الدعم.. ماذا يحدث فيه؟.. ولماذا لا يشعر المواطن بالمليارات التي تنفقها الدولة عليه؟.. الحكومة تعلن من آن لآخر أرقاما بالمليارات زيادة في قيمة الدعم، بالتزامن مع ذلك يشكو المواطن عدم وصول الدعم... فماذا يحدث هناك؟

الحقيقة أن مسألة الدعم ستظل تحتمل الجدل المتعلق بمدى فائدتها، طالما أن هناك من يسرق قوت الفقراء، ولن يشعر المواطن بالمليارات التي تنفقها الدولة في هذا الاتجاه، طالما هناك آخر – مواطنا كان أو مسئولا – ينتظر حقه ليسرقه، ويتلاعب بمقدراته.

"دوت مصر"، ينشر رصد سريع للقضايا التي سقط فيها متلاعبين بأموال الدعم، سواء كان بطاقات تموينية، أو غير ذلك من السلع التي تدعمها الدولة، ويواجه المواطن فيها مشكلات مستمرة، مع نشر أرقام حقيقية أنفقتها الدولة فعليا على دعم السلع في الآونة الأخيرة، فضلا عن رصد عدد مستحقي الدعم في مصر ومن تشملهم مظلته.

الدولة تعلن زيادة 9 مليارات
بزيادة بلغت قيمتها 9.2 مليار جنيه، ارتفع إجمالى الدعم المقدم من الدولة إلى 30.1 مليار جنيه خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام المالى الحالى "الفترة من يوليو – أكتوبر 2017/2018"، بعد أن سجل 20.9 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام المالى الماضى "يوليو – أكتوبر 2016/ 2017".

13.7 مليار جنيه دعم السلع التموينية
وبحسب الأرقام التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى تقرير حديث صادر عنه خلال شهر فبراير الجارى، بلغت قيمة دعم السلع التموينية خلال أول 4 أشهر من العام المالى الحالى 13.7 مليار جنيه من القيمة الإجمالية للدعم، مقابل 8.1 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام المالى السابق.

فيما بلغت قيمة دعم السلع البترولية خلال الفترة المشار إليها من العام المالى الحالى 2017/ 2018 نحو 8.3 مليار جنيه.

وحصلت مؤسسات مالية وحكومية على دعم بقيمة 300 مليون جنيه من إجمالى قيمة الدعم المقدمة من الدولة خلال أول 4 أشهر من العام المالى الحالى، بينما بلغت قيمة الدعم المقدمة لهيئات أخرى نحو 12.3 مليار جنيه.

 60 مليون مواطن يحصلون على دعم الخبز

جدير بالذكر أن 60 مليون مواطن  يحصلون على دعم الخبز مكونة بطاقاتهم من 4 أفراد ما يعني حصول أغلب الأسر المصرية على 16 رغيفا مدعما يوميا أو ما يقابلها من النقاط بواقع 3.20 جنيه يوميا.

وتستهلك مصر سنويا نحو 14. 6 مليون طن من القمح بينها 9.6 مليون طن مخصصة لإنتاج الخبز المدعم، حيث تعد مصر أكبر دول العالم استيرادا للقمح بما يتبعه من تدبير لاعتمادات غير مسبوقة تستنزف رصيد البلاد من العملة الصعبة.

وزارة التموين شددت على التزامها الكامل باستمرار دعم الخبز وتوفيره من خلال 30 ألف مخبز بإجمالي إنتاج يصل إلى 300 مليون رغيف يوميا ليباع بـ5 قروش لكل مواطن، وكذا صرف السلع التموينية وفقا لنظام النقاط المستهدف مضاعفته إلى 20 قرشا عن كل رغيف.

سارقو قوت الفقراء في القبة وكرداسة والإسكندرية

رصد سريع لأهم القضايا التي ضبط فيها متلاعبين بأموال الدعم وسلعه، نمد القارئ فيه بأبرز القضايا التي تلاعب فيها المتهمون بملايين الجنيهات، وليس أرقام صغيرة لمخالفات أخرى لم تكتشف بعد، وبعضها اكتشف، لكنه يقف عند حد آلاف الجنيهات، غير أن كل هذه الحالات تجمع لنا في الأخير رقما ضخما، يخصم من رصيد الدولة، ويسلب المواطن حقه في دعم السلع.

