التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:21 م , بتوقيت القاهرة

حوار| رئيس "استشاري التعليم": لا مجانية للحاصلين على أقل من 70%

أثار إعلان المجلس الاستشاري للتعليم العالي والبحث العلمي، بتحويل نظام التعليم بالجامعات لنظام المنح جدلا واسعا بين صفوف أعضاء التدريس والطلاب وأولياء الأمور.


وينتظر الجميع ما سيسفر عنه هذه المشروع، الذي يندرج تحت المبادرة التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفالية المولد النبوي الشريف، تحت عنوان "نحو مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر"، والتي تضم بين توصياتها 31 مشروعا.


"دوت مصر" أجرى حوارا مع رئيس المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي برئاسة الجمهورية، الدكتور طارق شوقي، الذي يكشف عن تفاصيل تلك المباردة.


لماذا تم تشكيل المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي؟


الرئيس لم يحبذ وجود فكرة المستشار الأوحد، لذلك وجد من الضروري الاستعانة بأكثر من وجهة نظر، خاصة وجهة نظر الجهات التنفيذية، لذلك رأى أن تكون هناك مجالس أخرى غير المجالس التخصصية، في أمور يراها أولويات الدولة كالبحث العلمي والاقتصاد وتنمية المجتمع، وتكمن الفكرة من تلك المجالس أن يتم طرح قدر كبير من الأفكار، وأنه لو وجد 10% من الأفكار قابلة للتنفيذ بشكل جدي يعتبر خيرا، وهذا ما سمعته شخصيا من الرئيس، وأن هذا أفضل كثيرا من رأي الفرد، لذلك تم تكوين هذا المجلس.


هل كان لكم دور في مناداة الرئيس بتجديد الخطاب الديني؟


عندما نادي الرئيس بتجديد الخطاب الديني كانت نصيحة من المجلس الاستشاري للتعليم والبحث العلمي ومجلس علماء مصر ومجلس تنمية المجتمع أيضا، حيث اتفق الجميع على تلك النقطة الحيوية، فطلبات الرئيس من الإعلام والأزهر والمعنيين بالدين كلها تتمحور حول تجديد الخطاب الديني.


وتجديد الخطاب الديني من شأنه إعادة مصر وشعبها إلى الشخصية المصرية الجميلة، التي كان يمتلكها، ولو تخيلنا أن كل فرد من المجتمع- دون طلب من الآخر- أنه اتقن عمله، ونفذ الدين كما ينبغي، ستكون النتيجة خلو المجتمع من الفساد والإهدار، وهذا فقط لا يتطلب غير إعادة النظر فيما نقوم به.


ما الدراسة المبدئية لتحويل الدراسة بالجامعات لمنح؟


الأرقام التي وردت إلى أسماعنا أن أقل من 30% بالتعليم الجامعي ينهون دراستهم في المدة الطبيعية، وأن 70% من الطلاب يستهلكون أكثر من المدة الطبيعية للدراسة، وأن هذه الأرقام خرافية، فعند الإشارة إلى إهدار الموارد يجب أن ننوه بأن الطلاب الذين دخلوا بمجموع الثانوية العامة بمقدورهم تلك الكليات تدهور أداءهم الأكاديمي، حيث إنهم لم يصبحوا على المنوال ذاته فأصبح بدل 4 سنوات بالكلية إلى 6 سنوات.


وعند حساب التكلفة البسيطة الواقعة على الدولة من هذا الأداء، وتجميع تكلفة هؤلاء الطلاب الراسبين وما تكبدته الدولة من أموال على مدار 50 سنة ماضية نسي الشعب التكلفة التي تتكبدها الدولة من التعليم المجاني، فهناك تكلفة للطالب صاحب السنوات الدراسية الطبيعية وهناك تكلفة للطالب الراسب، وحاليا يتم تجميع أرقام التكلفة وإحصائيات الطلاب أيضا.


ويقوم المجلس بذلك لتوعية الشعب بأن ما يتم صرفه على التعليم المجاني هو جزء من دخل الدولة يضيع سنويا في دعم طلاب لا يأخذون عملية التعليم بجدية، فيتم أخذ المصاريف التي يدفعها هؤلاء الطلاب لدعم الطلاب المتفوقين علميا، عن طريق دعم المكتبات والكتب والمدرجات وغيرها، أي إعطاء خدمة أفضل.


كيف سيتم التحصيل من الطلاب خاصة طلاب الفرق الأولى؟


الطالب في بداية الأمر عند دخوله الجامعة تعتبر منحة له، أي أن طلاب الثانوية لن يتم تحصيل المصروفات منهم لأنهم بالفعل تم قبولهم بالجامعة، وسيفضل الحال كما هو عليه مادام تقدير الطالب في سنوات الدراسة من 70% فيما فوق، سيكون في قائمة مجانية التعليم.


