في اليوم العالمى للمرأة.. حواء على باب القضاء :"أريد منصبا"
كانت تحلم وهي في صفوف الجامعة بيوم التخرج، حتى تسحب ملفها من الجامعة لتلتحق بالعمل فى النيابة العامة، وفور التخرج حملت ملفها لتحقيق الحلم، صدمها الموظف حين نظر إلى صورة بطاقتها، ليجدها أنثى وليس ذكرا، أعاد إليها بطاقة الرقم القومى من جديد دون أن يعلن الأسباب الرافضة لسحب ملفه، وظلت كلمة "ممنوع" تضرب فى رأسها وتصيبها بالإحباط.
المشهد السابق ليس من نسخ الخيال ولكنه حقيقة مرت بها ياسمين محمد محمود حسين، خريجة ليسانس الحقوق، والحاصلة على درجة الماجيستير، والتي تشرع في الوقت ذاته للحصول على درجة الدكتوراه في الإجراءات الجنائية، وهى تحكى مشكلتها لـ" دوت مصر"، عندما تقدمت للنيابة العامة للتعيين فيها فوجدت الرفض الذى يتقاطع مع طلبات مئات من الفتيات، اللاتي مازلن محرومات من الالتحاق بالنيابة العامة ومجلس الدولة.
تتابع ياسمين:" المشكلة الحقيقية التي نواجهها أن الدستور المصري نص في المادة الـ 11 على تولى المرأة المناصب في القضاء، ولكن السلطة التنفيذية هى من تمنع التحاقنا بمجلس الدولة في المناصب القيادية، على الرغم من أن القانون ينص على تعيين المرأة دون تمييز في المناصب القيادية"
تستكمل ياسمين رحلتها في الحصول على حقها، وهى ترفع مذكرة إلى رئيس الجمهورية لعرض مشكلتها، وهى تؤكد لـ" دوت مصر": " نفسي أقابل الرئيس في إفطار الأسرة المصرية وأعرض عليه مشكلتى ومتأكده أنه هيقف جمبى وجمب مئات من زميلاتى"
حلقات مفرغة
تضيف ياسمين أن مئات من الفتيات يقمن برفع دعاوى قضائية لأخذ حقهن في الالتحاق بالنيابة العامة، لكننا ندور في النهاية في حلقة مفرغة لأن القضاء لا يسمح لنا بذلك، يتوقف حلم "ياسمين" عن الكلام، ولكنه لا يتوقف عن السعي لتحقيق حلم الإلتحاق بالنياية العامة.
وسؤال يشغل البال، لماذا لا تمنح المرأة حق اقتحام القضاء في اليوم العالمي للمرأة، المستشارة تهاني الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقا، رفضت هذا السؤال، لأنه يمثل على حد تعبيرها نكرانا لأنه لجهود الدولة في إسناد المناصب القيادية للمرأة فى القضاء، لأن المشكلة فقط تكمن فى تعيين المرأة بالنيابة العامة ومجلس الدولة.
مصر سباقة فى القضاء
تستكمل تصريحاتها:" مصر سبقت الدول العربية في تعيين المرأة، ولدينا سالي السعيدى، كانت أول قاضية تنتدب لأمانة القضاء الآعلى، بناء على اقتراح المستشار ممدوح مرعى، وزير العدل الأسبق، بل لدينا 112 قضية تصدر أحكاما فيها النساء"
تضيف "الجبالى" في تصريحات خاصة لـ" دوت مصر": أتمنى أن يكون مسك الختام اقتحام المرأة كلا من النيابة العامة ومجلس الدولة، لأنها أحد المصادر القضائية في التعيين، وليست النيابة العامة كل القضاء".
إعلام غير منصف
واستطردت "الجبالى" أن الإعلام يتجاهل عرض النماذج النسائية التي اقتحمت القضاء، على الرغم من قانون السلطة القضائية يلزم يتعيين نسبة 25 % من القضاة دون تمييز، وهو ما طالت بتفعيله، وأن تفتح النيابة العامة بكل تخصصاتها أمام خريجات الجامعة، فلدينا 103 قاضية ونريد المزيد، وناشدت في الوقت ذاته رئيس الجمهورية بعدم اعتماد تعيين دفعات مجلس الدولة والنيابة العامة إلا بوجود عناصرنسائية بداخلها حتى نكسر هذا المنع، لأنه مخالفة صريحة لنص الدستور.
حق أصيل للمرأة
على جانب آخر لم تنكرسالى الجباس، المحامية ومديرة مؤسسة سيزا نبراوى للقانون بتقلد المرأة منصب القضاء بفضل جهود وصفتها بالعظيمة، لكونه حق أصيل للمرأة طبقا للدستور المصري الذي يحكم الوطن بأجمعه.
لكنها أكدت أن مصر جاءت متأخرة بين الدول العربية في هذا المجال، مقارنة بالدول العربية الأخرى، إلا أن التطور في هذا الملف يسير ببطء شديد للغاية، بل ظهر تعنت الجمعية العمومية لمجلس الدولة التي إنعقدت بشكل طارئ عام 2009 عقب مسابقة تعيين وصوتت بالإجماع على رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة، أعقبها جمعية أخرى قررت فيها إرجاء الأمر، ومنذ ذلك التاريخ والقضية جمدت بمجلس الدولة.
وأوضحت "الجباس" أن القضية الحقيقية ممثلة في عدد القاضيات و ليس عدم تعيين النساء كقاضيات، لأن أول قاضية كانت المستشارة تهاني الحبالى، والتي تولت منصب المحكمة الدستورية العليا في عام 2003 لتكون أول قاضية مصرية تتولى القضاء بالتعيين ، بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسة وزير العدل المستشار فاروق سيف النصر وعينت على منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا
تمثيل فى البرلمان وحرمان فى القضاء
لكن تلك الخطوة ليست كافية، ولكنها تحتاج إلى خطوات لاحقة، وخاصة في النيابة العامة ومجلس الدولة، فلا يعقل أن يكون هناك تمثيل رائع في البرلمان للمرأة، في الوقت الذي ما زال التمثيل النسائي في القضاء قليلا، مطالبة بفتح الباب أمام دخول دفعات من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، أو يمكن فتح الباب أمام دفعات جديدة من أوائل كلية الحقوق، وأوضحت أنه من غير المعقول حتى الآن لا توجد امرأة وكيل للنائب العام، في الوقت الذي يتواجد فيه القاضيات في جميع المحاكم بالجنح والمدني والتجاري ومحاكم الأسرة، ودوائر التعويضات، ودوائر الجنائية.
اقرأ أيضا
"الإرث" مكسب المرأة الوحيد في يومها العالمي وقانون الأحوال الشخصية محلك سر