البنك الأوروبى لإعادة الإعمار لـ"أ ش أ": مصر على الطريق الصحيح نحو التحول الأخضر
وأشادت هينيركس - في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط - بما تحققه منصة "نوفي" التى تمثل برنامجا وطنيا للحصول على التمويل الميسر للتعامل مع قضايا التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ؛ قائلة "يدعم البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية محور الطاقة بمنصة "نوفى"، محور الربط بين المياه والغذاء والطاقة، مع الشركاء المصريين، والدول المانحة ونركز بشكل قوي على التحول بهذا المحور"؛ منوهة بتكهين مصر لبعض محطات الكهرباء القديمة التى تبلغ طاقتها الإجمالية 5 جيجاوات بسبب استهلاكها الكبير للوقود الحفرى واستبدالها بمصادر الطاقة المتجددة، ما جعلها من الدول الواعدة التى تتمتع بالقدرة على إجراء هذا التحول.
وكانت المديرة التنفيذية لمنطقة جنوب وشرق البحر المتوسط في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD هايكة هارمجرت قد أوضحت، خلال تصريحات سابقة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن البنك هو الشريك الأساسى لمصر فيما يتعلق بمحور الطاقة بمنصة "نوفي"، وأنه سيوفر للشراكة مع مصر بهذا المحور 1.3 مليار يورو لتمويل مشروعات الانتقال إلى الطاقة الخضراء والمتجددة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وحول دور البنوك متعددة الأطراف، ومن بينها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مساعدة قارة أفريقيا الأكثر معاناة من آثار تغير المناخ، على الرغم من كونها الأقل مساهمة في الانبعاثات المؤدية للاحتباس الحرارى، قالت "نرغب في دعم التحول الأخضر والطاقة المتجددة، ولذا نتطلع دائما إلى تمويل الطاقة الخضراء والمتجددة، ولذا فإن ما نستطيع القيام به هو إقامة مشروعات مثل محطات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكل ما من شأنه مساعدة الدول الإفريقية على توليد الطاقة النظيفة والتحول الأخضر، وعدم الاعتماد على الاستيراد، فنحن نعمل على التحول إلى الاستدامة ودعم قصص النجاح في هذا الإطار".
وأشارت إلى أنه بالنسبة لأفريقيا قد لا يتعلق الهدف بخفض الانبعاثات مثلما يسري هذا الأمر على الدول الصناعية الكبرى الأكثر إصدارا لهذه الانبعاثات المؤدية للاحتباس الحراري، لكنه يتعلق بتحقيق النمو للدول الإفريقية بطرق أكثر استدامة.
وعن استراتيجية البنك لدعم التحول الأخضر في دول عملياته حتى عام 2025؛ قالت "نسير وفقا لخطة سنوية تعتمد على قرار المساهمين، لكن البنك أعلن تخصيص 50% من تمويله لجميع دول العمليات للتحول الأخضر والمستدام سنويا".
وعن مدى واقعية هدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050 التي كان قد أقرها مؤتمر باريس للمناخ عام 2015، قالت "أعتقد أن علينا العمل على أن يصبح هذا الهدف واقعيا، ولذا علينا أن نوجه الاهتمام بالطبع إلى نزع الكربون عن الصناعات كثيفة الانبعاثات، واستهداف تقليل استخدام مصادر الوقود الأحفوري، واعتماد جميع التقنيات التي يمكن أن تشكل جزءا من الحل لإزالة الكربون تماما من الغلاف الجوي مثل تقنية carbon capture and storage المعروفة اختصارا بـ CCS أو احتجاز الكربون وتخزينه والتي تنفذ من خلال زراعة الأشجار وتغيير أساليب الزراعة التي تحبس الكربون في التربة، وبالتالي الحد من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وأضافت "في الوقت الحالي لم نصل بعد إلى ما نصبو إليه، ولكن لا بديل عن المضي قدما وتحويل هذا الحلم إلى حقيقة عبر التمويل المختلط من أجل الاستثمار في المزيد من التقنيات المبتكرة لخفض الانبعاثات، حيث يظهر القطاع التجاري بعض التردد بشأن الاستثمار في هذه المشروعات، ولا تعد المكاسب جاذبة بعد قياسا للمخاطر المبذولة وما إلى ذلك".
وحول مدى سهولة مهمة تحفيز القطاع الخاص نحو الاستثمار في المشروعات المستدامة والخضراء؛ قالت "إن هناك ضرورة ملحة لتعبئة وحشد رؤوس أموال القطاع الخاص قدر الإمكان، لأنه ما لم يحدث ذلك لن نصل إلى المعدلات المطلوبة لتمويل التحول المطلوب، فضلا عن أن هذا الحشد يعتمد بشكل كبير على البيئة التنظيمية في الدول، والتي يجب عليها أن تقوم بالدور المنوط بها من توفير الظروف المواتية من خلال طرح العطاءات لمشروعات الطاقة المتجددة، مما يجعلها قابلة للتمويل، والتي ما لم تكن كذلك فسيكون من الصعب على بنوك القطاع الخاص التجارية أن تشارك بتمويلها على سبيل المثال".
وأضافت "أعتقد أن القطاع الخاص يتحول شيئا فشيئا ليصبح متفهما للأمور، في الوقت الذي تزيد المعلومات المتاحة بشأن ما يعنيه الاقتصاد الأخضر، أو كيف يمكن اختيار البديل الأخضر لما هو معتاد، لكنها عملية مستمرة وممتدة ولم تنته بعد".
وحول ما شهده العالم من إسراع أوروبا لتأمين احتياجاتها من الوقود الحفري إثر اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية وافتقاد مصدر الطاقة الروسية، وهو ما يتناقض مع الدعوات الحثيثة للتحول الأخضر في باقي أنحاء العالم؛ قالت "إنها لا تعتبر هذا تناقضا بل تأخرا لأهداف التحول نحو التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ".. مضيفة "أرى في هذا الظرف فرصة حيث تدرك الدول أن عليهم التخفيف من اعتمادها على استيراد الوقود وتوليد الطاقة الكهربية من خلال المصادر غير المتجددة، ربما يشعرنا الحصول على الوقود الحفري بالقوة والأمن بشأن الطاقة، لكن هذا الشعور يتعزز لدينا بالطبع إذا استثمرنا من أجل الحصول على الطاقة من مصادر أخرى متجددة؛ مثل طاقة الرياح وهو مصدر مجاني حيث لا يمكن أن يخضع توفرها لمساومات سياسية.. ولديكم هذا النوع من الطاقة في مصر، لذا فإن مثل هذا النوع من الطاقة يوفر عنصري الأمان والاستقلالية عند الحصول على الطاقة المطلوبة، كما تساعد الطاقة المتوفرة على دعم الصناعة لتسد الدول احتياجاتها من السلع وتقلل اعتمادها على الواردات وتزيد من صادراتها".
واستثمر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية منذ بدء عملياته في مصر خلال عام 2012 أكثر من 10.2 مليار يورو دعمت تنفيذ 145 مشروعا، وجاءت مصر كأكبر دولة عمليات على مستوى منطقة جنوب وشرق المتوسط خلال عامي 2020 و2021 كما كانت أكبر دولة عمليات في عامي 2018 و2019، ويقوم البنك بعملياته في 71 دولة أعضاء.