هل تستجيب الأحزاب لدعوة السيسي ؟
التقى الرئيس السيسي قيادات من الأحزاب السياسية على مدى اليومين الماضيين. السيسي استمع لوجهات نظرهم حول القضايا العامة وتلك المتعلقة بالانتخابات، وطرح عليهم رؤيته.
أهم رسائل السيسي للأحزاب هي أن الانتخابات القادمة ستكون حرة وبعيدة عن تدخل الدولة سواء لمساندة قائمة معينة أو مرشحين على المقاعد الفردية.
السيسي دعا أيضا الأحزاب المتشابهة في الفكر للاندماج والتوحد، وذلك للحد من الشرذمة الحزبية الموجودة على الساحة، وأكد أنه لو اتفقت الأحزاب على قائمة انتخابية واحدة فعندئذ سيؤيد هذه القائمة.
هل ستنجح هذه الدعوة وهل ستستجيب لها الأحزاب؟
الإجابة: لا
هذه الإجابة لا تتعلق بأي خلاف بين الأحزاب والسيسي تجعلها لا تستجيب لدعوته، فمعظم الأحزاب مؤيدة له. ولكن هذه الإجابة ترتبط بطبيعة الخريطة الحزبية في مصر? التي يتلخص أهم ملامحها فيما يلي:
- معظم الأحزاب الموجودة على الساحة لا تستند إلى إطار فكري واضح، تستطيع أن تتجمع في إطاره بل تستند إلى علاقات شخصية ومصلحية.
- التنافس الانتخابي في مرحلة ما قبل 25 يناير 2011 كان قائما بين قوتين أساسيتين هما القوى التي ارتبطت بالدولة والتي مثلها الحزب الوطني? وقوى الإسلام السياسي التي مثلها الإخوان.
وكان لكل كيان كوادره التنظيمية وتواجده الجغرافي بالمحافظات المختلفة. وأدى حل الحزب الوطني وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي إلى حالة من الفراغ التنظيمي فشلت الأحزاب الموجودة على الساحة في ملئه لعدم امتلاكها قواعد شعبية أو تنظيمية حقيقية. أي معظم الأحزاب ليس لها وجود فعلي على الأرض.
- تعتقد بعض الأحزاب أنها تستطيع تحقيق التفوق الانتخابي دون الحاجة للتحالف مع الآخرين? أو أنه يجب أن تحتل الصدارة أو تحصل على نصيب الأسد في التحالفات، مثل حزب الوفد الذي يرى أن تواجده الزمني لفترة طويلة على الساحة السياسية والرنين المرتبط باسمه يعطيه هذا الحق? وحزب المصريين الأحرار الذي وصل لنفس النتيجة بسبب الموارد المالية الضخمة المتاحة له.
- هناك مشكلة تتعلق بمشاركة حزب النور (ممثل التيار السلفى) في تحالفات انتخابية، حيث ترفض العديد من القوى المدنية هذا الأمر، ولكن من ناحية أخرى نجد أن هناك اتجاهات داخل التيار السلفي تُحبذ اللعب المنفرد، وترى أنها تستطيع ملء الفراغ الذي تركه الإخوان اعتمادا على طرح أيديولوجي مُقارب يخلط بين الدين والسياسة وعلى شبكة خدمات اجتماعية منتشرة في المناطق الفقيرة سوف تتيح لعدد ملحوظ من مرشحيه الفوز في الانتخابات.
- بالرغم من حل الحزب الوطني، فإنّ العديد من القوى التقليدية التي انتمت إليه لا تزال تتمتع بشعبية في دوائرها، خاصة في الريف والصعيد استنادا لجذورها العائلية أو رصيدها من الخدمات لأبناء الدائرة، وسوف يشارك هؤلاء في الانتخابات القادمة، والعدد الأكبر منهم لم ينضم لأحزاب، ويعتقد أنه يستطيع النجاح فى الانتخابات دون سند حزبي، وسوف يترشح كمستقل على المقاعد الفردية. أي أنهم سيظلون خارج دائرة الأحزاب والائتلافات الانتخابية.
وهكذا سوف تفشل الأحزاب الرئيسية في التحالف فيما بينها نتيجة لأطماعها الانتخابية وإحساسها المبالغ فيه بقوتها، وكذلك فشلها في جذب المرشحين المستقلين للانضمام إليها.
لذا من المرجح أن يتسم البرلمان المقبل بالتشرذم والانقسام? وسيضم عددًا كبيرًا من المستقلين? وسوف يترتب على ذلك غياب الانضباط الحزبي وضعف الدور التشريعي للبرلمان.
هذه للأسف هي الخريطة الحزبية لمصر، ونمط التفكير السائد بين قياداتها، والتي سوف تجعل من الصعب الاستجابة لدعوة السيسي للتحالف وتوحيد الصف.