الكويت ومصر.. علاقة تاريخية مرت بـ"مطبات"
يتجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى الكويت غدا الاثنين، في زيارة هي الأولى من نوعها، وينظر إليها العديد من المراقبين والمحللين على أنها تاريخية، حيث يعول المصريين عليها لاستقطاب رؤوس أموال من الممكن أن تساهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي ما زالت تعاني مصر من آثارها، بينما ينظر الخليجون للزيارة على أنها اعتراف ضمني بمساندتهم لمسار ثورة 30 يونيو، وإعادة تأكيد للتزام القاهرة بضمان أمن الخليج.
ومرت العلاقات المصرية الكويتية بمحطات عديدة وحاسمة، يستعرضها "دوت مصر"..
عبد الناصر
في 19 يونيو/ حزيران 1961 انسحبت بريطانيا من الكويت وأعلنت الأخيرة استقلالها بعد 5 أيام فقط، وهو ما لاقى تأييدا ودعما من الرئيس المصري وقتها جمال عبدالناصر، دفع رئيس الجمهورية العراقية آنذاك عبد الكريم قاسم للتراجع عن إعلانه ضم الكويت إلى بلاده.
وفي 10 يوليو/ تموز استقبل عبدالناصر، وزير الخارجية الكويتي الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، في القاهرة، وأعلن تاييد مصر للحقوق الكويتية، وألقى عبدالناصر بيانا قال فيه "إن الوحدة لا تتم إلا بالإرادة الشعبية فى كل من البلدين وبناء على طلبهما معا".
وعلى الرغم من أن مصر كانت غير مرتاحة لاستدعاء الكويت لقوات بريطانية وقتها، فإنها أيدت هذا الطلب فى الجامعة العربية، بل وشاركت فى القوات العربية التى تجمعت وقتها للدفاع عن الكويت.
وكان السفير عبدالعزيز حسين، الذي أوفد إلى جمهورية مصر العربية، أحد أوائل السفراء الذين مثلوا الكويت في الخارج، وشارك نخبة من خبراء وأساتذة القانون الدستوري المصريين في صياغة دستور الكويت.
وفي عام 1966 زار الأمير الكويتي الراحل الشيخ صباح السالم، مصر واجتمع مع عبدالناصر لوضع نهاية لحرب اليمن، وكان آخر من ودع عبدالناصر بعد قمة القاهرة في 28 سبتمبر/ أيلول 1970 في المطار، ليكون آخر زعيم يلتقي الرئيس المصري قبل وفاته.
السادات
في حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 بين مصر وإسرائيل، شاركت الكويت على الجبهة المصرية من خلال لواء اليرموك، وقدمت ثلثي تسليح الجيش الكويتي إلى مصر.
لكن العلاقات المصرية الكويتية توترت بشدة في أعقاب زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لتل أبيب 1978، لبدء مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، وتبادلت القيادة المصرية والخليجية عامة والكويتية ضمنا التراشق بالعبارات، حيث اعتبرت الدول الخليجية الخطوة المصرية نكوصا بالتعهدات والالتزامات في الصراع العربي الإسرائيلي، بينما اعتبرت مصر الخطوة المفتاح نحو حل شامل ونهائي.
مبارك
بدأت العلاقات بين مصر والدول العربية المقاطعة لها بسبب السلام مع إسرائيل، تعود تدريجيا بعد وفاة السادات 1981، وتولي حسني مبارك الحكم، ومع احتلال العراق للكويت 1990، ومشاركة مصر القوية والحاسمة للتحالف الدولي لتحرير الكويت، عادت العلاقات المصرية العربية إلى مجاريها، وساهمت مصر بقوات ضخمة قدرت بنحو 35 ألف جندي، واشتركت في معارك ضارية مع القوات العراقية، ولذلك تعاطف الكويتيون مع مبارك إبان ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وتطوع فريق من المحامين الكويتيين للدفاع عنه.
مرسي
مع وصول محمد مرسي لسدة الحكم في مصر، في أول انتخابات بعد ثورة يناير تشهدها البلاد، سيطرت حالة من الترقب والفتور على العلاقات المصرية الكويتية.
منصور
كانت الكويت ثاني محطة للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور، الذي تولى الحكم عقب الإطاحة بمرسي في ثورة 30 يونيو 2013، حيث ترأس منصور الوفد المصري المشارك في القمة العربية بالكويت في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، وعلى الرغم من محاولة التنظيم الدولى للإخوان الحشد ضد استقبال الرئيس المصري، فإن القيادة الكويتية استقبلته بحفاوة بالغة، كما ساهمت الكويت في حزمة المساعدات الخليجية العاجلة إلى مصر في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان.
السيسي
شارك أمير دولة الكويت في احتفالات تنصيب السيسي رئيسا لجمهورية مصر العربية، في خطوة تعكس حرص الدولة الخليجية على الوقوف خلف النظام المصري الجديد.
علاقات تاريخية
وقال الخبير بمركز الخليج للدراسات الإستراتيجية اللواء جمال مظلوم، إن العلاقات المصرية الكويتية تاريخية، وأضاف لـ"دوت مصر"، أن الكويت من أكبر الدول في العالم التي تستقبل عمالة مصرية، بعد السعودية، لافتا إلى أن تحويلات المصريين من الكويت تقدر بالملايين سنويا.
أوضح في المقابل أن مصر من أكبر الدول الداعمة للاستقرار السياسي والاقتصادي في الكويت، كما تساهم مصر بشق كبير في حماية النظام الإقليمي لدول الخليج والمنطقة.
ونبه مظلوم إلى أن أهمية زيارة السيسي إلى الكويت، تأتي من تزامنها مع الحرب على تنظيم "داعش"، وتصاعد تهديدات البرنامج النووي الإيراني، فضلا عن الاضطرابات التي تعم المنطقة، والتي من المؤكد أن يتناولها اللقاء بين الزعيمين المصري والكويتي.