"زعاريد" ترج المكان، الطبول تدق بألحان مختلفة، وتصفيق الحضور يشعل لهيب الأجواء، الجو يبدو باردًا في ليالي الشتاء، لكن بمجرد "الرقص" وسط هذا الجو تبدأ سريعًا في الشعور بالدفء، الأصدقاء والجيران يتدفقون، والسهرة "شكلها صباحي"، المشهد السابق تجسيد مُختصر لليلة "الحناء"، التي يحتفل خلالها العروسان بالزواج، ويستعدون أيضًا لليلة التالية "الزفاف"، أو كما تلقب بليلة العمر.

الزواج واحد من الطقوس التي لا يمكن أن تكتمل الحياة بدونها، فمع اختلاف الجنسيات والديانات أيضًا اتفقت أغلب البشرية على أن الزواج "سنة الحياة"، وفي الفترة الأخيرة  أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء، أن عدد عقود الزواج خلال عام 2017 بلغت 938.526 ألف عقد، مقـابل 969399 عقدًا عن العام السابق، بنسبة انخفاض قدرها 3.2%، دون توضيح الأسباب، وفي الوقت الذي تتراجع فيه معدلات الزواج، يظل عدد كبير من محافظات مصر متمسكة بعاداتها وتقاليدها الخاصة في "ليلة العمر"، والتي تعود إلى عشرات وربما مئات السنين، نستعرض عددا منها خلال السطور التالية.

7 أغنام للعروسة

لكل محافظة طقوسها الخاصة في الاحتفال بالعرس، وفي بعض قرى محاظة الشرقية، يقدم العريس 7 أغنام للعروسة، كما تقدم أسرة العروسة للعريس "المسلوقة"، وهي عبارة عن "عيش مخبوز".

المهر 5 جمال

من المعروف أن أهالى سيناء لهم طقوسهم الخاصة في الاحتفال بالزواج، فربما طبيعة أرض الفيروز والمعيشة هناك تختلف تمامًا عن الـ26 محافظة الباقية، فالعريس هناك لا بد أن يقدم لابنة العم في ليلة زفافهما مهرًا يتراوح ما بين جمل إلى خمسة جمال، وإذا لم تكن العروسة ابنة عم العريس يكون مهرها  من 5 إلى 20 جملًا، حسب مقدرة العريس،  وفي يوم الزفاف ينحر أهل العريس الذبائح من الغنم لأهل الفرح عند باب البرزة (الخيمة التي يتزوجون فيها وتكون بمثابة منزل)، ويقضي العروسان أسبوعا بداخلها، ثم تذهب العروس مع أهل العريس إلى منزلهما الجديد.

طلاء المقابر بالحناء

ومن سيناء إلى محافظات قبلي، فالصعيد له طباع أخرى، لعل أشهرها ما يقوم به الأهل في محافظة قنا وبالتحديد في مركز قفط، حيث يتم وضع قدم العروس ليلة الحناء في برسيم مخلوط بحبيات السكر، اعتقادًا منهم بأن ذلك يجعل حياة نجلتهم سعيدة.

المثير أن الأمر في هذا المركز لا يتوقف فقط على ذلك، حيث يتم طلاء الحناء على جدران المقابر، عقب الانتهاء من ليلة الحناء، حتى تطيل عمر الزيجة.

زواج البنت من العائلة فقط

وبالانتقال إلى حلايب وشلاتين، الواقعتين جنوب البحر الأحمر، يحتفظ أهل هذه المنطقة بالعادات والتقاليد القبلية نظرًا لوجود العديد من القبائل، على رأسها قبائل العبابدة والبشارية، ففي الصغر تتم الخطبة، وأحيانا منذ الميلاد، أما عن المهر فيكون عبارة عن مجموعة من الإبل التي تناسب الطرفين، والذي يعد واقعًا متعارفًا عليه.

الغريب أن الزواج للفتيات هناك لا يتم إلا من داخل نسل العائلة الواحدة، فلا تتزوج "البنت" من عائلات غريبة، ويسمح لها فقط بالزواج من ابن عمها أو أحد أقاربها، أما الولد فله أحكام أخرى حيث يحق له الزواج من عائلات أخرى كما يشاء.

الاغتسال في النيل

يعد نهر النيل، أهم اهتمامات أهل النوبة في ليلة الزفاف، حيث يتعين على العروسين أن يهبطا إليه في ليلة العمر، ويغتسلا بمياهه أملا في جلب الخير وإنجاب عدد أكبر من الأطفال، كما يعاشر الزوج زوجته بمنزل عائلتها لمدة عام على الأقل، ومن ثم ينتقلون لمنزل عائلة زوجها.

اقرأ أيضًا..

"حسين الشافعي".. النائب المجهول في مسيرة "ناصر" وحكم "السادات"

فستان فرح أسود وليلة الدخلة عند العروسة.. مالا تعرفه عن الزواج في النوبة