ماذا أعددتم لتطبيق هذا المشروع؟


الجدول التصاعدي ما زال في طور البحث، إلا أن ما تم شرحه سابقا هو ما وضع حتى الآن، ويجب أن الهدف هو شرح للشعب المصري بأن لكل شيء ثمن، لأن الشعب تعود على عدم فعل أي شيء وطلب كل شيء، فلا يمكن للشعب التقدم على هذا الحال، كيف نتقدم والشعب على الكافيتريات يتجادل ويفتي ولا يفعل شيئا، ولو شخص  اتخذ هذا الأسلوب بالخارج سيجد مأواه الشارع.


ليس هناك حقوق بدون واجبات، فعلى الطالب أن يفهم أن ما يأخذه من شيء مقابل شيء، فلا يصح أن أخذ على مبدأ "أنا موجود".


ما آلية ضبط عملية حصر الطلاب الراسبين؟


نحن أخذنا الضوء الأخضر في ديسمبر الماضي لفتح تلك الملفات، لبحث وكشف تلك المشكلات ووضع حلول لها، وتم بدء وضع تلك الخطط بعد 15 ديسمبر، إن كل ما حدث عبارة عن عنوان لكل ملف، وبدأنا فيما بعد وضع تفاصيل تلك العناوين.


كيف يمكن الاستفادة من الأموال التي سيتم تحصيلها؟


نحن بصدد تلك التجربة، وبعد عام سندرس ما تم تقديمه، وما نجحنا فيه، وما الذي أخفقنا فيه، فنحن جهاز وظيفتنا استشارية، ومشرفة على التنفيذ، ثم راقبية على الأداء، فوظيفتنا الحالية الاستشارية، وبعد ذلك نستطيع معرفة كيفية الاستفادة بتلك الأموال، فيمكن استخدامها في تحسين مستوى الأساتذة أو العاملين، أو نبني جامعات جديدة.


كيف سيتم التعامل مع الطلاب المتعثرين في حالة حصولهم على أقل من 70%؟


هناك طرق البحث، أو السماح له بالرسوب مرة واحدة، وبعد ذلك نطبق عليه المصاريف، كما يحدث في لعبة كرة القدم هناك إنذارين للاعب المخالف ثم اتخاذ قرار الطرد، ولكن هذا مازال في طور الدراسة، فلم نتفق حتى الآن هل نترك للطالب السماح مرة واحدة للرسوب بدون مصاريف أم لا.


ولكن في حالة رسوب الطالب عدة مرات ولا يستطيع دفع المبالغ المطلوبة، فهناك اقتراحين حتى الآن، أحدهما من قبل أحد رؤساء الجامعات، بأن يترك الطالب للعمل لفترة ثم عودته للدراسة، والاقتراح الثاني هو قروض بنكية للطلاب، وذلك عن طريق إعطاء منح للطلاب خلال الدراسة، كما يحدث في الخارج لحين تخرجه، وثم تخصم تلك الأموال من راتبه بنسب حتى الانتهاء من تلك المنح.


ماذا عن الطلاب الذين يتعمدون الرسوب لتلقي خدمات علاجية بالجامعات؟


مصر تشبه العالم الكرتوني، فهناك بطالة مقننة و90% من المرتبات تصرف دون مقابل من العاملين، وبدون تأنيب للضمير، لذلك ما نقوم به من خطط وما نحاول نقنع بها الرئاسة ليست الخطط في حد ذاتها، ولكن عودة القيم الأخلاقية وفي مقدمتها الضمير، وفكرة المواطنة، فليس "لأني أعيش وأتنفس يبقى استحق العلاج والخدمات وغيرها"، فهذا المبدأ مرفوض.


هل  نظام المنح سيطبق على المعاهد؟


كل المعاهد المدعومة من الدولة وتحت مظلة التعليم العالي سيطبق عليها المنح الدراسية، وأن الأنظار الآن لوزارة التعليم العالي، ولم يتم مناقشة المنح لوزارة التربية والتعليم حاليا، والمعايير التي ستفرض على الجامعات الحكومية ستفرض علي الخاصة.


 كيف يمكن تفادي تقديم تقارير خاطئة عن الأعداد الحقيقية للطلاب الراسبين لكم؟


هذا الفعل سيتسبب في عواقب تصل إلى الحبس، فيمكن في نهاية الأمر أن يكون هناك تنافس من قبل الجامعات من أجل الحصول على تلك الأموال في المقابل إقامة المشاريع.


