سجن رومية.. لبنان ينهي 17 عاما من التمرد
يعد سجن رومية الشهير في لبنان من أكثر الأماكن إثارة للجدل، بعد الأنباء التي أكدت وجود علاقة بين التفجيرين الانتحاريين الذين استهدفا منطقة جبل محسن العلوية في طرابلس، وبين سجن رومية والمبنى "ب" بالتحديد، الذي يعتبر معقل السجناء الإسلاميين من جبهة النصرة وتنظيم فتح الإسلام، إضافة لتيارات جهادية أخرى.
سجن رومية، الذي يعد من أكبر السجون اللبنانية، يقع شرق العاصمة بيروت، وبني في أواخر ستينات القرن العشرين، ليفتتح عام 1970، ويبلغ طاقة استيعابه 1500 سجينا، إلا أن هذا العدد قد تتضاعف أخيرا وبلغ عددهم أكثر من 5500 سجين في عام 2008.
عمليات تمرد
شهد سجن رومية تمردا في أبريل/نيسان عام 1998، بسبب حال الإهمال والفوضى في السجن وإدارته? بعدما ازداد الازدحام بالسجن في زمن الوصاية السورية على لبنان.
وأحرق المنتفضون الفرش والأغطية وحطموا زجاج النوافذ وخلعوا بوابات الزنازين? وشطب بعضهم جسمه بآلات حادة? وأذاعوا مطالبهم، وقام وزير الداخلية ميشال المر آنذاك بالرد عليهم عبر مكبر للصوت قائلاً إن 80% من المطالب محقة? و95% من السجناء يمكن أن يكونوا بريئين، ثم وعد بعرض أوضاع السجون في جلسة مجلس الوزراء? بغية إصلاحها وتحسين خدماتها وأنظمتها.
وفي مطلع العام 2001 بدأت موجات متلاحقة من المعتقلين والموقوفين الإسلاميين بتهم الإرهاب والاعتداء على أمن الدولة على السجن، ومنذ ذلك الوقت برز "المبنى ب" بوصفه مرتعا للموقوفين الإسلاميين من دون محاكمات.
وأخذ أهالي هؤلاء ينظمون وقفات احتجاجية بمساعدة هيئات دينية للإسراع في محاكمة أبنائهم السجناء على ذمة التحقيق? الذين قاموا بدورهم بحركات احتجاج داخل السجن? منها إضراب بعضهم عن الطعام في مايو/ آيار ?2002 عشية الإعلان عن بدء محاكماتهم.
وإبان الانتخابات النيابية الأولى بعد خروج الجيش السوري من لبنان في صيف ?2005 تم الإفراج عن عدد من الموقوفين الإسلاميين لأسباب انتخابية? في مقابل الإفراج عن قائد "القوات اللبنانية"، سمير جعجع? في عملية تذكير بتبادل طائفي للمخطوفين في زمن الحرب.
ولم تنته قصة "المبنى ب" في تلك المرحلة? بل أصبح سجنا للموقوفين الإسلاميين قبيل انفجار حرب مخيم "نهر البارد" بين الجيش اللبناني ومسلحي منظمة "فتح الإسلام" في آيار/مايو ?2007 فتكدس في المبنى مئات من المعتقلين بتهمة الانتماء إلى تلك المنظمة جلهم من الفلسطينيين والسورييين، إضافة لإسلاميين لبنانيين.
شغب وعصيان
في العام 2008، تتالت في السجن حوادث الشغب والتمرد في مبنيي المحكومين والموقوفين? إضافة إلى حوادث فرار ومحاولات فرار من المبنى ب خصوصا، وبدأ ذلك في نيسان/ أبريل 2008 بعملية شغب في مبنى المحكومين? تحولت إلى تمرد احتجاجا على انعدام التدفئة والتبريد وسوء التغذية وغياب الأسرة فأحرق السجناء الفرش والأغطية.
واستمر التمرد نحو 9 ساعات? وتمكن السجناء من أسر عريف و5 مجندين من قوى الأمن? ثم جرت مفاوضات بين إدارة السجن وقائدي التمرد? أحدهما فلسطيني والآخر لبناني.
أعقب هذا التمرد عملية فرار موقوف من "فتح الإسلام"، السوري طه أحمد حاجي سليمان، من "المبنى ب." فجر 18 سبمبر/ أيلول 2009، وتم قبض على 7 سجناء آخرين من المنظمة عينها حاولوا الفرار بواسطة أغطية موصولة كحبال مّدوها من الطبقة الثالثة من مبنى المحكومين إلى باحة السجن الرئيسة? بعد قيامهم بقطع حديد نافذة السجن بمنشار.
وفي 22 تشرين الثاني 2010، تمكن السجين وليد البستاني من الفرار? فيما باءت بالفشل محاولة زميله السوري منجد الفحام اللحاق به، كلا السجينين من "فتح الإسلام"? وبيّنت تحقيقات الأمن الداخلي تورط مجند في تسهيل عملية الهرب? بتأمينه للسجينين جهازا صامتا لقطع الحديد يعمل على البطاريات? فقطعا به حديد نافذة السجن. وبواسطة حبل أّمنه لهما المجند تمكن البستاني من النزول من الطبقة الخامسة إلى باحة السجن الخارجية.
فرار السجناء
في مطلع نيسان/أبريل 2011، بدأ السجناء تمردا واسعا ضد ما اعتبروه إجراءات انتقامية قام بها ضدهم ضابطان من قوى الأمن الداخلي في بداية احتجاجهم على سوء المعاملة، واستمر التمرد ثلاثة أيام? أشعل السجناء في أثنائها حرائق في المبنى ودمروا بعض محتوياته? فقتل السجين روي عازار في انفجار قنبلة صوتية حاول رميها على عناصر القوة الأمنية أثناء قيامها بعملية دهم السجن لإنهاء التمرد.
وفي منتصف ليل 13 آب/ أغسطس ?2011 قطع 5 سجناء في "المبنى ب" حديد شباك زنزانتهم? وخرجوا منها تباعا هابطين بواسطة شراشف موصولة إلى باحة السجن الخارجية? ثم اندسوا بين الزوار وفروا، ثلاثة منهم ينتمون إلى "فتح الإسلام"? هم السوريان عبدالله سعد الدين الشكري وعبد العزيز أحمد المصري? واللبناني عبد الناصر سنجر، أما الآخران فهما موقوف سوداني وآخر كويتي من تنظيم "القاعدة" يدعى "أبو طلحة".
وعام 2012 فر 3 سجناء من "المبنى ب"? من دون أن تتمكن قوى الأمن الداخلي من تحديد دقيق لطريقة فرارهم، وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 أحبط رجال الأمن محاولة فرار سجناء من "فتح الإسلام".
بعد نحو شهر? أي في 13 كانون الأول? أحبطت قوى الأمن محاولة فرار جماعية لعشرين موقوفا من "فتح الإسلام"? قاموا بقطع حديد نوافد مشغل السجن? وبإحداث ثغرة في جدار يصلون عبرها إلى مكتبته التي كانوا أحرقوها في عمليات شغب سابقة، وفي 23 من الشهر ذاته حدث تململ بين سجناء مبنى المحكومين? بعد تلقيهم أوامر بنقلهم إلى مبنى آخر.
وفي الشهر الأول من عام 2013 تزايدت وتيرة الحوادث في السجن: في 2 كانون الثاني 2013، وقعت أعمال شغب وإحراق فرش وأغطية في "المبنى ب"، احتجاجا على انقطاع المياه? وقام سجناء بخطف عسكريين من الحراس? ثم أطلقوا سراحهم.