لماذا غير "نصر الله" رأيه في المسيئين إلى الرسول؟
منذ أيام قليلة، وتحديدا الجمعة 9 يناير/كانون الثاني الجاري، أدان أمين عام حركة المقاومة الإسلامية بلبنان "حزب الله" حسن نصر الله، سلوك بعض الجماعات الإرهابية التي اتهمها بالإساءة إلى الدين الإسلامي أكثر من أعداء الإسلام.
وقال نصر الله، في كلمة متلفزة له خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي: "للأسف الشديد في هذا الزمن أصبحنا بحاجة ماسة إلى الوقوف في وجه سلوك بعض الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تنسب نفسها إلى الإسلام، وأساءت إلى رسول الله ودين الله وأنبياء الله وكتاب الله وإلى أمة المسلمين أكثر مما أساء إليه أعدائه".
وأضاف: "في مواجهة هذا الخطر، اللبنانيون ليسوا عاجزين أو ضعافا وليسوا في حاجة إلى مساعدة أحد، بقوانا الذاتية بالجيش والشعب والمقاومة، كما هزمنا الإسرائيليين نهزم الإرهابيين والتكفيريين، ونهزم كل من يفكر أن يعتدي على لبنان أو أن يطال من كرامة وعزة وأمن اللبنانيين".
وتابع: "لا العواصف الثلجية ولا الشهداء ولا التضحيات ولا الجراح ولا الآلام ولا الأعباء ولا الاتهامات يمكن أن تغير شيئا من إرادة وعزم وتصميم هؤلاء جميعا وخصوصا المجاهدين".
كلمات نصر الله أثارت استياء العديد من المحللين والصحفيين العرب، واصفين إياها بالنفاق وعدم الاختلاف عن الجهاديين الذين يتسترون بالدين لتحقيق مكاسب سياسية.
وكان حسن نصر الله، دعا في كلمة أمام الآلاف من أنصاره في الضاحية الجنوبية مطلع فبراير/شباط 2006، إبان نشر صحيفة دنماركية رسوم مسيئة لرسول الإسلام، إلى ضرورة تنفيذ فتوى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله الخميني، التي أباح فيها دم الكاتب الإنجليزي سلمان رشدي في 1989 نتيجة لتأليف الأخير رواية "آيات شيطانية" ينتقد فيها نبي الإسلام.
وقال نصر الله، في كلمته في 2006: "لو قام مسلم ونفذ فتوى الإمام الخميني بالمرتد سلمان رشدي، لما تجرأ هؤلاء السفلة من أن ينالوا من الرسول لا في الدنمارك ولا في النرويج ولا في فرنسا".
وأضاف: "أدعو فقهاء المسلمين إلى موقف صارم، مطلوب موقف مختلف من الدنمارك والنرويج ومن فرنسا، إذا لم تعالج الموضوع، لم يعد هنا شيء اسمه لبناني وسوري وإندونيسي سعودي أو ماليزي، هنا نبي المسلمين، نبي مليار و400 مليون مسلم".
وتابع: "أنا واثق أن هناك مئات ملايين المسلمين حاضرون ومستعدون أن يقدموا أرواحهم لكي يصونوا كرامة نبيهم وأنتم منهم".
في المقابل، رحب الكاتب البريطاني سلمان رشدي، مؤلف رواية "آيات شيطانية" بتغير موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منه، مؤكدا أنه من الأمر الجديد أن تتعدل أرائه خاصة عقب دعوته لأنصاره بتنفيذ فتوى الخميني بإباحة دم "رشدي".
ويذكر أن سلمان رشدي المولود في 19 يونيو/ حزيران 1947، وهو بريطاني من أصل هندي، تم إهدار دمه من قبل فتوى أصدرها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله الخميني، عقب قيام الأول بتأليف رواية "آيات شيطانية" حملت في طياتها إهانة لنبي الإسلام.
ففي 14 فبراير/شباط 1989 قال آية الله الخميني في كلمة له أذاعها راديو طهران إنه يجب إعدام سلمان رشدي وإن الكتاب هو كتاب ملحد.
في 3 أغسطس/آب 1989 فشلت محاولة لاغتيال "رشدي" بواسطة كتاب مفخخ، حاول تمريره عنصر من حزب الله يدعى مصطفى مازح، انفجر الكتاب بشكل مبكر مما أدى إلى مقتل الأخير وتدمير طابقين من فندق بادينغتون في لندن.
ألزمت الفتوى ومحاولة الاغتيال "رشدي" على الاختفاء عن الأنظار والحياة العامة لمدة تزيد عن 20 عاما، كما تسببت في تعرض العديد من دور الطباعة والنشر التي تطبع الرواية للحرق وتلقي القائمين عليها تهديدات بالقتل.
وفي 2007، أعلن رجل الدين الإيراني أحمد خاتمي أن الفتوى بهدر دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي، التي أصدرها الإمام الخميني في العام 1989 بسبب روايته "آيات شيطانية"، لا تزال سارية، مؤكدا أنها "غير قابلة للتعديل"، وذلك على إثر منح ملكة بريطانيا "رشدي" لقب "فارس" على روايته.