عمال "العقارية".. المرض ينهشهم والبنوك تلاحقهم
"الفقر، المرض، قلة الحيلة".. هذا هو حال عمال الشركة العقارية المصرية، والذي لايختلف كثيرا عن حال عمال شركة مساهمة البحيرة إحدى شركات الاستصلاح الزراعي، اللذين أسسهما قبل مائة عام الاقتصادي المصري طلعت حرب.
تزايد احتجاج ما يقرب من 8 آلاف عامل لصرف رواتبهم المتأخرة منذ أكثر 6 أشهر، ينذر بثورة جياع على أعتاب الشركتين خاصة بعد مطاردات العدالة لهم لتسديد الديون، كاميرا "دوت مصر" رصدت أحوال أحد عمال الشركة، في رحلة إلى مركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، حيث يعيش فيها الكثير من عمال "العقارية المصرية".
فهذا الأسطا كمال الذي يعاني من الشلل نتيجة تعرضه لجلطة، هجرته على إثرها زوجته نتيجة تراكم الديون وعجزه عن العمل، كما أجبر ابنته ذات 6 السنوات على ترك المدرسة لعدم قدرته على دفع مصاريف المدرسة.
رصدت كاميرا "دوت مصر" أيضا حالة "الأسطا" عبد الرزاق مجاور الذي تعرض لحادث، ولم تصرف له الشركة فواتير علاجه، رغم أنه لايمتلك "تأمين صحي" يلجا إليه، كما لم يتقاضى مرتبه هو وزملائه منذ أكثر من 6 أشهر.
أرسل العمال العديد من برقيات الاستغاثة العاجلة إلى كل من رئيس مجلس الوزراء والرئيس عبدالفتاح السيسي للتدخل، داعين رئيس الجمهورية إلى الاستماع لمشاكلهم التي عجزت الحكومات المتعاقبة بعد الثورتين على حلها، متسائلين: "هل يتحقق أمل العمال المقهورين لنحارب الفساد بحق ونساعد في بناء مصرنا الحبيبة"، موجهين رسالة إلى السيسي قائلين فيها: "ننتظر لفتة إنسانية".
وطالب العمال بفرعي الشركة العقارية المصرية بالقاهرة وشركة مساهمة البحيرة بالإسكندرية خلال برقية الاستغاثة، صرف رواتبهم المتأخرة منذ 6 أشهر وضمان انتظامها شهريا وإسناد أعمال لهم ومحاسبة المسؤولين عن الفساد المالي والإداري والخسائر التي لحقت بالشركة، وإقالة القيادات الفاسدة بالشركة القابضة وشركة مساهمة البحيرة، مؤكدين استمرار إضرابهم عن العمل حتى الاستجابة لمطالبهم.
وحول تفاصيل الأزمة، قال العاملون بالشركة إن الحكومة لم تسند لهم أي أعمال بعد تخصيص الشركة وتحديدا منذ عام 2003، وقد خصخصت الشركة العقارية بنظام اتحاد المساهمين من عمال الشركة، ومنذ خصخصتها لم تسند لهم أي أعمال وكانت تدخل المناقصات مع شركات قطاع خاص صغيرة.
وأضاف العمال إلى أن مطالبهم لا تتعدى هيكلة الشركتين وإسناد حجم أعمال يتناسب مع عدد العمالة المقدرة بالآلاف، وعزل رئيس الشركة القابضة المهندس سعيد طه لفشله في حل أزمة شركات استصلاح الأراضي التابعة للشركة القابضة، وكذلك حل جميع القيادات الفاسدة بالشركة.
وأشار العمال إلى أن متوسط مدة خدمتهم في الشركة من 38 إلى 20 عاما، وهي عمر خدمة أغلب العمال بالشركة إضافة إلى عشرات العمال الشباب الذين يعملون بعقود مؤقتة، ورغم ذلك فإن كافة المحالين إلى المعاش لا يستطيعون صرف مستحقاتهم.
"البنوك رفعت قضايا على العمال تطالبهم بسداد القروض".. هكذا قال حمدي محمد أحد عمال الشركة العقارية المصرية تأكيدا لعدم سداد إدارة الشركة لقروض البنوك رغم خصمها من رواتب العمال، وذلك منذ شهر أغسطس الماضي، لافتا إلى أن العمال مطاردون من قبل الدائنين نتيجة زيادة اقتراضهم لسداد متطلبات الحياة.
وعن تفاصيل لقاء وزير الزراعة بممثلي العمال، قال حسني جعفر، إن وزير التخطيط قدم للعمال وعدا بتشكيل لجنة برئاسة وزير التخطيط تنتهي أعمالها في مطلع هذا العام، حيث يتم فتح باب المعاش المبكر للعمال وتتولى رفع مذكرة إلى محلب بشان أجور العمال.
وأشار جعفر إلى أن وزارة الزراعة أصدرت قرارا بإسناد أعمال استصلاح 5 آلاف فدان بغرب المنيا لخمس شركات تابعة للشركات القابضة، مشددا على أن وزير الزراعة أبلغ العمال بعدم وجود ميزانية قائلا: "أنا معنديش أصرف لكم منين هرفع مذكرة لمجلس الوزراء يشوف لكم حل".
كان العمال قد تقدموا ببلاغ إلى النائب العام رقم 25207 يختصمون فيه رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزيري الزراعة والتخطيط ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة ورئيس الشركة العقارية المصرية ورئيس شركة مساهمة البحيرة، وذلك بعد تجاهل المسؤولين للعديد من الوقفات الاحتجاجية التي نظموها على أبواب مجلس الوزراء.