القضية الأولى التي نتناولها في هذا الرصد، هي القضية رقم 1912 لسنة 2015 بحدائق القبة ومكتب تموين النزهة وتموين القاهرة عقب فحص العمليات الصادرة من الماكينة الخاصة بالبدال التمويني وهو "ب ,أ,م,ج"، كشفت أن البقال استولى على عدد بطاقات تموينية عقب صدورها من الشركة  بالاتفاق مع المسئول عن تسليم البطاقات.

مذكرة الفحص التي أعدتها لجنة مشكلة بقرار وزاري، كشفت عن صرف المقررات التموينية التابعة لإحدى الشركات، للاستعلام عن بيانات البطاقات التي تم التلاعب من خلالها والاستيلاء على الدعم المخصص لها من قبل البدال التمويني وتم اكتشاف ذلك التلاعب بالاستعلام عن تاريخ العملية الخاصة بالبطاقات الذكية "المربوطة" علي البدال التمويني "م،ج،م" وتبين أن هذا البدال يحتفظ بأكثر من 50 بطاقة يقوم بصرفها مقرراتها التموينية ومازالت ذلك البطاقات تقوم بصرف السلع حتي الآن.

500 بطاقة تموينية لم يستلمها أصحابها، كانت على موعد مع استغلال سارقي قوت الفقراء، ومن خلالها تم الاستيلاء على 100 ألف رغيف فى 3 أشهر، وسلع تموينية قاربت قيمتها النصف مليون جنيه.

مليون و300 ألف من أموال الدعم

في العام المنصرم 2017 تمكنت الإدارة العامة لمباحث التموين والتجارة، من ضبط مالك مخبز، ويمتلك محل بدال تمويني بمنطقة مدينة نصر، لاستيلائه علي مليون و300 ألف جنيه من أموال الدعم.

وتمكن البدال من ذلك، عن طريق التلاعب في نظام تشغيل ماكينات البطاقات الذكيه الخاصة بمنظومة الخبز واختراق نظام تشغيل الشركه المنفذة "سمارت"، مستخدما "فلاشة" تتيح له الاستيلاء على المال العام وجمع المعلومات، تحصل من وراء تجارته الحرام على ممتلكات قدرت قيمتها بـ 21 مليون جنيه تقريبا.

في منطقة كرداسة، سقط متخصص تسويات مالية بشركة "سمارت" المسئولة عن منظومة الخبز ومتابعة تشغيلها، لاقتطاعه جزءا من مستحقات أصحاب المخابز لنفسه، حتى بلغت إجمالى الأموال المختلسه مليون و200 ألف جنيه.

وكيل الوزارة يتلاعب ويسرق البطاقات

أما أهم القضايا في الفترة الأخيرة بهدذا الشأن، فتمثلت في ضبط وكيل وزارة التموين بالإسكندرية، بسبب تلاعبه في 10 آلاف بطاقة تموينية.

وشهدت الواقعة ضبط " م .ع " وكيل وزارة التموين بالإسكندرية و 2 من الموظفين هم مسؤل الخزينة وموظف الذين يخضعون للتحقيق حاليا تطورات جديدة فى واقعة ضبطهم بـ 10 آلاف بطاقة تموينية بالمديرية ، والتى كان من المفترض أن يتم توزيعها على الإدارات التموينية تمهيدا لتسليمها الى المواطنين ، أو جمع البطاقات القديمة من الإدارات التموينية وتسليمها الى الوزارة.

ما سبق كان رصدا سريعا لأهم القضايا التي سقط فيها متهمين بالتلاعب في أموال الدعم، بالتزامن مع إعلان الحكومة زيادته بمقدار 9 مليارات جنيه في 4 أشهر، ما يؤكد أن المسألة لا تتعلق بقدر الدعم وحده، بل هناك مشكلات أخرى مجتمعية، تجعل ضعاف النفوس يطمعون في أموال الفقراء، ما يستدعي المزيد من الإجراءات لوقف هذه الظاهرة السلبية، حتى يتحقق الغرض من الدعم، وتأتي مليارات الدولة في هذا الشأن ثمارها.

"حرامية الدعم".. هل تستطيع 3 جهات رسمية ردع سارقي قوت الفقراء؟