ويعد بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصر من غوائل الفيضانات المدمرة، السد العالي حمى مصر أيضًا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979 حتى 1988، حينما تعرضت القارة الإفريقية للجفاف.
تعد السعة التخزينية للسد العالي هي الأكبر علي الإطلاق بدليل أن السعة التخزينية لأضخم سد في العالم والذي بني في الصين عام 2010 لا تتجاوز ثلث السعة التخزينية للسد العالي التي تقدر بحوالي 162 مليار متر مكعب والفارق بأن السد العالي هو سد ركامي من كتل الجرانيت وليس سدًا خرسانيًا من الأسمنت، أمام وحدات التشغيل بالسد العالي يبلغ عددها 12 وحدة تعمل بشكل مستمر ولم تتوقف وتعمل بكامل طاقتها لتنتج نحو 2800 ميجا وات يومياً من محطات توليد الكهرباء.