قوانين عفا عليها الزمن.. "عقوبات مكافحة الدعارة" المصرية بـ"الليرة السورية"
ما يزيد عن 57 عاماً مرت على إنهاء الوحدة بين مصر وسوريا، التي بدأت بالإعلان عنها رسمياً في 22 فبراير 1958 كبداية لتحقيق حلم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، بتوحيد الأمة العربية. حيث تم اختيار القاهرة عاصمة للجمهورية العربية المتحدة، وتوحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة، وصدرت العديد من القوانين والمراسم والتشريعات لتطبيقها داخل الجمهورية العربية، كان من بينها قانون مكافحة الدعارة الصادر برقم 10 لسنة 1961.
انتهت الوحدة في 28 سبتمبر 1961، فيما ظل القانون سارياً حتى الآن، يحمل نفس الألفاظ والمصطلحات القانونية والعقوبات والغرامات التي تفرض على تسهيل أو ممارسة الدعارة، وهي المصطلحات التي تم استخدامها وقتها لتتماشى مع البلدين، فتجد العقوبة تكون أحياناً بالليرة، وهي العملة الرسمية لسوريا، فيما لم تلتفت البرلمانات المصرية المتعاقبة فيما بعد لإحداث أي تعديلات أو إقرار قانون جديد، إلا مؤخراً بمشروع تقدمت به إحدى النائبات، ولم ير النور بعد، ليصبح بذلك قانون مكافحة الدعارة أحد القوانين البالية التي تحتاج لإعادة النظر فيها، خاصة أن الغرامة بالجنيه المصري مازالت تقف عند 25 جنيهاً كحد أدنى، ولا تزيد عن 500 جنيهاً كحد أقصى للعقوبة.
قانون مكافحة الدعارة أحد القوانين البالية التي تحتاج لإعادة النظر فيها، خاصة وأن الغرامة بالجنيه المصري مازالت تقف عند 25 جنيهاً كحد أدنى، ولا تزيد عن 500 جنيهاً كحد أقصى للعقوبة.
في إحدى مذكراته الدفاعية التي تقدم بها للطعن على دستورية بعض مواد قانون مكافحة الدعارة، ذكر المحامي أحمد حسام، أن قانون مكافحة الدعارة جاء في 19 مادة عقابية تتضمن جزاءات مختلفة على جرائم غير متماثلة، حوت تلك المواد عبارات مثل الفجور والدعارة دون وضع أية تعريفات لها، الأمر الذي يتنافى مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي يستوجب أن تتصف نصوص التجريم بالوضوح وأن تبعد عن الغموض والالتباس.
نصت المادة 9 من القانون على أنه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 25 جنيها ولا تزيد على 300 جنيه في الإقليم المصري، ولا تقل عن 250 ليرة ولا تزيد على 3 آلاف ليرة في الإقليم السوري أو بإحدى هاتين العقوبتين، وعددت بعد ذلك التهم وهي كل من أجر أو قدم بأية صفة منزلاً أو مكاناً يدار للفجور أو الدعارة، وكل من اعتاد ممارسة الفجور والدعارة، وغير ذلك.
جاءت كل مواد القانون لتتحدث عن "الجمهورية العربية المتحدة" و "الليرة السورية" و "الإقليم السوري"
فيما تقر المادة 5 عقوبات على كل من أدخل إلى "الجمهورية العربية المتحدة" شخصا أو سهل له دخولها لارتكاب الفجور أو الدعارة، وتكون أيضاً بالجنيه المصري وبالليرة السورية، حيث جاءت كل مواد القانون لتتحدث عن "الجمهورية العربية المتحدة" و "الليرة السورية" و "الإقليم السوري"، بل وسمحت المادة 18 لوزير الشئون الاجتماعية والعمل في الإقليم السوري إيداع البغايا المرخص لهن من تاريخ العمل بهذا القانون بمؤسسة خاصة، وللمدة التي يراها مناسبة لتأهيلهن لحياة كريمة وتدريبهن على الكسب الشريف، وتعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور كل ممن تخالف ذلك، وذلك بعدما كانت الدعارة مقننة في الأراضي السورية.
تقول النائبة شادية ثابت، عضو مجلس النواب، والتي تقدمت بمشروع قانون جديد لمكافحة الدعارة في نوفمبر الماضي، إن مواد القانون الحالي أضحت عقوباتها ضئيلة ولا تتناسب مع حجم الجرم الذي يقوم به العاملين ممارسي ومروجي الدعارة والفسق والفجور، خصوصا وأن الغرامات الموقعة كانت قوية وقت إقراره حينما كانت قيمة الجنيه المصري أقوى أعلى بكثير مما هو عليه حاليا.
أضافت في تصريحاتها لـ"دوت مصر" أن البرلمانات السابقة لم تعمل على إقرار قانون جديد، وظل القانون الحالي معمولاً به، رغم تضمن مواده عبارات وعقوبات تتعلق بسوريا، وذلك بسبب إقراره وقت الوحدة المصرية السورية، وهو ما كان يستوجب تدخلاً من البرلمانات السابقة لتعديله.
هدف النائبة شادية ثابت، ليس فقط تعديل المواد التي تتضمن عبارات وعقوبات تتحدث عن سوريا والجمهورية العربية المتحدة، لكنها تريد كذلك تشديد العقوبات سواء كانت عدد سنوات السجن أو الغرامات، لتصل في بعض الجرائم إلى سنوات سجن لا تقل عن 7 سنوات، وغرامات لا تقل عن 500 ألف جنيه، بل وتضاعفها، إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر 21 سنة، كإجبار فتاة على ممارسة الدعارة.
ولأول مرة يتضمن مشروع القانون المقدم، إقرار عقوبة على راغبي المتعة، فيما يتم اعتباره وفقاً للقانون الحالي "شاهد ملك" ولا يتم معاقبته.
ولأول مرة يتضمن مشروع القانون المقدم، إقرار عقوبة على راغبي المتعة، حيث عاقبته المادة 11 منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 3 ألاف جنيه، فيما يتم اعتباره وفقاً للقانون الحالي "شاهد ملك" ولا يتم معاقبته.
ويعرف القانون الجديد "الدعارة" بأنها استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي، وممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز، بينما يعرف "الفسق والفجور" بأنه ارتكاب جرائم جنسية محرمة مثل اللواط، وزنا المحارم، والبهتان.
اقرأ أيضا:
ريا وسكينة النسخة الفرنسية.. «هنري لاندرو» محترف الفتك بالنساء في الوقت المناسب