التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 04:54 ص , بتوقيت القاهرة

فتحي والسعيد.. موال التجديد على نغم "سيكا"

حين ينتقل لاعب من الإسماعيلي للأهلي مباشرة، أو وقت أن يتعاقد الأهلي مع لاعب سبق له ارتداء قميص الدراويش،ثم انتقل إلى نادي آخر، كنا نرى القيامة تقوم في الإسماعيلية، رغم أن الأمور لا تسير بهذا الشكل حين ينضم لاعب من الإسماعيلي إلى الزمالك، فالانتقالات تتم بالـ "رضا" ولا نسمع ضجيجا ولا حتى مزيكا حزايني تعزف من مقام الـ"سيكا" .. هل تتذكر  "رضا سيكا" الذي انتقل من الإسماعيلية إلى ميت عقبة، وهو يصنف الديفيندر رقم "1" في مصر؟.


لكل لاعب طموح فني أو مادي، والحياة مراحل وأولويات يرتبها البعض وفق ظروفه..  انتقل إسلام الشاطر من الأوليمبي للإسماعيلي، وبركات من السكة للإسماعيلي، والنحاس وأحمد حسن من أسوان للإسماعيلي، وغيرهم من اللاعبين، هؤلاء جميعهم انتقلوا إلى الإسماعيلي لأسباب لا تحتاج فطنة: الإسماعيلي أكبر من أنديتهم الأولى، في الإسماعيلية مستوى تنافسي أكبر وأموال أكثر. ولأن الطموح متجدد دائما، اختار هؤلاء اللاعبين الارتقاء لناد أكبر من الإسماعيلي،  وقلت سابقا أن معظمنا حين يمر بمثل هذه الاختبارات يختار كما اختار هؤلاء اللاعبين، العرض الأفضل بالطبع.. هل ترفض عرضا بضعف أو ضعفي مرتبك في مؤسسة أكبر أو وضعها المالي أفضل من التي تعمل بها؟ .. حسنا لا تجزئ مبادئك، ولا تنكر على عبد الله السعيد وأحمد فتحي حق الاختيار.


هل تتذكر  "رضا سيكا" الذي انتقل من الإسماعيلية إلى ميت عقبة، وهو يصنف الديفيندر رقم "1" في مصر؟.


الجمهور عاطفي، ويحب ناديه أكثر من أي لاعب مهما بلغت قيمته، يؤمن الأهلاوية أن ناديهم فوق الجميع. قبل شهرين كان مستوى السعيد سيئا وطالبت الجماهير بإبعاده عن تشكيل الفريق، والآن نفس الجماهير غاضبة لعدم تجديده تعاقده، ذلك لأنهم يوقنون أن لا أحد فوق الأهلي، وأنه لا يجب أن يطلب الأهلي لاعبا ويرفض، ورغم أني أعتقد في نصف هذه العبارة الأول تماما، إلا أني لا أؤمن بنصفها الثاني، ذاك أن كل إنسان له حق الاختيار الذي تحكمه مصالحه ورؤيته الخاصة لمستقبله. 


بعض الإعلاميين تحدثوا عن "تخوين" السعيد وفتحي،  هذا فقط من أجل "لايكات" جماهير سذاجة تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا السعيد خائن ولا فتحي،  واللاعبان قدما للأهلي الكثير ولم يبخلوا بجهد أبدا، وأخذوا مقابل جهودهم وإخلاصهم أموالا ونجومية ووجاهة اجتماعية كبيرة، والأمر عرض وطلب، اللاعبان أمامهما عقود جديدة بأضعاف ما سيحصلان عليه من الأهلي، والحقيقة أن رفضهما لهذه العروض يحتاج مرحلة من الزهد ربما لا تجدها عند كثير من الصوفيين.


الأهلي يعود لنظامه وأسلوبه ومبادئه، التي نسيها جمهور "التواصل الاجتماعي" في السنوات السابقة


السعيد مثلا يمتلك عرضا بمليون دولار في الموسم الواحد، فهل يستطيع الأهلي دفع هذا المبلغ له والاحتفاظ به؟.. قولا واحدا نعم يستطيع، لكن الأمر له اعتبارات أخرى: أولا "الفتنة"، هل تضمن سكوت بقية اللاعبين وهم يعلمون أن زميلهم يحصل على 3 أضعاف ما يحصلون هم عليه؟.. ثانيا هل يتبقى في عمر السعيد بالملاعب ما يعطي الفرصة لتسويقه وتحقيق مكاسب مالية من ورائه؟.. لاحظ أن الاستثمار في اللاعبين بمصر يقتصر عادة على البيع والشراء، فعقود الإعلانات ليست بالقوة اللازمة، ولا تجني الأندية أموالا من بيع قمصان ومنتجات بأسماء اللاعبين كما يحدث في أوروبا. المقصود أن الأهلي دفع 35 مليون جنيه لشراء عقد صلاح محسن، لأنه لاعب صغير السن يمكن بعد عامين أو ثلاثة أن تبيع عقده بضعف أو ضعفي ما دفعته، فضلا عن أن الـ35 مليون جنيه لم يدخلوا حساب اللاعب، فمحسن يحصل على عقد تقل قيمته عن لاعبي الصف الأول في النادي حاليا.


الأهلي يعود لنظامه وأسلوبه ومبادئه، التي نسيها جمهور "التواصل الاجتماعي" في السنوات السابقة، فللأهلي ثوابته في التعاقدات، وهو مثل بايرن ميونيخ في ألمانيا يضع سقفا لتعاقداته لكن نظامه الصارم وثوابته تقوده دائما إلى منصات التتويج، أما ما يحدث في بقية أوروبا فمن يحدثنا عنه يأتينا بعقلية لا تسأل الـ"إتش آر" أو المحاسب يوم القبض عن مرتب فلان.


الخلاصة أن للسعيد وفتحي الحق في تتبع مصالحهما، وفقا لرؤيتهما الشخصية، وإن كنت شخصيا أرى أن بقاؤهما في الأهلي فيه نفع لهما أكثر من نفعهما للأهلي، ولكن أكرر أنني أؤمن تماما بحقهما في تقرير مصيرهما، ومن حق الأهلي أيضا أن يحدد سياساته التعاقدية وثوابتها، دون النظر إلى المهووسين في مواقع التواصل وأمام الشاشات والميكروفونات.


للتواصل مع الكاتب اضغط هنا


المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع 


اقرأ أيضا:


فتحي والسعيد.. نظرية المثلث !