فنحن علينا وضع آلية تجميع الأموال، وآلية تقديم المشاريع، وكذلك آلية الحكم على المشاريع، والأجهزة التي ستنفذ وتساعد في إقامة تلك المشاريع ليست من دور المجلس التنفيذ.


هل سيتم الانتهاء من هذا المشروع في شهر مارس المقبل؟


يحاول المجلس حاليا إيجاد حلول للمشاكل التي تم طرحها خلال الحوار، والتواصل مع الجهات المعنية للوصول للنتيجة النهائية، خلال تلك المدة.


ما رأي وزراء التعليم العالي والتربية والتعليم بشأن المقترح؟


الاجتماع الذي حدث لم يطرح به اقتراحات للمجلس، بل كان الهدف السماع لمقترحاتهم، وذلك لمرتين قبل الجلوس مع رئيس الجمهورية والثانية عقبها، وذلك لاستيعاب الأفكار، وهم لم يعلموا بالخطة الموضوعة إلا عقب صدورها، والخطة وضعها رئيس الجمهورية وسيتم مناقشتهم فيها خلال الأسابيع المقبلة.


هل تم رفع تقارير لرئيس الجمهورية بشأن التعليم؟


لم يتم رفع تقارير بالمعنى الكلاسيكي من قبل المجلس، فقد تم تكوين المجلس في أوائل سبتمبر، واجتمع أعضاء المجلس من أجل وضع إطار عام للمشكلة، ليليها مقابلة مع السيد الرئيس في 31 سبتمبر، لعرض تصور المجلس للمشكلة والخطة وآليات العمل.


كما تمت مناقشة آليات العمل وبعض الأفكار، وطلب الرئيس اجتماعا أخر في القريب العاجل، ليس طلبا لوضع تقارير بقدر إيجاد حلول عاجلة لمشاكل واضحة وصريحة في التعليم والبحث العلمي، وذلك لحاجة المواطنين للمس أمل وتحرك في الاتجاه الصحيح.


وتم طرح أول باكورة إنتاج المجلس، وهي مبادرة نالت إعجابه، بعنوان "نحو مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر"، وتحتوي على قطع صغيرة حاوية على 30 محورا، في حالة الخطى بشكل متوازي بها يمكن الوصول في المجمل إلى انتاج.


المجلس طرح أمام الرئيس 30 محورا للتعليم للخطى نحوهم، وبعد المناقشة طلب الرئيس السير في هذا الاتجاه، وبعد 10 أيام تفاجئ المجلس بإعلان الرئيس عن فريق العلم لتبني المبادرة.


هناك 30 مشروعا تم تقديمها للرئيس لماذا تم البدء بـ10 فقط؟


الفكرة تكمن فيما سيتم تطبيقه في زمن قصير نسبيًا ثم متوسط ثم زمن طويل المدى، لأن ليست جميع الأفكار طويلة المدى، فيجب البدء بخطوات للبنية الأساسية، حيث تقسيم الـ30 مشروعا إلى 3 مراحل تقريبا، كل مرحلة تحتوي على 10 مشاريع، المرحلة الأولى للمدى القصير، أي أقل من سنة، والثانية للمدى المتوسط  بين السنة والثلاث سنوات، والأخيرة للمدى الطويل لأكثر من 3 سنوات.


وتم تقسيم ذلك في أذهان المجلس، لأنه يمكن البدء فيها بالتوازي، فليس شرطا أن نبدأ بالقصير فقط، حيث إن لكل مشروع نتيجة خاصة به، فيوجد من ستظهر نتائجه عقب 8 أشهر وأخرى بعد سنتين والآخر بعد 5 سنوات.


أما عن مسميات الـ30 مشروعا، فهناك خريطة لها، ففي مشاريع قصيرة المدى هناك مشروع المنح الدراسية، ومشروع تنظيم البعثات، وقانون تنظيم الجامعات، وإنشاء حاضنة علمية قومية لدعم الابتكارات العلمية المصرية، وقاعدة بيانات لأجهزة البحث العلمي، والارتقاء بمستوى خدمات المقدمة للطلاب في الجامعة، وإنشاء مكتبة إلكترونية لمناهج، ودعم الخدمات الطبية داخل الحرم الجامعي.


