"الهوا في أزايز".. كيف ربط العلماء بين قوة الاعتقاد والجسد في العلاج
"ماهو الأكثر مقاومة من الطفيليات البكتيريا، الفيروس، والدودة الشريطية ؟، الإجابة الفكرة .. الفكرة هي الأكثر مقاومة، فبمجرد أن تستقر الفكرة في الذهن، فإنه يكاد يكون من المستحيل القضاء عليها، فإذا وصلت الفكرة إلى الوضوح، إلى النضج، فقد وجدت مكانها في العقل، ويصعب خروجها "، جاءت هذه المقولة على لسان ليوناردو دي كابريو من خلال الفيلم العالمي "inception".
فكرة فيلم "inception" لا تختلف كثيرًا عن الفكرة التي نتحدث عنها، وهي علاقة الجسد والعقل، وكيف يهيمن العقل الباطن في هذه العلاقة، ويظهر ذلك في كثير من المواقف، ولكن سوف نتناول علاقة بعينها وهي تأثر المريض بقناعات العقل.
تم الكشف عن تلك العلاقة عن طريق "البلاسيبو" أو "العلاج الوهمي"، وهو العلاج ببعض الأدوية، التي لا تحتوي على أي عناصر تفاعلية أو علاجية ولا يوجد لها أي تأثير على الإطلاق، مثل إعطاء المريض بعض "حبات السكر" كونها علاج من مرض ما، أو كالطريقة التي ابتكرها بعض أطباء ولاية تكساس في إجراء العمليات الجراحية الوهمية، وأطلق عليها جراحة "اللاشئ".
من هذه التجارب وعن طريق إعاشة المريض في حالة كاملة من الأحداث كأنها حقيقة، حيث يتم تخديره بشكل حقيقي وإحداث جرح بسيط في المكان المراد علاجه، وخياطته بعد ذلك دون فعل أى شئ في المكان المصاب، أكتشف العلماء حقًا أن تهيئة عقل المريض أنه تم علاجه تساعده حقًا في الشفاء، وأثبت العلماء أن الاعتقاد يمثل 30% من أي علاج.
فكرة العلاج الوهمي تم ابتكرها من قبل طبيب تخدير يدعي "هنري بتشر، في عام 1955، من خلال إجراء العديد من الأبحاث والدراسات، حول كيفية علاج الأمراض بمواد غير فعالة دوائيًا، وأكد من خلال هذه الدراسات أن 35% من الحالات المرضية، قد تم شفائها بالفعل من خلال العلاج بالوهم، وهو ما أثار حال من الجدل والشكوك الواسعة بين الأطباء والعلماء في ذلك الوقت، وقام العديد برفض الفكرة والتشكيك بها.
لكن لم يتوقف هذا الحدث إلى هنا وفي عام 2011، قامت جامعة هارفارد الأمريكية بإجراء دراسة نجحت في إثبات صحة تلك النظرية، مؤكدة أن "الوهم" بطل رئيسي في شفاء كثير من الحالات المرضية، عن طريق إحداث تغييرات في العمليات الكيميائية في المخ.
نجح "العلاج الوهمي" في تخطي فكرة العلاج من الأمراض الجسدية، ليصل إلى الأمراض النفسية أيضاً، حيث رأى أطباء النفس أن فكرة "البلاسيبو" في الأساس قائمة على "ظاهرة نفسية" لذلك يمكن استغلالها في علاج الأمراض النفسية.
وتأكد كلام هؤلاء العلماء عند إجراء تجربة على ارض الواقع، على احد مصابي مرض "الاكتئاب"، وذلك عن طريق إعطائهم حبوب دواء وهمية، وشخص أخر ممن يعاني من هذا المرض أيضًا ولكن يتم إعطائه حبوب حقيقية، وجدوا تحس الشخصين بنفس الشكل والمستوي.