التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:56 ص , بتوقيت القاهرة

بعد 4 أعوام من قتله.. "لعنة العولقي" تلاحق العالم

"سعيد كواشي، أحد الشقيقين المتهمين بتنفيذ الهجوم على صحيفة شارلي إبدو الفرنسية، قابل خلال فترة قضاها في اليمن عام 2011، القيادي البارز في تنظيم القاعدة رجل الدين الراحل، أنور العولقي"، تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أخيرا عمن وصفته بـ"مصدر كبير في المخابرات اليمنية"، وأكدتها مصادر أمريكية وأوروبية قريبة من التحقيقات في الحادث.


وفي هذا الصدد، قال أحد شهود العيان إنه سمع الشقيقين يصرخان في وجه المارين أمام الحادث، مطالبين إياهم بإخبار وسائل الإعلام بأن "هذا من فعل القاعدة باليمن"، وقد أخبرا سائق السيارة التي اختطفاها بأن هجومهما يأتي انتقاما لمقتل العولقي، ليعاود اسم من يعتبره مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" الملهم الروحي لتنظيم القاعدة، للظهور من جديد، حتى بعد مرور 4 أعوام على مقتله.



من هو العولقي


هو أنور ناصر العولقي، ولد في 22 أبريل/ نيسان 1971، لأب وأم يمنيين بولاية نيو مكسيكو الأمريكية، وعاد مع عائلته عام 1977 إلى اليمن، حيث درس في مدارس آزال الحديثة، وشغل والده منصب وزير الزراعة وعين رئيسا لجامعة صنعاء.


من جديد، عاد العولقي إلى ولاية كولورادو في عام 1991 بمنحة دراسية من الحكومة اليمنية، حين حصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة كولورادو عام 1994، وحصل أيضا على شهادة الماجستير في القيادة التربوية من جامعة ولاية سان دييجو، وقد عمل على درجة الدكتوراة في تنمية الموارد البشرية بواشنطن جورج وكلية الدراسات العليا جامعة التربية والتعليم والتنمية البشرية من يناير إلى ديسمبر/ كانون الأول 2001.


علاقته بالقاعدة


ارتبط اسم العولقي بسلسلة من الهجمات، بدءا من هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، ومرورا بحادث إطلاق النار في قاعدة "فورت هود" العسكرية الأمريكية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، وأخيرا محاولة التفجير الفاشلة لطائرة أمريكية كانت تقوم برحلة بين أمستردام وديترويت يوم عيد الميلاد 2009.



شهر عسل قصير


عقب أحداث سبتمبر، كان العولقي على قائمة المدعوين إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة كأحد قادة الجالية المسلمة هناك في محاولة من الأمريكيين للتخاطب مع رموز الجالية المسلمة، في عهد الرئيس السابق، جورج بوش الابن.


غير أن الأمور تغيرت بعد أن ورد اسم العولقي مرتبطا ببعض الأسماء التي كان لها دور في أحداث سبتمبر على نيويورك وواشنطن، لتبدأ رحلة هروب العولقي من الملاحقة الأمريكية في ديسمبر 2007، حين فر إلى اليمن وانتشرت خطبه ومواعظه على شبكة الإنترنت، التي يقول كثيرون إنها تشجع على ثقافة العنف وتساهم في تجنيد المزيد من الشباب في التنظيمات المسلحة.



مطلوب حيا أو ميتا


وضعت الولايات المتحدة اسم أنور العولقي ضمن قائمة "أكثر الإرهابيين خطورة" في يوليو/ تموز 2010، ما يعني أنه كان مطلوبا حيا أو ميتا، ويعتقد أنه كان يختبئ في جبال محافظة شبوة وسط اليمن، حيث يتمتع بحماية قبلية، ودعا جميع المسلمين في صفوف الجيش الأمريكي إلى الاقتداء بما قام به نضال حسن، الطبيب المجند الذي قتل 13 شخصا عام 2009 في قاعدة "فورت هود" العسكرية بولاية تكساس جنوب الولايات المتحدة، الذي حكم عليه عسكريا بالإعدام.



وبعد ارتباط اسمه بعمر الفاروق، منفذ محاولة تفجير طائرة "خطوط الشمال" فوق ديترويت، أعلن مسؤول أمريكي أن إدارة أوباما سمحت باغتيال العولقي، بعدما خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية إلى أنه شارك مباشرة في مؤامرات ضد الولايات المتحدة، الأمر الذي عارضه والده الدكتور ناصر العولقي، وسعى دون جدوى لملاحقة من سمح بملاحقة ابنه وقتله.


وفي يناير 2011، أصدرت محكمة يمنية حكما غيابيا على أنور العولقي بالسجن 10 سنوات لصلته بمقتل مهندس فرنسي.


مقتله


في صبيحة يوم 30 سبتمبر/ أيلول 2011، انطلقت طائرات دون طيار من مهبط تديره وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي أي) في السعودية وعبرت الأجواء اليمنية، لتحلق فوق موكب العولقي في منطقة صحراوية بمحافظة الجوف في اليمن، قبل أن تقوم إحدى هذه الطائرات من طراز "ريبر" أو الحاصد، يديرها موجهون من على بعد آلاف الأميال، بإطلاق صواريخها صوب الهدف.


وأسفرت الغارة عن مقتل أنور العولقي وعضو آخر بالقاعدة هو المواطن الأمريكي من أصل باكستاني سمير خان، الذي قدم إلى اليمن من كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة، وكان يمثل القوة الإبداعية وراء مجلة التنظيم المسلح باللغة الإنجليزية على شبكة الإنترنت.



الغائب الحاضر


الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أشاد بعملية قتل العولقي، واصفا إياها "بالخطوة المهمة" في الجهود الهادفة لدحر التنظيم، ما أكده مركز "إنتل سنتر"، وهو مركز بحثي غير حكومي مقره الولايات المتحدة يرصد الجماعات الجهادية المسلحة، الذي اعتبر مقتل العولقي بمثابة صفعة قوية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، متوقعا أن يترك أثرا على قدرات الجماعة على استقطاب وإلهام الشباب وجمع التمويل.



غير أن مجلة "إنسباير" الإلكترونية التي تولى العولقي الإشراف عليها مع سمير خان، استمرت في نشر ليس الخطاب المسلح فحسب، إنما أيضا تعليمات عملية حول كيفية إطلاق النار وصنع العبوات الناسفة، ولا تزال خطب العولقي توفر حججا دينية لتلك الأعمال التخريبية التي تندد بها بقوة الغالبية الكاسحة من المسلمين والسلطات الإسلامية.