أما عن المدى المتوسط، فهناك مشروع التنمية المهنية المستدامة للمعلمين، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال، ومشروع رخصة مزاولة المهنة في التعليم العالي والفني، واستراتيجية التعلم لدعم تكنولوجيا المعلومات، ومشروع الاعتماد الدولي للجامعات المصرية، وقانون تنظيم البحث العلمي، وإنشاء معمل مركزي لأجهزة القياس المكلفة لدعم الباحثين عبر الجمهورية، ويمكن تدشين حزم امتيازات للمعلم كالرعاية الصحية، وإنشاء هيئة قومية لتصنيف الجامعات المصرية، ودعم نشر وترجمة العلوم الإنسانية والأدبية باللغة الإنجليزية، لقارئتها بالخارج بهدف تقدم تصنيفها.


أما عن المدى الطويل، نريد أن نضع استراتيجية "مصر للتعليم نحو مجتمع مصري يتعلم"، وذلك في 50 عامًا، لكي تستمر عبر تعدد الرؤساء فيما بعد، وذلك لكل رئيس خطوة يطبقها في تلك المرحلة، كما يحدث في الولايات المتحدة ومحاسبة كل فرد في كيفية التنفيذ بالخطة الموضوعة، وبالتوازي ستضع استراتيجة "مصر للبحث العلمي نحو مجتمع مصري يبتكر".


بالإضافة إلى إغلاق الفجوة بين متطلبات المجتمع الصناعة ومخرجات النظام التعليمي، وتعظيم التعاون مع الدول العربية والأفريقية في البحث العلمي، و"إعادة بناء النظام التعليمي بالكامل"، حيث تقوم الدولة بدور المنظم والحارس على الجودة، وكذلك عن طريق بناء دور تنميات الاتصال والمعلومات، وكذلك أطر جديدة ومبتكرة لبرامج كليات التربية، لمعالجة الأسباب الجذرية لمشاكل المعلمين، وهناك إيحاء نوعية التعليم المجتمعي، عن طريق دعم المنظمات غير حكومية.


وإلى جانب تلك المشاريع وعددها 27 هناك مبادرة لتجديد الخطاب الإعلامي المتعلق بالتعليم والبحث العلمي، وذلك من التوقيت الحالي، وكذلك إعداد برامج متخصصة لنشر الثقافة العلمية بين الشباب، وإعداد مسابقات قومية علمية، وهناك ندوات استماعية مجتمعية، لتصبح عدد المشاريع قرابة 31 مشروعا. 


لذلك قول الرئيس لمبادرة "نحو مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويبتكر"، بتلك الصياغة نابعًا من من خطط واستراتيجة لتلك المحاور، وذلك عن طريق السير بالتوازي لتصب النتائج في اتجاه واحد، وميزة المجلس أنه حر الحركة، أي أنه ليس تابعا لأي فرد أو فئة سياسية، أو في منصب تنفيذي، أو يتقاضى أجرا، ولديه الحيادية- كما نتمنى- للتنسيق بين الجهات، وأن الأهمية لدى المجلس حفظه بالدور الحيادي والمركزي.


من سيعد قانون التعليم العالي المجلس أم الوزير أم اللجنة المشكلة لإعداده؟


ليس هناك مشكلة من أين سيتم إعداد القانون، فكل جهد مبذول يأخذ بعين الاعتبار، فالتنسيق بين الجهات إحدى أهداف المجلس الاستشاري، وكما أوضحت من قبل أننا نحاول العمل بحيادية مع جميع الجهات، والبناء على كل ما هو موجود، وليس الهدم.


ولكن شيء نريد إضافته وهو جديد، حيث أنك خارج المنظومة فسترى الشيء كما هو، فيقوم المجلس بتقديم الصورة كما هي، حيث أن ترتيب مصر علميًا كما هو لا يوجد جديد.


نعي جيدًا أننا نحتاج إلى خبرات السابقين ولكن نريد عملية التنقيح، من أجل المصلحة العامة وهي التعليم، من أجل إعلاء ترتيب مصر عالميًا علميًا.


كيف سيتم البدء في المقترح.. وماذا يلقى على عاتقك؟


نحن نسير بالتوازي في 10 اتجاهات، وأنا مسؤول عن تلك الملفات.


هل استقبلتم تقارير من المركزي للمحاسبات خاصة أنه رفع تقرير للرئاسة منذ عدة أيام بمساوئ التعليم الأساسي والجامعي؟


تم استقبال تلك التقارير ولكنها تحت الدراسة، نحن نهدف إلى تحقيق تلك الخطط حتى لو نصفها، سيعد إنجازا، وبداية أخذ العلاج، هي مواجهة المشكلة، وعلينا نواجه أنفسنا في المرآة، نحن لسنا حضارة 9 آلاف عام، يجب أن نواجه أنفسنا نحن في حالة متأخرة في التصنيف العالمي للجامعات وأن تطبيق القواعد في العالم ليس سجنا أو جيشا، أما الذي يوجد في مصر خطأ.